أوغوستان دو رومانيه لـ «الشرق الأوسط»: نرحب بانضمام الصناديق السيادية الخليجية

ولادة «نادي المستثمرين على المدى البعيد» في باريس

أوغوستان دو رومانيه («الشرق الأوسط»)
TT

يعقد في باريس يوم الاثنين القادم في فندق جورج الخامس مؤتمر مالي ـ اقتصادي دولي بدعوة من «نادي المستثمرين على المدى البعيد» الذي رأى النور أخيرا وبمشاركة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الغربية. ويشارك في المؤتمر، الذي يمتد ليوم كامل، عشرات المسؤولين الماليين من القطاعين العام والخاص وعدد من حائزي جائزة نوبل في الاقتصاد والخبراء الاقتصاديون عبر العالم بما في ذلك مسؤولون عرب وخليجيون ولا سيما في الصناديق السيادية والمستثمرون. والخيط الجامع بين الحاضرين يختصره عنوان المؤتمر الذي يركز على الاستثمار بعيد المدى والاستقرار الاقتصادي.

ويأتي المؤتمر بين موعدين أساسيين: الأول، قمة العشرين الاقتصادية والمالية التي التأمت في لندن في الثاني من شهر أبريل (نيسان) الماضي والثاني قمة دول الثمانية الأكثر تصنيعا التي ستنعقد ما بين الثامن والعاشر من يوليو (تموز) في أكيلا، إيطاليا.

ويمثل مؤتمر باريس أول نشاط عالمي لنادي المستثمرين على المدى البعيد الذي كان أوغوستان دو رومانيه، مدير عام صندوق الودائع الفرنسي وراء إطلاقه. وظهر النادي إلى العلن في 20 أبريل (نيسان) الماضي عندما انضم مسؤولو ثلاث مؤسسات مالية أوروبية رئيسية إلى دو رومانيه لإعلان ولادة النادي المذكور في مقر صندوق الودائع. والمؤسسات الثلاث هي: صندوق الودائع للبنك الأوروبي للاستثمار، وصندوق الودائع الإيطالي، وصندوق الودائع الألماني. والتقت «الشرق الأوسط» أوغوستان دو رومانيه الذي يرأس أيضا صندوق الاستثمار الاستراتيجي الفرنسي الذي كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وراء إنشائه. وأعلنت ولادة الصندوق في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي ويملك صندوق الودائع نسبة 51 في المائة منه بينما تملك الدولة النسبة الباقية. يقول دو رومانيه إنه بدأ العمل على إنشاء النادي منذ شهر يوليو (تموز) 2007 أي قبل الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد المالي العام الماضي. ويرى دو رومانيه أن العنصر المكون للمؤسسة المالية التي يديرها «صندوق الودائع» هي كونها «مستثمر مؤسساتي بعيد المدى» ولذا كان «من الطبيعي» التوجه إلى مؤسسات مشابهة للقيام بعمل جماعي تدفع إليه العولمة. وجاءت الأزمة لتظهر الدور الأساسي والريادي الذي يلعبه المستثمرون على المدى البعيد خصوصا لجهة مسؤوليتهم وتمكنهم من «القدرة على الاستثمارات بعيدة الأمد في قطاعات استراتيجية مثل البنية التحتية والطاقة والإسكان ووظيفتهم المركزية تتمثل في أنهم ضامنون للاستقرار والنمو» في الاقتصاد العالمي. ويشدد دو رومانيه الذي سيتولى على الأرجح رئاسة النادي غير الشكلي على «القيم المشتركة» التي تجمع أعضاء النادي وعلى رأسها «حس التحلي بالمسؤولية». وبرأيه سيكون «حيزا للتبادل حول الممارسات الاقتصادية والمالية الرشيدة وتعبيرا عن نظرة وهوية موحدة». وتقوم وظيفة النادي وفق ما يشرحها دو رومانيه على تبادل الخبرات والتحاليل والمعلومات والتداول في إشكاليات الاستثمار بعيد المدى والتعاون والتعاضد وتوفير شبكة واسعة للتواصل بين المعنيين وتقديم الخدمات المالية المخصصة لهذه الفئة من المستثمرين. وسيكون مؤتمر الاثنين القادم فرصة للمشاركين لإبراز دورهم الأساسي في خدمة نظام اقتصادي ومالي أكثر استقرارا وديمومة.

