الإمارات تخطط لتكون أول دولة شرق أوسطية تستضيف مقرا لوكالة دولية

الجابر لـ«الشرق الأوسط«: استضافة «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» رسالة قوية للترويج لدول الخليج

د. سلطان الجابر («الشرق الأوسط»)
TT

تسعى العاصمة الإماراتية أبوظبي لأن تكون أول دول شرق أوسطية تستضيف مقرا لوكالة دولية، عندما يتم نهاية الأسبوع المقبل التصويت في شرم الشيخ على الدولة الحائزة على حق استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، الذي تتنافس فيه الإمارات مع كل من ألمانيا والنمسا.

وخلال حديث مع «الشرق الأوسط» قال الدكتور سلطان الجابر الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، أمس، إنه فيما إذا اختارت دول العالم الإمارات لتستضيف الوكالة الدولية «فإنها ستكون رسالة هامة وقوية تثبت أن دول الخليج قادرة وبقوة على استضافة المنظمات الدولية المماثلة.. نعتقد أن استضافتنا لهذا المقر ما هو إلا بداية في الترويج لمنطقة الخليج كوجهة مفضلة ومناسبة لمقرات دولية أخرى مستقبلا».

ويعتقد المسؤول الإماراتي أن استضافة بلاده لمقر الوكالة الدولية، في حال حدوثها، ستنعكس إيجابا «ليس على الإمارات فحسب، بل على كل الدول الخليجية والعربية، بل ودول العالم الثالث.. سنفتح بابا لأن تكون المنطقة مركزا دوليا للطاقة المتجددة».

ويؤكد الدكتور الجابر أنه واثق من أن الملف الذي قدمته الإمارات «يتميز بحزمة من المقومات والتسهيلات التي تفوق الملفات التي قدمت من قبل الدول الأخرى».

وتسعى الإمارات إلى الاستفادة من مدينة مصدر، التي من المقرر أن تستضيف مقر الوكالة الدولية، لتقوية موقفها من طلب الاستضافة، خصوصا أن مدينة مصدر، التي أنشأتها حكومة أبوظبي، الأولى من نوعها في العالم التي ستكون بأكملها خالية من الكربون.

وهنا يشير الرئيس التنفيذي لشركة طاقة المستقبل (مصدر) إلى أن أبوظبي تعمل من أجل تنويع مصادرها من الطاقة البديلة، «ولا تنسَ أننا نستثمر مليارات الدولارات في المصادر البديلة للطاقة، وهذا أمر يساعدنا كثيرا في الوصول إلى أهدافنا المستقبلية».

واستثمرت «مصدر» ثلاثة مليارات دولار من 15 مليار دولار خصصتها العام الماضي لمشروعات الطاقة المتجددة بالإمارات والخارج، فيما يقول سلطان الجابر إن خطة الشركة الحالية هي عشرة مليارات دولار بحلول أواخر 2015 وأوائل 2016.

ويشدد الجابر على أن أبوظبي تعمل على تعزيز مواردها وخبراتها الواسعة في الأسواق العالمية للطاقة والبناء عليها وصولا إلى تقنيات المستقبل، «حيث يتمثل الهدف الأساسي لـ(مصدر) في إبراز ريادة أبوظبي كمركز عالمي لأبحاث وتطوير الطاقة المتجددة، وتحقيق التوازن الفاعل لموقعها القوي في سوق الطاقة العالمية».

وأوضح أن مبادرة «مصدر» تساهم في إنشاء سوق محلية بقيمة تتراوح ما بين ستة إلى ثمانية مليارات دولار، مما سيشكل فرصة استثمارية كبيرة للكثير من الشركات المحلية والعالمية.

وتعتزم «مصدر» إقامة محطات للطاقة الشمسية والهيدروجينية وطاقة الرياح، وتبني مدينة مصدر الخالية من انبعاثات الكربون في أبوظبي، التي يقول الجابر إنها ينبغي أن تكون جاهزة بحلول 2018 أو 2019.

وستبنى محطات للطاقة الشمسية لتوليد نحو 1100 ميغاوات من بين 1600 ميغاوات مقررة من مشروعات للطاقة الخضراء لازمة للوفاء بهدف توليد سبعة في المائة من الكهرباء في أبوظبي من مصادر متجددة بحلول 2020. وستحول بعض المحطات الكهروضوئية أشعة الشمس إلى كهرباء مباشرة، في حين سيركز نوع آخر من المحطات أشعة الشمس لتشغيل توربينات.

وربطت «مصدر» بالفعل محطة كهروضوئية بقدرة عشرة ميغاوات إلى الشبكة، وتتوقع تشغيل محطة شمس 1 من النوع الآخر بقدرة 100 ميغاوات بحلول أواخر 2011، ومحطة شمس 2 بحلول منتصف 2013.

