اجتماع للاتحاد من أجل المتوسط يطلق صندوقا بمليار دولار

وزير التجارة المصري لـ«الشرق الأوسط«: عوامل سياسية أخرت استكمال بنى الاتحاد

TT

استضافت باريس أمس اجتماعا وزاريا موسعا للاتحاد من أجل المتوسط، وهو الأول من نوعه الذي يخصص على هذا المستوى للتنمية المستديمة. وترأس الاجتماع وزير البيئة والطاقة الفرنسي جان لويس بورلو، ووزير الصناعة والتجارة المصري رشيد محمد رشيد. وتترأس فرنسا ومصر الاتحاد المتوسطي منذ إطلاقه في شهر يوليو( تموز) من العام الماضي، وتم أمس إقرار الميزانية الأولى لصندوق «إنفرا ميد» المتوسطي الذي تتشارك فيه فرنسا وإيطاليا ومصر والمغرب، ويفترض أن تصل أصوله الخاصة إلى مليار دولار ستوظف في البنية التحتية. وقال لوران فيجيه رئيس القسم الدولي في صندوق الودائع الفرنسي إن الصندوق سيفتح أمام الصناديق الخليجية السيادية.

وشارك في اجتماع أمس 35 دولة، بينهم 15 دولة على المستوى الوزاري، منها 6 دول عربية هي: مصر، الجزائر، المغرب، تونس، الأردن، السلطة الفلسطينية.

وخصص الاجتماع لمراجعة المشاريع المقترحة في إطار الاتحاد المتوسطي في أربعة قطاعات رئيسية هي: المياه والبيئة والنقل والطاقة والتنمية الحضرية وتقويم عمليات التمويل التي يمكن أن تساهم فيها مؤسسات وصناديق مالية إقليمية ودولية، بما فيها صناديق سيادية خليجية وأخرى من القطاع الخاص.

ويأتي هذا الاجتماع على خلفية استمرار التوتر داخل الاتحاد من أجل المتوسط بسبب استمرار تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر العام الماضي وأوائل العام الجاري، وما تركته من شلل في تحريك الملفات، خصوصا ملء مركز الأمانة العامة والأمناء العامين المساعدين، وهي المراكز التي ما زالت خالية حتى الآن. ووفق روزنامة نشاطات الاتحاد التي وزعها الجانب الفرنسي أمس فإن اجتماعا لوزراء الخارجية يفترض أن يعقد أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم في مكان لم يحدد بعد. وكان آخر اجتماع لهؤلاء الوزراء حصل في مدينة مرسيليا في الشهر نفسه من العام الماضي.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال وزير الصناعة والتجارة المصري المولج ملف الاتحاد من الجانب المصري، إن «الخلافات السياسية هي التي حالت حتى الآن دون تعيين الأمين العام والأمناء المساعدين»، مضيفا أن المقصود ليس فقط النزاع العربي ـ الإسرائيلي، بل أيضا الخلافات بين البلدان العربية المنضوية تحت لواء الاتحاد المتوسطي. وحتى الآن لم يتقدم إلا مرشح أردني لتسلم الأمانة العامة، بينما هناك رغبة أوروبية، وخصوصا فرنسية، أن تعود الأمانة العامة إلى تونس، غير أن الحكومة التونسية رفضت حتى الآن تقديم مرشح، مما حفز الاتحاد على الدعوة مجددا لتوسيع دائرة الترشح.

وفي باب الصعوبات السياسية يشير رشيد محمد رشيد إلى موضوع الرئاسة من الجانب الأوروبي، حيث تريد فرنسا الاحتفاظ بها بينما القاعدة أن تنتقل الرئاسة دوريا إلى الدولة التي ترأس الاتحاد الأوروبي. ونجحت باريس في إقناع تشكيا بصيغة رئاسة ثلاثية «نظريا»: مصر، فرنسا، تشيكيا. وثنائية «عمليا»: مصر، فرنسا. وهي تسعى للأمر نفسه مع السويد التي ستترأس الاتحاد الأوربي في الأول من يوليو (تموز).

ورغم هذه الصعوبات يعتبر الوزير المصري أن العقبات «ستحل» رغم أنها «تأخذ وقتا أطول مما كان متوقعا لها لأسباب سياسية وإجرائية على حد سواء»، وبسبب «المرحلة الانتقالية» القائمة بين الخروج من مسار برشلونة والدخول في اتحاد المتوسطي.

وعلى أي حال، يشدد الوزير المصري على أولوية المشاريع والبدء بتنفيذها رغم الصعوبات السياسية، لأنها هي التي «تشعر المواطن بفائدة الاتحاد المتوسطي». وفي هذا السياق أكد رشيد محمد رشيد أن هناك 230 مشروعا جاهزا للطرح والتنفيذ، وأن ما ينتظره من اجتماع باريس هو إقرار المشاريع التي سيبدأ العمل بها ومصادر تمويلها وجداول تنفيذها.

وحضرت اجتماع أمس 35 شركة خاصة، ومؤسسات مالية دولية مثل البنك الدولي وصندوق التنمية الأوروبي. ومن وجهة نظر مصر فإن الاتحاد الجديد حقق حتى الآن ثلاثة أمور أساسية، أولها الخروج من مسار برشلونة، حيث كانت أوروبا تفرض شروطها وقيودها إلى مسار التكافؤ بين الشمال والجنوب. والأمر الثاني ترك السياسة والتركيز على المشاريع المحسوسة، وهو مسار يمكن السير به رغم الصعوبات. والثالث التركيز على مشاركة المجتمع ومؤسساته المدنية ومكوناته، وهو ما أهمله مسار برشلونة.