برنانكي: المسؤولون في «الاحتياطي» تركوا مديري «بنك أوف أميركا» يتخذون قراراتهم الخاصة

رئيس المصرف المركزي الأميركي يدافع عن دوره في إنقاذ «ميريل لينش»

برنانكي خلال شهادته أمام لجنة المراقبة في الكونغرس (رويترز)
TT

نفى بن برنانكي، رئيس مجلس إدارة مصرف الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) يوم الخميس، أنه أو أي شخص آخر في مصرف الاحتياطي الفيدرالي فعل أي شيء غير صحيح، لحث بنك أوف أميركا على إكمال استحواذه على ميريل لينش العام الماضي. وقال برنانكي، في شهادته أمام لجنة مراقبة مجلس الشيوخ، «إن مصرف الاحتياطي الفيدرالي عمل بأعلى درجات التكامل خلال المناقشات مع بنك أوف أميركا، فيما يتعلق بالاستحواذ على ميريل لينش». وخلال ثلاث ساعات من مواجهة أسئلة المشرعين، ومع استشهاده برسائل البريد الإلكتروني والوثائق الداخلية، أنكر رئيس مجلس إدارة مصرف الاحتياطي الفيدرالي الاتهامات بأنه هدد بإقالة إدارة البنك العليا إذا انسحبت من الصفقة.

كما أنكر أن الفيدرالي كان يناور بشأن تأجيل الإفصاح العام عن خسائر ميريل لينش حتى بعد اكتمال الاندماج يوم 30 ديسمبر (كانون الأول)، وأنكر أن يكون مسؤولو الفيدرالي الآخرون قد تعمدوا إخفاء خطط إنقاذ بنك أوف أميركا في شهر يناير (كانون الثاني)، عن أي منظمين ماليين آخرين. لكن يبدو أن برنانكي، لم يرض المشرعين من الجانبين. فقد اتهمه الجمهوريون بممارسة الضغوط على الشركات الخاصة، حيث وصفه أحد المشرعين بأنه «اشتراكي». كما اشتكى الديمقراطيون من أنه لم يكن قويا بما يكفي، وربما خدع لإنقاذ بنك أوف أميركا.

