بنك المغرب المركزي يضخ 990 مليون دولار في خزائن المصارف للحد من آثار الأزمة العالمية

المغرب في منأى عن الأزمة على المستوى المالي لكن على المستوى الاقتصادي سيتأثر

عبد اللطيف الجواهري
TT

أعلن مجلس بنك المغرب (المصرف المركزي) أول من أمس، في الرباط، عن اتخاذه لمجموعة من القرارات، منها الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي 3.25 في المائة، وتخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي بنقطتين مئويتين انطلاقا من أول يوليو (تموز) المقبل.

وقال عبد اللطيف الجواهري، والي (محافظ) بنك المغرب، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي، عقب الاجتماع الفصلي لمجلس البنك، إن قرار تخفيض معدل الاحتياطي النقدي بنقطتين ليصل إلى 10 في المائة، يهدف إلى مواجهة «العجز البنيوي في السيولة البنكية».

وأضاف الجواهري قائلا: «لقد وصلنا إلى مرحلة تأكيد العجز البنيوي في السيولة البنكية مما يفرض قرار ضخ مبلغ يتراوح بين سبعة مليارات درهم (860 مليون دولار) وثمانية مليارات درهم (990 مليون دولار) في خزائن المصارف المغربية ابتداء من أول الشهر المقبل».

وذكر الجواهري أن تدخلات بنك المغرب في السوق المالية بلغت 11 مليار درهم (1.36 مليار دولار) خلال الفصل الأول من سنة 2009 قبل أن تصل إلى 20 مليار درهم (2.46 مليار دولار) مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي.

وأكد أن بنك المغرب سيضع السيولة المطلوبة رهن إشارة البنوك، وفقا لاحتياجاتها، وذلك بهدف «دعم النشاط الاقتصادي والحد ما أمكن من نتائج الأزمة العالمية»، مشيرا إلى «أن نظام الصرف المالي بالمغرب جعلنا في مأمن من تسرب أو نقل الأزمة المالية العالمية من الخارج إلى الداخل»، حسب قوله.

واعتبر والي (محافظ) بنك المغرب أن المغرب في منأى عن الأزمة على المستوى المالي لكن على المستوى الاقتصادي، لا يمكن إلا أن يتأثر، وخصوصا من خلال بعض القطاعات، مثل الصادرات، وتحويل إيرادات المهاجرين المغاربة وغيرها.

وقال الجواهري إن ذلك يقتضي نوعا من تتبع الأزمة في تداعياتها على الصعيد الاقتصادي، مؤكدا «أن الحكومة المغربية اتخذت سلسلة من التدابير لتفادي الانعكاسات السلبية للأزمة العالمية على الوضعية الداخلية». وقال: «هناك من يتوقع الخروج من دائرة الأزمة العالمية، بداية سنة 2010، وهناك من يتوقع الانفراج بعد مرور ستة أشهر منها».

وعبر الجواهري عن اعتقاده بأنه في وسع بلدان المغرب العربي أن تواجه آثار الأزمة الاقتصادية العالمية بشكل أفضل إذا استطاعت أن تعمل في ما بينها في إطار تجمع اقتصادي، مذكرا بمشروع إنشاء بنك مغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية يكون مقره في تونس، وافقت عليه جميع مكونات الاتحاد المغربي، عدا دولة واحدة لم يذكرها، مما جعل الصعاب والعراقيل تنتصب في طريق تحقيقه.

وأشار الجواهري إلى أنه في إطار محاولات تفادي هذه العراقيل، تم بذل بعض الجهود، ومنها عقد البنوك المركزية المغاربية عدة اجتماعات مع صندوق النقد الدولي، مما أعطى انطلاقة للتعاون المالي في المنطقة المغاربية، خاصة بين المغرب وتونس، في تجربة نموذجية، داعيا باقي بلدان المغرب العربي إلى الانخراط في دعم أسس التعاون الإقليمي في هذا المجال.

وردا عن سؤال بخصوص تعامل المغرب اقتصاديا مع إسرائيل، أكد الجواهري أنه «لا علم ولا رقم» لديه يخص هذا الموضوع.

إلى ذلك ذكر بيان لمجلس بنك المغرب عقب اجتماعه الفصلي أن نسبة التضخم بلغت في شهر أبريل (نيسان) الماضي 2.6 في المائة، و3.6 في المائة في مارس (آذار) و3.8 في المائة في فبراير (شباط) و4 في المائة في يناير (كانون الثاني). ويعكس هذا التطور الأخير للتضخم، في منظور بنك المغرب، استمرار تراجع الأسعار العالمية للمواد الأساسية، وكذا انخفاض الطلب الموجه للمغرب ارتباطا بتدهور النشاط الاقتصادي لدى أبرز الشركاء التجاريين للمغرب، كما يعزى بدرجة أقل إلى تباطؤ وتيرة نمو الطلب الداخلي.

واعتبر مجلس بنك المغرب أنه في هذا المناخ من المتوقع أن يتواصل انتقال انخفاض الأسعار العالمية إلى الأسعار الداخلية إلا أن تقلب أسعار المواد الأولية خاصة النفط يشكل مصدرا من مصادر عدم وضوح الرؤية.

بيد أن مجلس بنك المغرب توقع أن تتراوح نسبة النمو الاقتصادي ما بين 5 و6 في المائة سنة 2009، وهو مستوى مماثل لنسبة النمو المسجلة سنة 2008.

واعتبر في نفس البيان أنه وخلافا للتوجه الملاحظ خلال السنوات الأربع الأخيرة، تراجع نمو القطاع غير الفلاحي إلى 1.9 في المائة في الفصل الرابع من سنة 2008.

وأشار إلى أنه لا يتوقع أن يتجاوز نمو هذا القطاع 2 في المائة خلال الفصل الأول و3 في المائة بالنسبة لمجموع سنة 2009، وذلك بعد أن بلغ 4.2 في المائة سنة 2008 و6.5 في المائة سنة 2007.

وأكد بنك المغرب أن تداعيات الظرفية الاقتصادية الدولية الصعبة تنعكس على الاقتصاد الوطني، من خلال القنوات الحقيقية للاقتصاد، المتمثلة على الخصوص في الصادرات من السلع والخدمات وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج.

وأشار إلى أن نتائج بحث الظرفية، الذي يعده بنك المغرب، حول القطاع الصناعي لشهر أبريل (نيسان) تؤكد تراجع الطلب، خاصة الطلب الخارجي، وهو ما يتجلى من خلال المستوى المنخفض لنسبة استخدام الطاقة الإنتاجية.

وقد قام المجلس خلال اجتماعه بدراسة واعتماد التقرير السنوي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية الوطنية، وكذا حول أنشطة البنك برسم سنة 2008، الذي سيقدم إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس.