القيم التقليدية تعود إلى القطاع المصرفي التركي

لا يزال في إمكانك زيارة مدير الفرع.. وأن تتناول فنجانا من القهوة معه وتشرح له مشاكلك

تسيطر أكبر 7 مصارف في تركيا على 80 في المائة من القطاع المصرفي (إ. ب. أ)
TT

عادت شعبية النظام المصرفي إلى الطراز القديم، وكذلك ملكية العائلات للمؤسسات. ويشير كلاهما إلى نوع من الاستقرار والقيم التي تركت في فترة ازدهار تميزت بمشتقات مفرطة التعقيد، ونسخة محرفة من الرأسمالية التي شهدت عدم تحمل المستثمرين عامة مسؤولياتهم كمالكين.

وينطبق على مصرف «أكبانك»، أكبر مصرف تركي وفقا لرسملة السوق، تماما الفئة المحافظة. وتمتلك شركة «سابانجي» القابضة، وهي مجموعة عائلية، 44 في المائة من الأسهم؛ ويمتلك أفراد في الأسرة 7 في المائة أخرى. وقد أيدت العائلة، بصفتها أكبر حامل للأسهم، تحويل إدارة المصرف الذي يبلغ من العمر 61 عاما، والذي بدأ نشاطه بتمويل منتجي القطن المحلي في أضنة، رابع أكبر مدينة في تركيا.

ولكن سوزان سابانجي دينسر، حفيدة أحد المؤسسين ورئيسة مجلس إدارة «أكبانك» الحالية، بيّنت أن السر في نجاح المصرف يكمن ـ إلى حد ما ـ في صلته البعيدة بالمجموعة.

وتقول عن الشركة التي يديرها أقاربها «نقدم لهم ميزانيتنا، ولكن يوجد بيننا حاجز قوي، وليست لديّ علاقة بمجلس إدارتهم»، وتعتقد أن هذا الاتجاه يجمع بين المنظور الاستثماري طويل المدى، مع أسلوب عدم التدخل في الإدارة من العائلة.

وفي مقابلة معها، أشارت سابانجي دينسر، التي عملت في المصرف منذ 23 عاما أن النظام المصرفي التقليدي هو منظومة «أكبانك» القوية. وأوضحت قائلة «ليست لدينا أية مشتقات. وما تراه هو ما تجده في ميزانيتنا».

ويتضمن ذلك معدل كفاية رأس المال بنسبة 17.6 في المائة، أي ما يزيد على ضعف معظم المصارف في الدول المتقدمة. ومن العدل القول إن جزءا من السبب هو الرقابة الصارمة على المصرف، الناتجة عن الأزمة المالية التي أصابت تركيا في عامي 2001-2002.

وقال إيسم نالبانتغيل، المحلل في «بنك أوف أميركا»، و«ميريل لينش»، في مذكرة بحثية إن ميزانية «أكبانك» كانت في وضع أفضل من الصناعة عامةً. وتبلغ نسبة القروض غير قابلة للسداد من 3 في المائة من إجمالي قروض المصرف التركي، وليس من المتوقع أن تزيد النسبة بنهاية العام. وتبلغ نسبة القروض غير القابلة للسداد في النظام المصرفي التركي 3.6 في المائة، ويتوقع المحللون أن ترتفع إلى 5.5 في المائة بحلول نهاية العام، ولكن نالبانتغيل أوضح أنه يتوقع أن يقل أداء أسهم «أكبانك» عن منافسيه، بسبب تماسك سعر الأسهم جيدا.

ويأتي الكثير من الدعم من مستثمرين دوليين، يملكون 80 في المائة من 25 في المائة من المصرف الذي يطرح أسهمه للتداول في بورصة اسطنبول. وفي أوائل عام 2007، اشترت شركة سيتي غروب 20 في المائة من ملكية المصرف بمقابل 3.1 مليار دولار. ويرى المصرف الأميركي المتعثر، الذي يرغب في بيع عدد من أعماله، أن حصته في «أكبانك» مشروع استراتيجي.

ولا تعود فائدة العلاقة الوثيقة بين المصرفين، حيث تحتل السيدة سابانجي دينسر مقعدا في مجلس «سيتي غروب» الاستشاري الدولي، ويضم مجلس إدارة مصرف «أكبانك» عضوية أحد مديري «سيتي غروب»، من خلال تنمية منتجات جديدة فقط. وتقول إن الصلة أيضا أعطتها إنذارا مبكرا في بداية عام 2008 بشأن مدى تعثر الأسواق المصرفية الدولية لذا، أصبح «أكبانك» أكثر حذرا من تعرضه للأسواق الأجنبية.

وعلى الرغم من دخول المصارف الأجنبية قبل أعوام الازدهار الاقتصادي وأثناءها، إلا أن المصارف التركية عامة تمسكت بحصتها في السوق. وتملك المصارف السبعة الكبرى في البلاد، ومنها ثلاثة تمتلكها الحكومة، حصة في السوق تقدر بحوالي 80 في المائة مجتمعة. ويعتقد سينان أرسلانر، المصرفي ومؤسس شركة استشارات تمويل الشركات سي إف إس، أن الأمر كله يعود إلى اللمسة الإنسانية. ويقول «في «أكبانك»، لا يزال في إمكانك زيارة مدير الفرع، وأن تتناول فنجانا من القهوة التركية معه، وأن تشرح له مشاكلك.. فلست مجرد رقم مسجل على جهاز الكومبيوتر في المصرف. ويساعد تعامل المصرف مع العملاء بصورة إنسانية على الاحتفاظ بحصته في السوق وزيادتها، على الرغم من الأزمة».

والسيدة سابانجي دينسر، التي دائما ما تخرج من مكتبها للترحيب بالزوار، زوجة وأم لابنين يدرسان التمويل والتسويق الدولي في كلية ريتشموند، بالقرب من لندن، وقد حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة بوسطن. وقالت إنه لم يكن من غير المعتاد أن تتولى المرأة مناصب كبرى في مجال الأعمال في تركيا، وذكرت كأمثلة على ذلك رئيستي شركة «فودافون تركيا»، وجمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك.

وتنقسم أعمال «أكبانك» بالتساوي بين القروض الممنوحة لكل من الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمستهلكين. وأعلن المصرف تحقيق صافي أرباح تبلغ 569 مليون ليرة، أو ما يساوي 363 مليون دولار، في الربع الأول من عام 2009، في زيادة سنوية بنسبة 11 في المائة، مع استبعاد البنود الاستثنائية. ويقدر انخفاض إجمالي الناتج المحلي التركي في الربع السنوي الأول بنسبة 6 في المائة على الأقل. ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 3.5 في المائة في عام 2009.

وتذكر السيدة سابانجي دينسر أن الاختلاف الكبير بين تركيا والعديد من الأسواق الناشئة هو أن في بلادها لا توجد مشكلة مصرفية. وتقول «لدينا قضية مختلفة: كيف نستطيع أن ننمي تركيا؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»