مجلس الوزراء العراقي يصادق على عرض تطوير حقل الرميلة وحده ويرفض البقية

الدباغ لـ«الشرق الأوسط» : سنعطي للشركات الأجنبية فرصة لتحسين عروضها

أثر الوضع الأمني وضعف الاستثمارات كثيرا على قطاع النفط في العراق («الشرق الأوسط»)
TT

وصف المتحدث باسم وزارة النفط العراقية جولة التراخيص الأولى، التي نظمتها الوزارة أمس الأول في فندق الرشيد، وحضرها أكثر من 35 شركة عالمية من 18 دولة مع 9 شركات وطنية، بالجولة الناجحة رغم أنها انتهت بتوقيع عقد تطوير حقل نفطي واحد فقط من بين ثمانية حقول.

وعزا عاصم جهاد، المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط في حديث لـ«الشرق الأوسط، أسباب تسميتها بالناجحة إلى أنه «لمجرد حضور مندوبي هذه الشركات لبغداد وفي هذا الوقت تحديدا أي خلال انسحاب القوات الأميركية من مدن العراق هو بمثابة نصر ونجاح للعراق، فضلا عن أن المفاوضات التي جرت بين الشركات والجانب العراقي زادت من خبرات الأخير، ناهيك عن أن توقيع عقد تطوير حقل الرميلة وحده كفيل بتحسين واقع إنتاج النفط للعراق، فهذا الحقل سيضيف ما يقرب من مليوني برميل لمجمل الإنتاج النفطي المصدر».

وبين جهاد «تقدمت الشركات، حسب طلب اللجنة، إضافة لما شاركت به خلال الفعالية، بعروض رفعت كلها لمجلس الوزراء، رغم أن اللجنة العراقية بينت للشركات أن العروض المقدمة عالية جدا مقارنة بما حددته وزارة النفط فهي تقدمت بنسب عوائد تصل حتى لـ 40 دولارا أميركيا بينما لم تتجاوز سقوف الوزارة الثلاثة دولارات، لكن بالنتيجة لكل طرف رؤيته الخاصة، ولهذا طلبنا وبعد نهاية الجولة توقيع عقد واحد فقط من بين ثمانية حقول، ستة منها نفطية والبقية غازية، طلبنا من الشركات دمج عطاءات جديدة مع التي قدمتها لكن باختلاف بنسب العوائد لرفعها لمجلس الوزراء». من جهته أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، أن مجلس الوزراء صادق على العرض المقدم من قبل ائتلاف شركة «بريتش بتروليوم» وشركة النفط الوطنية الصينية لتطوير حقل الرميلة الشمالي والجنوبي من خلال جولة التنافس الأولى التي عقدت يوم الثلاثاء الموافق 30 يونيو (حزيران) 2009، بكل شفافية وتنافس علني بين شركات مؤهلة، مشددا على أن مجلس الوزراء لم ينظر بأي عرض آخر غير المصادقة على عرض شركة «بريتش بتروليوم» البريطانية والشركة الصينية. وأكد الدباغ في حديث لـ «الشرق الأوسط» أن الائتلاف المذكور سيرفع الإنتاج من مستواه الحالي والبالغ 950 ألف برميل يوميا إلى 2,850 ألف برميل يوميا لقاء عائد خدمة بقيمة 2 دولار للبرميل الإضافي المنتج».

وأضاف الدباغ أن العروض التي تقدمت بها الشركات المتنافسة الأخرى لتطوير الحقول الباقية لم يتم قبولها في جولة التنافس الأولى نظرا لعدم موافقة هذه الشركات لعائد الخدمة المقرر من قبل وزارة النفط، والحكومة تراعي وجوب ربط هذه العقود بتطوير الخبرات العراقية.

وأوضح الدباغ أن «الحقول التي لم توقع بشأنها عقود تطوير ستبقى تدار وتطور من قبل شركات النفط العراقية، وحاليا نحن نعطي الفرصة للشركات بتخفيض مبلغ العائد لأنها عالية جدا لتخفضه إلى المستوى الذي طلبته وزارة النفط، ومجلس الوزراء لا يستطيع المصادقة على أي عروض قدمتها الشركات عدا حقل الرميله، وهناك احتمال حدوث جولات تنافسية أخرى، والآن رفضت جميع العقود لعدم مطابقتها المعايير المطلوبة»، مشيرا إلى أن «الفرق بين السعر المطلوب والمقدم شاسع جدا، وحتى بين أسعار الشركات المتقدمة، وهذا يدل على أن هناك مليارات واقعة والشركات تحقق أرباحا ليست بالقليلة فترى الفارق بين الشركات حتى لحقل واحد وهو فارق واضح».