و لكن من هي الجهات المؤهلة للانضمام إلى النادي المذكور؟

يقول دو رومانيه إن النادي مفتوح أمام الصناديق الاستثمارية الناشطة في الاستثمارات بعيدة المدى التي حددها بأهليتها على المحافظة على مشاركاتها في مؤسسات وشركات لفترة لا تقل عن خمس سنوات. غير أن الحصول على العضوية يفترض الاستعداد للتشارك في المعلومات والتحليلات من جهة وموافقة الأعضاء المؤسسين الأربعة من جهة أخرى. وتشكل الصناديق السيادية بما فيها الصناديق السيادية الخليجية والعربية أحد الأهداف التي يسعى دو رومانيه إلى ضمها للنادي. ويظهر ذلك من خلال الدعوات إلى المشاركة في المؤتمر حيث دعا مسؤولي الصناديق في الكويت وأبوظبي وقطر والمغرب. كما دعا الأمير الوليد بن طلال إلى المشاركة. ويؤكد دو رومانيه أن الصناديق السيادية الخليجية مؤهلة للانضمام إلى النادي الجديد وهي مرحب بها. هل ستهتم الصناديق السيادية الخليجية بالانضمام إلى النادي وما هي الفائدة التي يمكن أن تجنيها منه خصوصا أنها درجت على الاستثمار منذ سنوات في الاقتصادات والشركات الغربية على أنواعها؟

يؤكد دو رومانيه أنه مستعد للتعاون مع الصناديق السيادية التي يؤكد أنه كان من أوائل الداعين إلى التعاطي معها بشكل إيجابي. وقال مدير عام صندوق الودائع: «نحن مستعدون لإشراكهم في طرق استثمارنا ومعاييره وأهدافه وخياراته وقطاعاته لا بل لمشاركتنا ماديا في استثماراتنا لكن ذلك يفترض قيام مناخ من الثقة بيننا. وفكرة النادي أنه يقوم على الانضواء الطوعي». ولكن الجانب المهم، وفق ما يقوله دو رومانيه، ان النادي يمكنه أن «يساعد على توفير الاستشارات والخبرات المالية للصناديق الخليجية من هيئات تتمتع بصدقية عالية وموجودة بقوة في الاقتصاديات المعنية». وعلى الرغم من أن تحقيق الربحية يجب أن يبقى أحد الأهداف من عمليات الاستثمار، فإن دو رومانيه يدرج الاستثمارات بعيدة المدى التي يروج لها في إطار أوسع حيث إنه يتعين على هؤلاء المستثمرين أن «يوفقوا بين الفعالية الاقتصادية وبين المسؤولية الاجتماعية» المترتبة عليهم.

ومن الناحية العملية، ينتظر أن يشكل النادي مجموعات عمل تقنية تنصب على دراسة مواضيع فنية مثل تقويم الربحية في مؤسسات النقل وقواعد المحاسبة المتبعة من قبل الشركات وقواعد الإدارة والتوازن على أن يعقد رؤساء ومديرو الشركات التي سيتشكل منها النادي مؤتمرا سنويا لتقويم ما حققته الفرق الفنية وتحديد «خريطة طريق» لنشاطاتها اللاحقة. لكن يبقى ماثلا موضوع القطاعات الممنوعة على الصناديق الأجنبية للاستثمار. وفي هذا الصدد يقول دو رومانيه إن كل بلد يحدد مجموعة من القطاعات التي يضع شروطا على الاستثمار فيها. غير أنه يدعو، من جانب، إلى العمل بمبدأ «المعاملة بالمثل» مع تأكيده، من جانب آخر، أن الوجود داخل ناد واحد وما سيستتبع ذلك من العمل المشترك من شأنه «تحريك الأمور». والخلاصة التي يصل إليها هي التأكيد على أهمية المشاركة والتعاون بين المستثمرين على الأمد البعيد من أجل تنمية اقتصادية متوازنة وعولمة تحكمها قواعد السلوك.