زيادة الطلب على العمالة الماهرة في أميركا على الرغم من الركود

100 ألف دولار سنويا مرتب ممرضة متخصصة

TT

في الوقت الذي بدأت فيه حالة الركود، كان كريس ماكغراري، المدير في شركة «سيانبرو»، يخطط لتعيين 80 عامل لحام «ذوي خبرة». وفي الوقت الحالي فقط، بعد 18 شهرا، انتهى من تعيين القائمة.

ومع ارتفاع معدل البطالة، كان هناك عدد كبير من المتقدمين للحصول على الوظيفة. ولكن أخرج اختبار اللحام العديد منهم. ووجد ماكغراري أن هؤلاء الذين يملكون 10 أعوام من الخبرة، وليس جميعهم، يمكنهم أن يقوموا بعمل لحام ممتاز (بدون عيوب حتى بعد الكشف عليه بالأشعة السينية). وتوجد حاجة إلى عمليات اللحام التي لا تشوبها أخطاء في قطاع تكرير البترول التي تشيده «سيانبرو» في بريور في ولاية مين. ويقول ماكغراري «إذا لم تعين في خلال يوم أو اثنين الأشخاص الذين يمكنهم فعل ذلك، فسيخرجون ويعملون في شركة أخرى».

وقد فقدت البلاد 6 ملايين وظيفة منذ أن بدأ ماكغراري سعيه لتعيين موظفين. وارتفع معدل البطالة بسرعة إلى 9.4 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 30 عاما. وتشغل معظم الوظائف التي تتوفر سريعا بحشود من الساعين للعمل. ولكن من غير الملحوظ في بيانات العمل القياسية، التي تصدرها الحكومة، أن أصحاب الأعمال يسعون إلى المتقدمين المؤهلين في مهن معينة، حتى في الأوقات الصعبة. وتتطلب معظم الأعمال مهارات تستغرق أعواما من أجل اكتسابها.

ويقول أصحاب الأعمال إن مهنة عمال اللحام إحدى تلك الوظائف، ومثلها تمريض الرعاية المركزة، وعمال خطوط الكهرباء، خاصة الماهرين في أسلاك الضغط العالي الممتدة على مساحات كبيرة. ويزيد الطلب أيضا على معلمي الحاجات الخاصة، وكذلك على مهندسي الجيولوجيا التقنية، المتدربين على الجيولوجيا وكذلك الهندسة، في تخصص يناسب العمل في حقول البترول. وليس من السهل العثور على أطباء العلاج التنفسي، الذين يساعدون المرضى على التنفس، على الأقل من أجل العمل في بيرماننت ميديكال غروب، التي يعمل بها أكثر من 30000 متخصص في الصحة. ومع زيادة الإنفاق على البنية التحتية، يزداد الطلب على المهندسين المدنيين للإشراف على العمل.

ويقول لاري جاكوبسون، المدير التنفيذي للجمعية الوطنية للمهندسين المتخصصين «لا يوجد طلب على المهندسين المدنيين حديثي التخرج. ما نفتقده هو عدد كاف من المتخصصين الذين يحملون ترخيصا وهم الذين لديهم خبرة في العمل لخمس سنوات على الأقل تحت إشراف مهندسين ذوي خبرة قبل اجتياز اختبار الترخيص».

وعلى الرغم من أنه من الممكن جذب هؤلاء الموظفين بتقديم عروض أعلى في اقتصاد قوي، فإنهم يجب أن يكونوا أكثر وفرة عندما يكون إجمالي طلب الشركات راكدا كما هو الحال في الوقت الراهن.

وبالنسبة لتلك الوظائف التي من الصعب العثور على من يشغلها، يبدو أن هناك عاملا مشتركا سائدا. وهو أن أصحاب الأعمال يسعون إلى أشخاص لديهم مهارة محددة، اكتسبوها أولا عبر التعليم، وغالبا ما يكون مجرد تدريب مهني في المدرسة الثانوية، ثم إصقالها من خلال العمل. ولم يعد ذلك المسار، الذي يتطلب أعواما، سهلا للغاية في أميركا، على حد قول ريتشارد سينيت، عالم الاجتماع في جامعة نيويورك.

ويقول سينيت إن الضغط من أجل الحصول على درجة جامعية يبعد الشباب عن التدريب المهني، وخاصة المهن التي لا تتطلب الالتحاق بالجامعة، وذكر عنصرين آخرين. تأتي الاستعانة بمصادر خارجية لتعترض العمالة قبل تطوير المهارة بصورة كاملة، وتعوق عمليات تسريح الموظفين تفاني الموظف في وظيفة واحدة. ويقول «يقال للناس لا يمكنكم العودة إلى العمل إلا إذا أعدتم التدريب على المهارة جديدة».

ولم يمنع أي من ذلك كيلان برادوس عن السعي إلى العمل كعامل لحام، كواحد من بين حوالي 200000 في البلاد. وعمره 28 عاما، ويمتلك خبرة تزيد على عشر سنوات، حيث بدأ وهو في سن المراهقة، في بناء وإصلاح معدات حقل بترول في ورشة والده في لويزيانا. وبعد أن تزوج من كندية، جاء الزوجان إلى مين، ليكونا بالقرب من أسرتها. وقبل أن ينضم برادوس للعمل في «سيانبرو»، كمقاول صناعي، كان يدير مشروعه الخاص، في إصلاح المعدات في ورشة لحام وماكينات في منزله في بريور.