وبشأن الجولة الثانية قال إن «وزارة النفط استفادت من خبرات الجولة الأولى وستقدم عروضا أكثر عائدية للشعب وأعلى عائدا للبلد، ومجلس الوزراء لم يفوض أي جهة كانت لإجراء مفاوضات مع الشركات الأجنبية حول الحقول الأخرى أي التي لم توقع عقود تطويرها، ومجلس الوزراء فوض وزارة النفط فقط للتوقيع على عقد الرميلة». من جهته كشف عاصم جهاد عن أن وزارته تستعد حاليا للإعلان عن جولة التراخيص الثانية، والتي ستقدم نهاية هذا العام وتشمل عشرة حقول نفطية وواحدا غازيا وأغلبها حقول (خضراء) أي مكتشفة لكن غير مطورة وأقل حجما من الحقول المعلنة يوم أمس الأول، وقال «نأمل أن تكون جلسة العطاءات أفضل من الجولة الأولى، وشركة (بي.بي) وافقت على سعر وزارة النفط، أي دولارين عن كل برميل إضافي منتج، وما سيتم إنتاجه كميات كبيرة جدا، ولو أضيف لها حقول ميسان سيرتفع الإنتاج العراقي بشكل يفوق توقعات بعض الخبراء». وأكد أنه «يحق للشركات المشاركة في الجولة الأولى على التنافس في الجولات الأخرى، وستلتزم الشركات الفائزة بتنفيذ عدة شروط من زيادة خبرات وتحديث للحقول وجلب أجهزة ومعدات حديثة وتدريب كوادر عراقية وغيرها من الأمور الفنية والهندسية». ولم تتوصل وزارة النفط العراقية إلى اتفاق مع الشركات الأجنبية التي حضرت لتقديم عطاءاتها والفوز بأحد الحقول النفطية، عدا توقيع عقد واحد تقدمت به مجموعة شركات تقودها «بي.بي» وتضم شركة «سي.ان.بي.سي» الصينية، قبلت عقدا لتطوير حقل الرميلة أكبر حقل نفط في العراق.

كما لم تتقدم أي شركة لاستثمار حقلين نفطيين وآخر للغاز بسبب العوائد المالية الضئيلة التي رصدتها وزارة النفط العراقية للشركات التي تقدمت لتطوير هذه الحقول، فيما طالبت وزارة النفط الشركات بتقديم عروضها حتى الساعة السادسة من مساء الأول من أمس، لرفعها لمجلس الوزراء الذي قام برفضها لعدم مطابقتها والأسعار المطروحة. وتضم جولة التراخيص الأولى، حقول الرميلة الشمالي والجنوبي حقول كركوك، حقول الزبير (البصرة) حقول غرب القرنة (المرحلة الأولى)، حقول ميسان (الفكة، أبو غرب، بزركان، باي حسن، عكاز، المنصورية»، ويصل إنتاج هذه الحقول إلى 80% من الإنتاج الكلي للعراق. وأن 120 شركة قد تقدمت للمشاركة في هذه الجولة منذ انطلاقها بداية عام 2008، وتم تأهيل 32 شركة تمثل 18 بلدا.

وقال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني، إن الجولة التنافسية شهدت أقصى درجات التنافس العالمي، و«اليوم سيشهد الشعب العراقي علنا وأمام مرأى الجميع هذه الجولة ليطلع عليها أبناء الشعب العراقي»، معربا عن شعوره «بالفخر لما حققته فرق وزارة النفط وبأسلوب منهجي لهذه الجولة» التي قال إنها ستعود بمردودات إيجابية وتأثير كبير على الاقتصاد العراقي للـ 20 عاما المقبلة. ودعا وزير النفط الشركات التي لا يحالفها الحظ بالفوز في هذه الجولة، أن يكون لها حافز للعودة مجددا والمشاركة في الجولات المقبلة.

وعارض البرلمان العراقي خطوة استثمار الحقول النفطية وأبدى تحفظات كثيرة عليها من أهمها عدم وجود غطاء قانوني لعمل الشركات وقلة خبرات الجانب العراقي المفاوض وما يشكله من مخاطر على إضاعة امتيازات يمكن الحصول عليها، فضلا عن خلاف نسب على صلاحية توقيع العقود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.