اختبارات ضغط للمصارف الأوروبية.. لكن دون الكشف عن النتائج

على خلاف المصارف الأميركية

TT

* اختبارات ضغط؟

* نعم، لدى أوروبا اختبارات ضغط. ولكن، في الوقت الذي يقوم فيه المراقبون الماليون الأوروبيون بعمليات محاكاة لمعرفة كيف ستتمكن البنوك الأوروبية الأكثر أهمية من تحمل الصدمات المستقبلية، يتساءل الساسة عما سوف يحدث مع النتائج عندما تكون متاحة. وعلى الرغم من أن مراقبين عدة من الخارج يقولون، إن اختبارات الضغط ليس من شأنها أن تحقق الكثير، فإن السؤال الهام بالنسبة للهيئات، هو هل يجب نشر النتائج، مثلما فعل المنظمون الأميركيون أخيرا، بعد اختبارات ضغط مماثلة، أم أنه يجب الإبقاء عليها سرية. ويقوم مسؤولون بالنظر في المخاطر مع كل احتمالية، على الرغم من أن معظم الحكومات تفضل حاليا نشر نظرة عامة على البيانات دون ذكر التفاصيل، وإسقاط النتائج على مصارف أو دول بعينها، بعد أن كانت هذه الحكومات تفضل في البداية الإبقاء على النتائج سرية. ويرى بهذا الرأي الكثير من المسؤولين، من وزارات المالية داخل الاتحاد الأوروبي، ومن البنك المركزي الأوروبي، ولكنهم غير مصرح لهم بالحدث علنا عن هذا الأمر. ولكنهم يقولون، إنه قبل أن يكون هناك اتفاق نهائي على نشر البيانات يجب تجاوز المخاوف الموجودة لدى دولتين، حيث تترد ألمانيا في نشر نتائج محرجة محتملة قبل انتخاباتها العامة، المزمع عقدها في سبتمبر (أيلول)، في الوقت الذي أعربت فيه إسبانيا عن مخاوفها من طريقة استخدام البيانات المرتبطة بمؤسسة الإقراض لديها.

وما زال هناك خلاف حول جدوى إجراء مثل هذه الاختبارات، ويطرح عدد من المحللين تساؤلات حول منهجية ومصداقية هذه الاختبارات. ويشار إلى أنه في الولايات المتحدة نشر منظمون نتائج اختبارات الضغط الخاصة بهم في بداية مايو (أيار)، وقالوا إن تسعة من بين البنوك التسعة عشر الأكبر داخل الولايات المتحدة، تتمتع بحماية بقدر مناسب، فيما طلب من البنوك العشرة الأخرى توفير 75 مليار دولار بصورة مجتمعة للمساعدة ضد احتمالية وقوع خسائر. ومثلت الاختبارات التي أجرتها الولايات المتحدة ضغوطا إضافية على الأوروبيين كي يقوموا بالكشف عن النتائج الخاصة بهم. وتقول باربرا ماتثيوز، وهي ملحق سابق لوزارة الخزانة الأميركية لدى الاتحاد الأوروبي، وتدير شركة استشارات تتخذ من واشنطن مقرا لها، إن الهيكلة الرقابية الأوروبية المعقدة والعلاقات الأقوى بين البنوك والحكومات والدور الأكبر الذي تلعبه البنوك داخل النظام الائتماني، يجعل من الصعب المقارنة بين الاتجاهين. وتقول: «هذه العملية مسيسة بدرجة أكبر داخل أوروبا». وتضيف أنه يمكن أن يكون لنتيجة سلبية خاصة ببنك أوروبا «مغزى أكبر من الناحية السياسية والمالية»، مشيرة إلى أن «الطريقة الوحيدة لنشر هذه المعلومات هي أن تتوافر إستراتيجية للخروج بالنسبة للمصارف». ويقوم مراقبون داخل الدول بإجراء اختبارات الضغط للبنوك منذ أعوام، وقد كثفوا من هذه الجهود منذ العاصفة المالية التي هبت العام الماضي. وقام بعض المراقبين بنشر النتائج التي توصلوا لها. وطلبت حكومات من لجنة مراقبي المصارف الأوروبية، وهي هيئة للمراقبين الأوروبيين لا تحظى بشهرة كبيرة، تتخذ من لندن مقرا لها، بجمع بيانات داخل الدول تغطي 22 مؤسسة إقراض تعمل عبر دول الاتحاد الأوروبي. وفي تصريح مختصر في مايو (أيار)، أكدت اللجنة على أنها «تقوم باختبارات ضغط تشمل الاتحاد الأوروبي بالنسبة للنظام المصرفي بصورة مجملة» بناء على إرشادات وسيناريوهات مشتركة. وقالت اللجنة إنها لن تحدد بنوكا بعينها يمكن أن تحتاج لإعادة رسملة، حيث يبقى ذلك مسؤولية على عاتق الحكومات داخل الدول. وقد رفضت إفتساثيا بولي، المتحدثة باسم اللجنة، المزيد من التعليق. ومن المقرر الانتهاء من هذه الاختبارات في نهاية أغسطس (آب)، وبعدها يتم تمرير النتائج إلى وزارات المالية. وحسب ما أفاد به مسؤولون، فإن الوزراء يمكنهم بعد ذلك أن ينشروا ملخصا للنتائج خلال اجتماع في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في غوثنبرغ بالسويد. ويدعو عدد من اللاعبين الخارجيين، من بينهم الولايات المتحدة وكندا ومؤسسات دولية وأعضاء في الاتحاد الأوروبي لديهم بنوك أقوى، إلى نشر المزيد من البيانات، قائلين إن الاتحاد الأوروبي يجب بعد ذلك أن يكون مستعدا لإعادة رسملة البنوك الضعيفة. وفي أبريل (نيسان) قدر صندوق النقد الدولي أن مصارف أوروبية سوف تحتاج إلى 375 مليار دولار في صورة رأسمال لتغطية خسائر، مقارنة بـ275 مليار دولار تحتاجها مؤسسات الإقراض الأميركية. وقد أقلقت هذه التوقعات مسؤولين أوروبيين، لم يعلموا عن نشر هذه التقديرات وليس لديهم فكرة عن منهجيتها.وأضافت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأسبوع الماضي، أنه من «المهم الالتزام بالشفافية بخصوص الافتراضات المدرجة». وقام البنك المركزي الأوروبي مؤخرا بخطوة غير اعتيادية لنشر تقديره الخاص بالخسائر بالنسبة لمنطقة اليورو، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى الضغط من أجل إعطاء معلومات، وأعلن المركزي الأوروبي أنه يحتمل أن تصل الخسائر إلى 283 مليار دولار في المجمل من 2009 وخلال 2010. وقالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد، الشهر الماضي: «لا نحاول أن نخفي شيئا، ونناقش الأمر في الوقت الحالي لنرى هل سيحدث ذلك داخل كل دولة، وهل سنقوم به في الوقت نفسه، وهل سوف ننشر المعايير فقط وهل سوف نقوم بنشر المعايير والنتائج».