وستقدم دولة الإمارات العربية المتحدة دعما ماديا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في حال قبول طلب استضافتها، حيث ستقدم متوسط 81 مليون درهم سنويا (22 مليون دولار) حتى عام 2015، و12 مليون دولار على المدى البعيد، بالإضافة إلى أن الإمارات ستوفر لـ«إيرينا» فرصة لكي تظهر للعالم أن عصر الطاقة المتجددة قد طرق الأبواب فعليا، بحسب الدكتور الجابر.

وستستضيف أبوظبي مقر (إيرينا) في مدينة مصدر، وهي المدينة الصغيرة المفعمة بالحيوية في أبوظبي، وتعد المدينة الأولى في العالم الخالية من النفايات وحيادية الكربون. ومن ضمن الامتيازات ستوجد الأمانة العامة في مساكن مجانية في مركز المدينة، في مبنى للمكاتب متعدد الاستعمالات، هو المبنى الأول في العالم الذي يعمل على الطاقة الإيجابية على نطاق واسع، وينتج من الطاقة أكثر مما يستهلك.

وفي إطار سعي الإمارات لتقديم يد العون للدول النامية، ستقدم مجموعة من التسهيلات التي ستكون محفزا لنجاح الوكالة الدولية في مهمتها في دفع العالم إلى استخدام الطاقة المتجددة في المستقبل. وهنا يقول الجابر إن صندوق أبوظبي للتنمية قدم نحو 50 مليون دولار سنويا على شكل قروض ميسرة لمدة سبع سنوات، وذلك لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة التي أيدتها «إيرينا» في العالم النامي، بالإضافة إلى 20 منحة دراسية كاملة سيقدمها معهد مصدر، في كل دفعة دراسية، لاستيعاب الطلاب الذين توصي بهم «إيرينا»، وستخصص نسبة معينة من هذه المنح للطلاب من البلدان النامية، كما ستحصل «إيرينا» على حق استخدام أحدث المختبرات ومرافق البحوث المتوافرة في المعهد.

والوكالة الدولية للطاقة المتجددة هي الوكالة الدولية المعنية بدفع مسيرة التحول السريع نحو انتشار الطاقة المتجددة واستخدامها بصورة مستدامة على مستوى العالم. وارتفع عدد الدول المنضمة تحت لوائها حتى اليوم إلى 104 دول، حيث تقوم الوكالة بتوفير الاستشارات العملية والدعم الفعلي للدول الصناعية والنامية، مساعِدة بذلك تلك الدول على تطوير أطر العمل الخاص بالطاقة المتجددة، وبناء قدراتها في هذا المجال.

يذكر أن مدينة مصدر تحتل موقعا استراتيجيا، حيث تتوسط البنية التحتية لمواصلات مدينة أبوظبي، وسيتم ربطها بالمجمعات السكنية المحيطة بها ومع وسط مدينة أبوظبي ومطار أبوظبي الدولي، بشبكة من الطرق الحالية وسكة قطار ومسارات جديدة للمواصلات العامة. وستكون المدينة خالية من السيارات وتحتوي فقط على ممرات المشاة، التي لا يبعد الواحد منها أكثر من 200 متر عن أقرب محطة للمواصلات أو المرافق العامة. ومن شأن شبكة الطرق هذه أن تشجع سكان وزوار المدينة على المشي، وتثري الحياة الاجتماعية، علما بأنه يوجد أيضا نظام سريع ومبتكر من وسائل النقل الشخصي السريع.

وستتضمن الخدمات العامة تزويد الطاقة، وتبريد مناطق، ومرافق المياه (مياه الشرب، والمياه المكررة، ومياه الأمطار)، والاتصالات، وإدارة النفايات. وستضم مشاريع دعم البنية التحتية في المدينة تخطيط وإنشاء الحدائق، والساحات العامة، ومناطق الترفيه، والممرات، والجسور، والأنفاق، وخدمات تقنية المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى إدارة تطوير المشاريع. وتسعى «مصدر» إلى استقطاب أفضل المفكرين والشركات من خلال الشراكة المتبادلة التي تعود بالفائدة على الطرفين، وتعكف «مصدر» حاليا على إطلاق حملة عالمية لجذب شركاء القطاع من أجل المساهمة في هذا الجهد التاريخي. وسيتم إنشاء المباني وفقا لمعايير «مصدر» للمباني الخضراء لتمكينها من تجسيد رؤيتها في أن تكون أول مدينة مستدامة بالكامل وخالية من انبعاثات الكربون.