ولكن أصاب الركود مشروعه، وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أرسل رسالة ردا على أحد إعلانات ماكغراري. ويقول برادوس «لحمت لهم لوحين وأنبوبين، وأثار ذلك إعجابهم». وبعد أقل من أسبوعين، كان يعمل في مشروع تكرير البترول التابع لـ«سيانبرو»، ويجني 22 دولارا في الساعة، وهو من أصغر عمال ماكغراري سنا، الذين يبلغ معظمهم من منتصف الثلاثينات إلى بداية الأربعينات.

ولا يتتبع مكتب إحصائيات العمل معدل تكرار تجربة برادوس، حيث تقدم لشغل وظيفة وحصل عليها سريعا في أميركا وسط الكم الهائل والممتد من العاطلين عن العمل. وتحصي دراسة للمكتب أعداد الوظائف المتاحة وأعداد المعينين، ولكن لا تحلل البيانات المهن.

وقد اقتربت مؤسسة الأعمال في نيويورك «كونفرانس بورد» من تحقيق ذلك. ففي إحصاء شهري للفرص العمل المعلن عنها على الإنترنت، على موقع monster.com و1200 موقع مشابه، وضعت المؤسسة إعلانات الوظائف تحت 22 فئة مهنية، وقارنت بينها وبين عدد العاطلين الذين كان آخر عمل قاموا به، وفقا للمكتب، يندرج تحت كل الفئة. وفي أربع فئات فقط، العمارة والهندسة، والعلوم الفيزيائية، والكومبيوتر والعلوم الرياضية، والرعاية الصحية، كان عدد العاطلين مساويا أو أقل من فرص العمل المتاحة. وكان، في الإجمالي، هناك 1.09 مليون فرصة عمل و582700 شخص فقط من المفترض أنهم من الممكن أن يشغلوها.

وتضمنت الوظائف الشاغرة التي وجدت «كونفرانس بورد» أنه من الصعب إيجاد من يشغلها، الممرضات المسجلات، ولكن تقول شيرلي بيترسون، مديرة جمعية التمريض الأميركية، إن العجز ليس كبيرا كما كان قبل فترة الركود، وخاصة في ولايات في حاجة إليهن مثل ميشيغان وأوهايو.

وتقول بيترسون «قبل التراجع الاقتصادي، كان من السهل على الممرضات المسجلات ذوات الخبرة العثور على فرص عمل في مجتمعاتهن، في أية مراكز يردنها. وفي الوقت الحالي، أصبح الأمر أصعب قليلا لأن أعداد الوظائف الشاغرة انخفضت، ولدينا المزيد من الممرضات المتقاعدات، اللاتي يردن العودة إلى العمل لأنهن في حاجة إلى دخل».

ولكن، يقول الدكتور روبرت بيرل، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة «بيرماننت ميديكال غروب»، أكبر مجموعة يعمل بها متخصصون في مجال الطب، إن ذلك لا ينطبق على الممرضات اللاتي لديهن خبرة عشرة أعوام في الرعاية المركزة، وخاصة في غرفة الإفاقة في المستشفيات. ويقول «يوجد في الفترة الأخيرة المزيد من الممرضات المدربات أكثر من الوظائف المتوفرة لهن، ولكن ذوات المهارات العليا والخبرة يجدن دائما وظائف شاغرة». وبمرتب 100000 دولار.

وهكذا هو الحال أيضا مع المهندسين الجيولوجيين أمثال ديان أوشلو، التي عينت في الشهر الماضي في «كلينفيلدر»، وهي شركات خدمات متخصصة يقع مقرها في سان دييغو وتتولى مشروعات كبرى، مثل أعمال التنظيف البيئي التي تقوم بها أوشلو في كوربس كريستي في تكساس، في موقع تكرير بترول متوقف. ويقل وجود المهندسين من أمثالها، الماهرين في مجال البترول، بل ويندر أيضا الجيولوجيون المتخصصون.

وذلك جعل هناك أملا بالنسبة لأوشلو (50 عاما)، عندما قررت الانتقال من شيكاغو، حيث كانت تعيش منذ أعوام، وتقوم بعمل مشابه في شركة مشابهة. وقد اكتشفت مارغريت دونر، المسؤولة عن التوظيف في «كلينفيلدر»، سيرتها الذاتية عندما وصلت إلى الشركة في الربيع ردا على إعلان الوظيفة، وسريعا ما اتصلت بها لتجتاز عملية التعيين. وقالت دونر «لقد تفوقت ديان».

وسريعا ما عرضت شركتان أخريان أرسلت لهما أوشلو سيرتها الذاتية العمل لديهما. ولكن ما دفعها إلى قبول عرض شركتها الحالية ليس الراتب الذي يبلغ 6,000 دولار، بالإضافة إلى الزيادات والمكافآت كما تقول دونر، ولكن كان السبب هو استعداد «كلينفيلدر» أن تدفع لها مقابل الانتقال إلى كوربس كريستي.

وقالت أوشلو «لقد قلت للشركتين الأخريين إنني لا أستطيع الانتظار. وكانتا تعرضان المرتب ذاته تقريبا، ولكنهما لم تكونا ستدفعان تكاليف الانتقال».

* خدمة «نيويورك تايمز»