مؤتمر الأمم المتحدة لبحث الأزمة المالية العالمية يحمل الدول الغنية مسؤولية الوضع الراهن

اعتمد وثيقة من 15 صفحة تحفظت عليها الدول الصناعية

رافاييل كوريا رئيس الإكوادور يلقي كلمة بلاده في مؤتمر الأمم المتحدة لبحث الأزمة الاقتصادية والمالية وتأثيرها على التنمية (أ.ف.ب)
TT

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية مؤتمر «الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الدول النامية» الذي دعا إليه رئيس دورة الجمعية العامة الثالثة والستين، وزير خارجية نيكارغوا الأسبق القس ميغيل دي اسكوتو، وثيقة غير ملزمة تحمل فيها الدول الغنية مسؤولية الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعد أسوأ أزمة منذ 70 عاما.

وقد اعتمد المؤتمر الوثيقة التي تضم 15 صفحة بتأييد أغلبية الدول الأعضاء رغم التحفظات التي عبرت عنها الدول الصناعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. والوثيقة غير الملزمة تقر أن العالم يواجه أسوأ أزمة مالية واقتصادية منذ الكساد الكبير، وتشير إلى أن الدول النامية لم تتسبب في الأزمة الاقتصادية والمالية ومع ذلك تنوء بأشد أضرارها. ونصت الوثيقة على أنه «بالرغم من أن جميع البلدان تضررت من الأزمة المالية والاجتماعية، تجدر مراعاة تباين الأزمة وما تنطوي عليه من تحديات بالنسبة إلى مختلف فئات البلدان النامية».

وأشارت الوثيقة، التي اعتمدت بعد انتهاء أعمال المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، إلى جهود الدول النامية لتحقيق أهدافها الإنمائية الوطنية والأهداف المتفق عليها دوليا، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية، وقالت: «إن هذه الأهداف باتت مهددة بقدر أكبر من جراء الأزمة، وبصفة خاصة بالنسبة إلى البلدان الأقل نموا والدول الجزرية الصغيرة والبلدان غير الساحلية والبلدان الأفريقية والبلدان الخارجة من نزاع».

واستعرضت وثيقة الأمم المتحدة مظاهر الأزمة على البلدان النامية، وأشارت إلى زيادة سريعة في معدلات البطالة والفقر المدقع. وأشارت أيضا إلى تباطؤ معدل النمو وانكماش الاقتصاد، وكذلك الآثار السلبية على الميزان التجاري وميزان المدفوعات. وذكرت أن من بين مظاهر الأزمة تقلص مستويات الاستثمار المباشر الأجنبي، وكذلك تقلبات العجز في الميزانية وهبوط إيرادات الضرائب وتقليص الوعاء الضريبي. وقالت: «من مظاهرها انكماش التجارة العالمية وانخفاض التحويلات إلى البلدان النامية، إضافة إلى انخفاض ثقة الجمهور في المؤسسات المالية، ويضاف إلى ذلك انهيار أسواق الإسكان».

وترى المصادر الدبلوماسية أن المؤتمر قد بدأ فاشلا وانتهى بوثيقة لا تحظى بقبول الجميع، ومن المؤشرات على فشل المؤتمر غياب أغلبية الدول الصناعية والدول الأكثر نموا مثل السعودية وماليزيا وكوريا الشمالية، حيث كانت مشاركة أغلبية الدول الاقتصادية المهمة بممثلين غير رفيعي المستوى، وبعضها اكتفى بالسفراء المعتمدين لدى الأمم المتحدة. ولم يحضر من الرؤساء سوى رئيس بوليفيا وإكوادور، وتغيب رئيس فنزويلا هوغو شافيز الذي كان من المفترض أن يشارك في المؤتمر. واقتصرت الوفود الرفيعة المستوى على بعض دول أفريقيا ودول أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، حيث أوفد البعض منها وفودا يرأسها رئيس الوزراء وأخرى أوفدت وفودا على مستوى وزراء الخارجية. ومنذ اقتراح رئيس الجمعية دي اسكوتو فكرة المؤتمر لمعالجة الأزمة الاقتصادية واجه معارضة من قبل عدد من الدول، وتم تأجيل المؤتمر الذي كان من المفترض أن يعقد في نهاية الشهر الماضي.

وفي البيان الذي أدلى به سفير إيران لدى الأمم المتحدة محمد غازي انتقد فيه الولايات المتحدة لعدم منح تأشيرة دخول إلى أراضي الولايات المتحدة لنائب الرئيس الإيراني بارفيز داوودي، الذي كان من المفترض أن يرأس وفدا إيرانيا للمشاركة في أعمال القمة. وقد ألقى السفير محمد غازي كلمة نائب الرئيس الإيراني وقال: «إن البلد المضيف (الولايات المتحدة ) لم تمنح تأشيرة دخول له وللوفد المرافق له».

وانتقدت الولايات المتحدة الوثيقة التي اعتمدها المؤتمر، وقال ممثل الوفد الأميركي جون سيمس: «لا تفسر حكومتي لغة هذه الوثيقة على أنها تعتمد دورا رسميا للأمم المتحدة من المقررات التي تؤثر على المؤسسات المالية الدولية أو العمارة المالية الدولية». وأفاد أن الولايات المتحدة تعتقد أن الدول التي تواجه عجزا حادا في الاحتياطي الأجنبي الذي يؤثر سلبا على ميزان مدفوعاتها ينبغي أن تنفذ سياسة ميزانية ونقدية مناسبة، وأن تعمل مع مؤسسات الإقراض الدولية. ورأى سيمس أن المؤسسات المالية الدولية لها بنى حوكمة كما نص عليه من مواد اتفاقها على أنها مؤسسات مستقلة عن الأمم المتحدة، وأشار بصفة خاصة إلى مؤسسات بريتون وودز، وقال: «إن أي قرارات بشأن إصلاح المؤسسات المالية الدولية أو تتعلق بالطريقة التي تدير بها أعمالها فهي شأن خاص بحملة أسهم هذه المؤسسات ومجالس محافظيها».

ودعت وثيقة المؤتمر إلى اتخاذ إجراءات لإصلاح وتعزيز النظام والهيكل الماليين والاقتصاديين الدوليين، وتدعو إلى توثيق التعاون وتقوية الشراكة بين جهاز الأمم المتحدة الإنمائي ومصارف التنمية الإقليمية والبنك الدولي، ورفع مستوى جهودها بحيث يمكن معالجة احتياجات أكثر الفئات تضررا، وضمان ألا يجري تجاهل محنتهم. كما دعت الجمعية العامة إلى إنشاء فريق عمل لمتابعة مقررات الوثيقة التي اعتمدها المؤتمر الذي أنهى أعماله يوم الجمعة. وأشارت الوثيقة إلى قمة مجموعة العشرين التي عقدت في أبريل (نيسان) الماضي، وذكّرت بالتزامها بتوفير مبلغ إضافي قدره 1.1 تريليون دولار للبرنامج الهادف إلى تنشيط الاقتصاد العالمي. وطالبت الدول الغنية بمضاعفة الجهود من أجل الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتخفيف الديون، وتؤكد مسؤولية جميع الجهات المدينة والدائنة عن مسألة القدرة على تحمل الدين.