هوندا: تطوير الخبرة الممتازة في السوق العالمية

بينما تفلس الأميركية.. تنجح اليابانية

TT

في الوقت الذي هبط فيه إنتاج شركات السيارات الأميركية، وأعلنت بعض الشركات الإفلاس، تحقق مصانع شركات السيارات اليابانية في الولايات المتحدة نجاحات كبيرة. وأشادت باتريشيا مودي، مؤلفة كتاب «هوندا: تطوير الخبرة الممتازة في السوق العالمية» بنجاحات شركة «هوندا»، وقالت إنها تعود إلى «بناء قاعدة عرض لمواجهة طلب كبير من السوق الأميركية. وأنها تركز على تقديم مبادرات تكنولوجية لكسب المستهلك، وليس الانتظار لردود فعل من المستهلك».

وقدم الكتاب، الذي اشترك في كتابته ديف ويلسون، وريك مايو، قصة نجاح «هوندا»، من شركة يابانية صغيرة إلى شركة عملاقة في السوقين الأميركي والياباني، وفي أسواق أخرى. في الأسبوع الماضي، مرت خمسون سنة على دخول «هوندا» السوق الأميركية. يوم 11 ـ 6 ـ 1959، فتح «أميركان هوندا موتور» أبوابه في تورانس (ولاية كاليفورنيا). في البداية، ركز المكان على بيع سيارات شحن والدراجات النارية. وكان يعمل في المكان عشرون شخصا. اليوم، يعمل في مكاتب ومصانع «هوندا» في الولايات المتحدة ثلاثون ألف شخص تقريبا. وتملك عشرة مصانع في الولايات المتحدة، ينتج واحد منها سيارات هجين، التي تعتمد على الكهرباء وبنزين أقل، ولا تلوث البيئة تلويثا كثيرا. وكانت «هوندا»، في سنة 2001، فتحت أول مصنع في الولايات المتحدة. في لنكون (ولاية الاباما. على مسافة خمسين ميلا شرق بيرمنغهام). وغطى هجوم 11 سبتمبر، الذي سبق الافتتاح بشهر، على هذا الحدث الهام، الذي كان مثل «هجوم» تكنولوجي ياباني على أميركا. وبعد ذلك بخمس سنوات، سنة 2006، أنتجت الشركة السيارة رقم مليون. وقبل شهر، أعلنت «هوندا» أنها، قبل نهاية هذه السنة، ستبدأ صناعة سيارة «اكورد» في الولايات المتحدة. وهي الآن تصنع سيارات «بايلوت» و«اوديسي».

لماذا اختارت «هوندا» لنكون (ولاية الاباما) لبناء هذا المصنع؟

لأنها تقع في ريف بعيد في الجنوب، ولم يكن عدد سكانها يزيد عن أربعة آلاف شخص، ثلثهم سود والثلثان بيض. واختارت «هوندا» لنكون للأسباب الآتية:

أولا: اختارت منطقة فقيرة لتدفع رواتب أقل للعاملين فيها. ثانيا: اختارت منطقة فقيرة لتقدم مساعدات إنسانية تعكس وجه «الرأسمالية الإنسانية».

ثالثا: اختارت منطقة لا توجد فيها نقابة للعمال، ثم، في وقت لاحق، منعت عمالها من تأسيس نقابة.

وتعمدت اختيار اسم «شركة هوندا الصناعية في الاباما»، لا «في الولايات المتحدة». وهدفت الابتعاد عن الجدل عن الوطنية الأميركية والوطنية اليابانية.

وأشار الكتاب إلى أغنية أميركية مشهورة: «سويت هوم الاباما» (الاباما الوطن الجميل). وهي أغنية قديمة، من سنة 1973 لفرقة «سكاي نارد»، عن رجل ترك الولاية الفقيرة، وهاجر إلى المدينة، ثم حن إلى الولاية، وإلى الحبيبة التي كان تركها هناك.

وقال الكتاب: «يمكن أن تكون الأغنية النشيد الوطني لشركة «هوندا».

لكن، سبقت شركة «مرسيدس» شركة «هوندا» إلى الاباما، حيث لها مصنع في توسكالوسا، كلف أربعمائة مليون دولار، وعلى مسافة مائة ميل فقط.

وأيضا، سبقت شركة «تويوتا» شركة «هوندا»، ليس إلى ولاية الاباما، ولكن إلى برنستون، في ولاية انديانا القريبة. وهي، أيضا، من ولايات الجنوب الفقيرة، ولا توجد فيها نقابات عمال.

وأيضا، سبقت شركة «نيسان» شركة «هوندا»، ليس إلى ولاية الاباما، ولكن إلى سميرنا، في ولاية تنيسي القريبة. وهي أيضا من ولايات الجنوب الفقيرة، ولا توجد فيها نقابات عمال.

كلف مصنع «هوندا» الأول أكثر من أربعمائة مليون دولار. وحجمه أكثر من مليوني قدم مربع، ويعمل به ألفا عامل تقريبا، وينتج أكثر من مائة ألف سيارة كل سنة.

لكن، عكس المصانع الأخرى في المنطقة، ينتج مصنع «هوندا» محركات يرسلها إلى مصانع في كندا والمكسيك، وفي دول مصانع أخرى. بل يرسلها إلى اليابان، لأن تكلفة بناء ماكينة سيارة في الاباما أقل كثيرا جدا منها في اليابان.

غير العمالة الرخيصة وعدم وجود نقابات عمال، بنت «هوندا» والشركات اليابانية الأخرى مصانع في أميركا لسببين آخرين يخصان اليابان:

أولا: ارتفاع تكاليف إنتاج السيارة في اليابان. ثانيا: انخفاض المبيعات في اليابان.

ولهذا، صارت «هوندا» تبيع في السوق الأميركية أكثر مما تبيع في السوق اليابانية.