ويمكن للوزيرة الفرنسية أن تكون واثقة من البنوك الفرنسية نوعا ما. وقد أعلن كريستان نواي، محافظ بنك فرنسا (البنك المركزي)، الأسبوع الماضي أن اختبارات الضغط على البنوك المحلية إيجابية حتى الآن. وعلى النقيض، قال وزير المالية الألماني بيير شتاينبروك، إنه لا يخطط للقيام باختبارات ضغط للبنوك المحلية بصورة فردية، وحتى لو قام بذلك فإنه لن ينشر النتائج. ويقول هانز جواتشم دوبل، وهو خبير مصرفي في فينبولكونسولت ببرلين، إن من الأسباب التي تقف وراء ذلك هو أن الكثير من الساسة، ولا سيما شتاينبروك، لا يريدون إظهار مدى المشكلات في مصارف لاندزبانكين قبل الانتخابات العامة، التي من المقرر إجراؤها نهاية سبتمبر (أيلول). وقال دوبل: «سيكون ذلك كارثيا من الناحية السياسية»، مضيفا أنه سوف يضيف ضغوطا على المزيد من خطط الإنقاذ. ولدى البنوك الإقليمية، التي تسيطر عليها حكومات داخل الولايات، مقدار كبير من الأوراق المالية المحفوفة بالمخاطر على رأس السوق، بعد أن ناقش ساسة من بينهم شتاينبروك صفقة مع بروكسيل في عام 2001، لتمديد ضمان من الولاية غير مقيد للدين، الذي تصدره مصارف لاندزبانكين حتى 2005، حسب ما يقوله دوبل. ولم تنشر الهيئات بيانات عن ديونهم الحالية المفترضة، ونشرت صحيفة «سودوتش زتنغ» تقريرا تم تسريبه من الهيئة الرقابية المالية الفيدرالية في أواخر أبريل (نيسان) يقول، إن بنوكا ألمانية لديها 816 مليار يورو أو 1.15 تريليون دولار في صورة أصول سامة، وديون أخرى واستثمارات مخصصة للتخلص منها. ووصفت الحكومة هذه الأرقام بأنها غير دقيقة، على الرغم من أنه بعد التقرير بفترة بسيطة خفض «ستاندرد آند بورز» من التصنيف الائتماني لخمسة من مصارف لاندزبانكين. ويقدر محللون أن أربعة من المصارف، وهي بايرن إل بي، وويست إل بي، وإل بي بي دبليو، وإتش إس إتش نورد بنك، تحمل ما بين 100 مليار يورو و150 مليار يورو من الأصول السامة المحتملة. وفي إسبانيا، يبدو أن هناك ترددا كبيرا بخصوص نشر الكثير من التفاصيل. وما زالت عملية دعم البنوك في إسبانيا في مرحلة حساسة، كما أن الكثير من مجالس الإدارة داخل المصارف الادخارية الأصغر بها سياسيون محليون. وقد أسست الحكومة صندوق دعم قيمته 99 مليار دولار، ولكن يقول محافظ بنك إسبانيا ميغل أنغل فرنانديز أوردونز: «ليس في نيتنا أن ينجو الجميع، حيث يجب أن تكون المصارف التي تنجو قادرة على المنافسة».

وبعيدا عن الحساسيات السياسية، فإن العملية برمتها تكتنفها مخاطر. ويقول غرهام بيشوب، وهو محلل مالي مستقل: «إذا قمت بأشياء ليست دقيقة ولا يمكن تصديقها، فما الذي تكون كسبته؟» ويتساءل آخرون عما إذا كان المراقبون الوطنيون لديهم المقدرة لتقييم الاحتياجات الرأسمالية للمصارف التابعة لهم عبر الحدود.

* خدمة «نيويورك تايمز»