أود التأكيد بأن الأسعار إلى انخفاض

سعود الاحمد *

TT

الواقع المشاهد أن المستوى العام لأسعار السلع والخدمات بالدول الخليجية في تناقص.. من النفط ومشتقاته، إلى التأمين، إلى النقل (بأنواعه)، إلى السيارات، إلى المواد الغذائية، إلى الفنادق (وغيرها). والذي ينبغي ملاحظته أن السلع ـ بطبيعة الحال ـ تتفاوت في حساسية سعرها مع العوامل المؤثرة فيها. ولذلك، فمن يرغب في قياس هذا الانخفاض، فعليه بدراسة المتوسط العام، لا أن يبني قناعته على تغير سعر سلعة واحدة.

وآخر ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن تخفيضات الأسعار، انخفاض جديد يقارب 30% في متوسط أسعار الأرز. وفي تحقيق صحافي أجرته جريدة «الاقتصادية» بعنوان «مخزون الأغذية» المستورد بأسعار مرتفعة بدأ يتلاشى.. انخفاضات جديدة في تسعيرة السلع التموينية خلال 60 يوما. وكان ضيف «الاقتصادية»، الرئيس التنفيذي لشركة أسواق عبد الله العثيم الأستاذ يوسف القفاري بتاريخ 26 مايو 2009، الذي توقع استمرار انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية بنسبة إضافية قد تبلغ 15% خلال الشهرين القادمين، مشيرا إلى أن الأرز والزيوت والحليب من أبرز السلع التي قد يلمسها المستهلكون بأسعار منخفضة.

وفي ذلك اللقاء تحدث القفاري عن نقطة مهمة كُنت قد تطرقت إليها، وهي أن سوق السلع الغذائية منذ مدة وهي في طريقها إلى الانخفاض التدريجي (وهو ما يعرف بفترة التمرير).. بما ملخصه: أن ما يسمى بمتوسط سعر التكلفة ينخفض تدريجيا كلما انخفض المخزون ذو التكلفة المرتفعة، مقابل المخزون ذي التكلفة المنخفضة. وبما أن معظم السلع الاستهلاكية مستورد، فهذا يعني وجود دورة إنتاجية لدى المصدر، ودورة تخزينية، ثم فترة استيراد وتخزين وتوزيع لدى الموردين. ولا يمكن أن تنعكس انخفاضات الأسعار لدى بلد مستورد بنفس وتيرة انخفاضها في البلد المصدر، أو بلد المنشأ. لكن الملفت للنظر هو تلك المشاعر المُحبطة المتمثلة في التعليقات على الموقع الإلكتروني للجريدة على ذلك التحقيق الصحافي (التي بلغت ستين تعليقا).. معظمها تجزم بأن الأسعار لم ولن تنخفض!. ويتحدث البعض عن جشع التجار، وعدم وجود دور لحماية المستهلك، ويستغرب كيف يرفع التجار الأسعار عندما ترتفع عالميا، ويتأخرون في تخفيضها إذا انخفضت بالأسواق العالمية!، ويطالب البعض بنظام الجمعيات التعاونية (المعمول به في الكويت)، باعتباره الحل المناسب لكبح جشع التجار. أما عن قناعتي بأن الأسعار ستنخفض، فقد كتبت مقالا في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2008 عن توقعاتي بانخفاض الأسعار، بعنوان «أبشروا.. كل الأسعار ستنخفض»، وكان ذلك اليوم يوافق الاثنين 10 من ذي الحجة 1429هـ، وهو أول أيام عيد الأضحى المبارك، وقلت (بالنص) بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وفي وقت الاقتصاد العالمي تتلاطمه أمواج الأزمة المالية العالمية، بعد معاناة ما زالت الشعوب تلعق جراحها جراء تداعيات تفاقم أزمة التضخم العالمية.. أزمتان متعاكستان (علو ثم سقوط)، بينهما فترة لم تمهل الأسواق العالمية لتستقر وتتكيف مع الوضع المالي الجديد. وقلت: ولعلي أجدها مناسبة للتركيز على بعض الجوانب الإيجابية لهذه الأزمة المالية. من زاوية تأثيرها الإيجابي على المواطن الخليجي، من ذوي الدخل المحدود.. في الفترة القريبة القادمة. وتحدثت ـ بنوع من القناعة (التي تشبه اليقين) ـ عن أن المسألة مسألة وقت، مدتها ما يعرف بفترة التمرير.

واليوم.. أود التأكيد على أن الأسعار إلى انخفاض، وواجبنا ألا نقاوم هذا الانخفاض بالإسراف في مشترياتنا، لمجرد أن الأسعار قد انخفضت، حيث لا يمكن لسلعة أن ينخفض سعرها، وهناك تزايد في الطلب عليها بسعرها الحالي!، خصوصا ونحن الآن مقبلون على موسم شهر رمضان المبارك، حتى لا نقع ضحية سوء سلوكياتنا الشرائية المتوارثة. كاتب ومحلل مالي [email protected]