العاهل المغربي يؤكد حرصه على ضمان المناخ الملائم للنهوض بالسياحة

دعا الحكومة لمراجعة نظام تصنيف الفنادق على ضوء المعايير البيئية

يتوفر المغرب على مؤهلات سياحية طبيعية كبيرة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس، على الأهمية التي يوليها لتطوير القطاع السياحي، ليس فقط كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية بالمغرب، ولكن أيضا كعامل أساسي في مد جسور التفاهم والتواصل والتعارف بين الأمم والشعوب، وإقرار السلم والوئام في العالم، وتمكين الفرد من تحقيق ذاته وطموحاته والتحرر من نزوعات التعصب والانغلاق. وقال العاهل المغربي، في رسالة وجهها للمناظرة الوطنية التاسعة للسياحة، التي انطلقت أشغالها أمس في السعيدية، في شمال شرقي المغرب، «إننا لحريصون على ضمان المناخ المناسب لخلق دينامية دائمة داخل القطاع السياحي، وتدعيم حيويته وتنافسيته. ولهذه الغاية، ندعو الحكومة والسلطات المحلية، ومهنيي القطاع، إلى المزيد من التعبئة وتضافر الجهود، من أجل تطوير الصناعة السياحية ببلادنا، باعتبارها قطاعا يحظى بالأولوية في سياستنا الاقتصادية. فضلا عن كونه يفتح آفاقا واعدة في مجال توفير فرص الشغل للشباب».

وحث العاهل المغربي في رسالته المؤسسات المصرفية على تقديم المزيد من الدعم للاستثمارات السياحية، ووضع الآليات المالية الملائمة لمواكبة مبادرات المستثمرين المغاربة والأجانب في إنجاز مشاريعهم.

ودعا الملك محمد السادس، المهنيين إلى إبراز مقومات المغرب كوجهة سياحية متميزة، مع الأخذ بعين الاعتبار توسع قاعدة العرض السياحي الوطني، ابتداء من هذه السنة، واحتدام المنافسة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والعمل على ابتكار أساليب جديدة في الترويج والتسويق والتواصل. وأشار إلى أن كل ذلك يجب أن يتم في إطار مراعاة القيم المغربية الأصيلة والهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد وتنوع روافدها ومقوماتها الثقافية والحضارية.

وألمح العاهل المغربي إلى ضرورة الانكباب على تأهيل المنتوج السياحي والعرض الفندقي للاستجابة لمتطلبات الجودة العالية. وقال «لهذه الغاية، ندعو الحكومة إلى إعادة النظر، في أقرب الآجال، في نظام تصنيف الفنادق وملاءمته مع المتطلبات البيئية والطاقية الجديدة. وذلك في إطار سياحة مستدامة، تراعي المعايير البيئية الدولية». ودعا العاهل المغربي في هذا السياق إلى متابعة برنامج تكوين الموارد البشرية المؤهلة في القطاع الفندقي، وتطوير مناهج التكوين المهني السياحي، علاوة على ضرورة تعزيز قدرة هذا القطاع على جذب المزيد من الأطر الكفأة والحرص على أن تصبح مناصب الشغل بالقطاع السياحي قارة ودائمة.

وأضاف «ينبغي على الحكومة أن تنكب، قبل نهاية هذه السنة، على بلورة سياحية مستقبلية، في أفق 2020، رؤية مضبوطة عمادها الواقعية، وغايتها تعزيز المكاسب الهامة، التي تحققت في إطار تفعيل «رؤية 2010». وقوامها استخلاص العبر والدروس من جوانب ضعفها ونواقصها».

وأشار الملك محمد السادس إلى أن الأمر يتعلق ببلورة رؤية شاملة، تأخذ بعين الاعتبار توجهات السياحة العالمية، وتحديات العولمة والتطورات المحتملة للاقتصاد العالمي. مبرزا أن الغاية المثلى لهذه الرؤية تظل تطوير سياحة أصيلة ومسؤولة، تستثمر كل المؤهلات الطبيعية والثقافية والحضارية، التي يتميز بها المغرب، وتساهم في النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لكل فئات الشعب المغربي ومختلف جهاته، وتعزيز إشعاعه الدولي، وتكريس انفتاحه. وانطلقت أشغال المناظرة الوطنية التاسعة للسياحة أمس في السعيدية، وسط انكماش الرواج السياحي بسبب الأزمة العالمية، في الوقت الذي بدأت ترى فيه النور باكورة المشاريع السياحية الضخمة التي أطلقها المغرب في إطار «رؤية 2010».

ويكتسي اختيار المحطة السياحية الشاطئية السعيدية، التي تم تدشينها الأسبوع الماضي، لاحتضان أشغال المناظرة التاسعة للسياحة، طابعا رمزيا، باعتبار المحطة أول مشروع يرى النور ضمن المشاريع الضخمة المبرمجة في المخطط الأزرق للنهوض بالسياحة الشاطئية في المغرب.

وتكتسي الدورة أهمية خاصة لكونها آخر دورة قبل موعد 2010 الذي حدد كأجل لتنفيذ السياسة المندمجة للنهوض بالسياحة في المغرب، والتي تم اعتمادها خلال المناظرة الوطنية الأولى في سنة 2001.

إلى ذلك، تضاعف عدد السياح الوافدين على المغرب مند انطلاق السياسة الجديدة للنهوض بالسياحة في المغرب، إذ ارتفع عدد السياح من 4.3 مليون سائح في سنة 2000 إلى 7.9 مليون سائح في نهاية 2008. وارتفعت المداخيل السياحية بنسبة 156% بين سنة 2000 وسنة 2008، إذ بلغت 55 مليار درهم (6.8 مليار دولار).

وعرفت الاستثمارات في المجال السياحي طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة، إذ تم التوقيع منذ سنة 2000 على 120 اتفاقية استثمار بين الحكومة ونحو 100 من المستثمرين المغاربة والأجانب. وتجاوزت قيمة الاستثمارات المرتقبة استنادا إلى هذه الاتفاقيات مبلغ 12 مليار دولار، وستمكن من خلق 165 ألف سرير فندقي و58 ألف منصب شغل.

وتتكون هذه السياسة من عدة مخططات قطاعية، منها المخطط الأزرق للنهوض بالسياحة الشاطئية، من خلال إنشاء محطات سياحية مندمجة من الجيل الجديد، بالإضافة إلى مخطط مدائن للنهوض بالسياحة الثقافية، ومخطط بلادي للنهوض بالسياحة الداخلية عبر إعداد عروض خاصة.

وتوجد كل المشاريع المبرمجة ضمن هذه المخططات في طور الإنجاز، بعد تفويتها لمستثمرين دوليين ومحليين. ومن بين المشاريع الضخمة الأكثر تقدما، مشروع محطة السعيدية الشاطئية، الذي تم الانتهاء من إنجاز شطره الأول وجرى تدشينه الأسبوع الماضي. ومحطة «مازاغان» الشاطئية جنوب الدار البيضاء، التي دخلت المرحلة الأخيرة من الإنجاز ويرتقب افتتاحها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ثم محطتي ليكسوس جنوب طنجة، وموغادور في منطقة الصويرة بالجنوب المغربي، والتي توجد في مراحل متطورة من الإنجاز، ويرتقب أن تستقبل الزوار الأوائل خلال سنة 2010. فيما تعرف محطة «تغازوت» قرب مدينة أكادير في الجنوب المغربي، بعض التعثر على إثر انسحاب المستثمر الأميركي، كولوني كابتال، من المشروع بسبب الأزمة. وتجري الحكومة المغربية مباحثات لإيجاد مطور بديل للمحطة الشاطئية.