وعلى الرغم من أن بنك أوف أميركا كان قد وافق في الأساس على شراء ميريل لينش دون مساعدة الفيدرالي، فإن التنفيذيين هددوا بإيقاف الصفقة في ديسمبر (كانون الأول)، لأن خسائر ميريل في هذا الربع من العام قد تجاوزت 14 مليار دولار. ولم يفصح المصرف الاحتياطي الفيدرالي، وكذلك بنك أوف أميركا، عن حجم خسائر ميريل لينش، قبل التوصل إلى الاتفاق في 30 ديسمبر (كانون الأول). وبدلا من ذلك، انتظرا حتى 16 يناير (كانون الثاني) وهو اليوم نفسه الذي أعلن فيه الفيدرالي ووزارة المالية عن خطة إنقاذ بنك أوف أميركا، التي تضمنت مبلغ 20 مليار دولار، وضمانا ضد الخسارة بنحو 118 مليار دولار، وهو ما يساوي أضعف أصول ميريل لينش. لكن وثائق الفيدرالي الجديدة التي تم الكشف عنها وكذلك رسائل البريد الإلكتروني تشير إلى أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أصبحوا متورطين في صراع مع بنك أوف أميركا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما كان مسؤولو الفيدرالي متشككين في مدى أهلية تنفيذي البنك وإلمامهم بالظروف المالية لميريل لينش. وتظهر الوثائق أن الكثير من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، قد رفضوا تصديق أن كينيث دي لويس، وهو الرئيس التنفيذي لبنك أوف أميركا، لم يعلم بخسائر ميريل لينش حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول). وقد كان الكثير من كبار المسؤولين يرغبون في تغيير الإدارة العليا للبنك، أو على الأقل كبح جماح أنشطته في مقابل أموال الإنقاذ الحكومية. وقد تساءل أحد المسؤولين عن كيفية استطاعة البنك المركزي استخراج (رطل من لحم) البنك. وفي السابع عشر من ديسمبر (كانون الأول)، قال لويس لبرنانكي ووزير الخزانة هنري بولسون، إن خسائر ميريل لينش في الربع الرابع من عام 2008 سوف تبلغ نحو 14 مليار دولار، وهو أكثر بمقدار أربعة أمثال مقارنة بما قدره البنك قبل أسبوعين اثنين. وحذر لويس أيضا من أن بنك أوف أميركا قد يحاول إلغاء الصفقة عن طريق وضع فقرة هروب في العقد يطلق عليها شرط «تغيير مادي معاكس». وتبع هذا الاجتماع أسابيع من المفاوضات المكثفة، طلب خلالها المسؤولون التنفيذيون ببنك أوف أميركا من المصرف الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة حزمة إنقاذ كبرى قبل انتهاء الصفقة. وقال برنانكي إنه شك في البداية في أن بنك أوف أميركا يمارس الخداع، كي تقوم الحكومة بتمويل صفقة استحواذ ميريل. ولكن كان يشعر مع بولسون، أن التخلص من الصفقة سوف يكون بمثابة قتل لميريل لينش، وسوف يؤدي إلى حالة أخرى من الذعر والفوضى داخل الأسواق المالية. وفي ملاحظات كتبها بخط اليد مسؤول فيدرالي خلال الاجتماع، يقال إن برنانكي أشار إلى أن «انخفاضا قيمته 50 مليار دولار لا يبدو شيئا كبيرا بالنسبة لبنك أوف أميركا» وأن عدم استكمال الصفقة سوف يؤدي إلى «مشكلات ضخمة» بالنسبة للأسواق والشركتين. وبعد الاجتماع، قال مسؤولون بارزون بالمصرف الاحتياطي الفيدرالي، إن المسؤولين التنفيذيين ببنك أوف أميركا كانوا يقللون من المشكلات الخاصة بالمصرف، التي كانت تنذر بكارثة وتصبح أسوأ يوم بعد آخر، حتى دون عبء الأصول السيئة بميريل. وأعربوا أيضا عن رفض فكرة أن بنك أوف أميركا فوجئ بخسائر ميريل، التي كانوا يرون أنها متوقعة. وكتب تيم كلارك، وهو مسؤول بارز في المصرف الاحتياطي الفيدرالي، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، إلى ثلاثة من محافظي المصرف الاحتياطي الفيدرالي ومسؤولين بارزين آخرين، في 19 ديسمبر (كانون الأول): «التدهور في ميريل لينش كان يحدث بصورة ملحوظة خلال الربع كاملا، وإن زعم كين لويس أنهم فوجئوا بالزيادة السريعة في الخسائر يبدو محل شكوك نوعا ما».

وكتب ديبورا بيلي، وهو مسؤول بارز بالمصرف في 20 ديسمبر (كانون الأول): «أعتقد شخصيا أنه يجب تقليل رواتب الإدارة. ولدي شكوك دوما في كفاءة عمليات الفحص الفني النافي للجهالة، التي قاموا بها في صفقة ميريل لينش. ولا تنسوا أنهم دفعوا قسطا. كيف تدفعون قسطا ثم تطلبون حاليا مساعدة؟ لن يمضي ذلك بصورة جيدة على الإطلاق».

وخلال جلسة استماع يوم الخميس، أصر برنانكي على أن مسؤولين بالمصرف الاحتياطي الفيدرالي، تركوا المسؤولين التنفيذيين في بنك أوف أميركا يتخذون قراراتهم الخاصة. وأضاف: «القرار بالمضي قدما في عملية الدمج بقي في يد إدارة ومجلس إدارة بنك أوف أميركا، وكانوا ملزمين بالاختيار، الذي يعتقدون أنه الأفضل لمصالح حملة الأسهم والشركة».

وتناقض ذلك مع شهادة أدلى بها لويس، الذي قال للجنة المراقبة في 11 يونيو (حزيران)، إن مسؤولين بالمصرف الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة هددوا بالإطاحة بالإدارة العليا ومجلس الإدارة، إذا رفضوا إكمال الصفقة. وضغط أعضاء في اللجنة على برنانكي خلال رفضه، وأظهروا رسائل عبر البريد الإليكتروني بين مسؤولي المصرف الاحتياطي الفيدرالي، تظهر أنهم لم يكونوا يريدون من بنك أوف أميركا، أن يمضي بعيدا عن ميريل لنش. وقال العضو بمجلس النواب جيم جوردان، الجمهوري من ولاية أوهايو: «لديك جميع هذا هنا، هل تفهم كيف يمكن لشخص عاقل أن يخلص إلى نتيجة مفادها أن هذا النمط من الضغط من جانب الحكومة كان موجودا؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»