استمرار تراجع التضخم مؤشر على دخول الاقتصاد الأردني نفق التباطؤ

وزير المالية الأردني: الأردن يمر بتحديات كبيرة ناجمة عن الأزمة المالية

TT

يرى خبراء اقتصاديون أن تراجع التضخم في الأردن إلى مستويات متدنية، يدل على تباطؤ اقتصادي مرتبط بتداعيات الأزمة العالمية، تسبب بانخفاض في معدلات الأسعار والطلب. ورغم تخوف هؤلاء الخبراء من ارتفاع نسب التضخم فإنهم حذروا من تراجع تلك النسب إلى ما دون 2 في المائة لما يعنيه ذلك من وقوع الاقتصاد في فخ التباطؤ، وما له من تبعات سلبية ومخاطر على الاقتصاد. واعترف وزير المالية الأردني باسم السالم بقوله أمام اللجنة المالية في مجلس النواب، إن الأردن يمر بتحديات كبيرة ناجمة بشكل أساسي عن اندلاع الأزمة المالية العالمية، مؤكدا أن الاقتصاد الوطني بدأ فعلا يمر في حالة من التباطؤ الذي تؤكده العديد من المؤشرات.

وأوضح أن أبرز هذه المؤشرات هي نسبة النمو المتواضعة التي حققها الاقتصاد خلال الربع الأخير من العام الماضي والربع الأول من هذا العام، وتراجع الصادرات الوطنية والاستثمارات الواردة للمملكة، والرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي والتسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك وغيرها.

وبيّن أن هذا الوضع أثر على أداء الموازنة العامة للدولة، فتباطأت الإيرادات المحلية خلال الفترة المنقضية من هذا العام، ونتيجة لذلك نتوقع أن يرتفع العجز خلال العام الحالي ليصل إلى حوالي 1.1 مليار دينار «الدولار يعادل 0.708 دينار»، مؤكدا أنه لا يمكن قبول حالة التباطؤ في الاقتصاد لأن ذلك سيؤثر على الإيرادات في الموازنة.

ويرى الوزير السالم أن استمرار هذه الأوضاع لمدة تتجاوز هذا العام سيفاقم التحديات، ويجعل من العسير مواجهتها، الأمر الذي يتطلب اتخاذ خطوات فورية للتصدي لها بنظرة شمولية تركز على حفز النمو في النشاط الاقتصادي، وفي الوقت نفسه ضمان ديمومة الاستقرار المالي في الأردن. وتشير أرقام رسمية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن التضخم خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بلغ مستوى 1%.

وكان متوسط أسعار المستهلك ارتفع للأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بمقدار واحد في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة، التي أظهرت ارتفاع متوسط أسعار المستهلك لشهر مايو (أيار) الماضي بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بالشهر السابق. وربط الخبير الاقتصادي جواد العناني تراجع التضخم المسجل أخيرا بتراجع الأسعار منذ بداية العام بسبب استفحال الأزمة وتراجع الطلب العالمي وهبوط أسعار النفط، وهو ما نتج عنه محليا ـ بحسب العناني ـ تراجع أسعار مدخلات البناء والإنتاج والغذاء وحتى الملابس. غير أن استمرار تراجع نسب التضخم لم يعد يعكس تراجع الأسعار فحسب، بل بات يعكس هبوطا في الطلب في السوق المحلية، التي شهدت تراجعا في حجم المستوردات، مما يعني أن تراجع الأسعار لم يثمر تحسنا في الطلب، وهو ما يعني بالضرورة ضعف القوة الشرائية وتراجع حجم الائتمان الممنوح للناس. وأضاف «جملة هذه الحقائق تعكس تراجعا اقتصاديا وانكماش قدرة المواطن على الشراء سواء من دخله الخاص أو عبر الائتمان البنكي». وتوقع العناني أن يبلغ انكماش القدرة الشرائية للمواطنين أسوأ ظروفه مع دخول الربع الثالث من العام مطلع يوليو (تموز(، في ظل تراجع النمو الاقتصادي رغم وجود عوامل موسمية إيجابية. وكان التضخم سجل نهاية العام الماضي مستويات قياسية هي الأعلى منذ 18 عاما حين بلغ 14.93 في المائة. وعرّف قاسم الحموري، أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك شمال الأردن، التضخم على أنه ارتفاع عام ومستمر في مستوى الأسعار ناتج إما عن زيادة في الطلب أو عن نقص في العرض. ورأى الحموري أن الأزمة المالية العالمية دفعت الطلب إلى التراجع مما دفع التضخم بدوره للتراجع بدرجة كبيرة، مؤكدا أنها ظاهرة غير صحية ومؤشر على وقوف الاقتصاد على عتبة انكماش يؤدي عادة إلى زيادة البطالة والفقر وتباطؤ معدلات النمو. وأوضح الحموري أن هذا اعتراف عملي بتأثر المملكة بالأزمة العالمية، غير أن الأردن ولمجموعة من الأسباب كان تأثره أقل بكثير من غيره، وبشكل غير مباشر. وربط مدة التأثر بالأزمة بالطريقة التي تتم بها معالجتها والتعامل معها داخل البلد «فإذا تم اعتماد سياسات نقدية عقلانية رشيدة» فإن ذلك سيقصر مدة الأزمة. وتوقع الحموري تعمق التراجع الاقتصادي بحلول شهر رمضان المبارك، ليكون الشهر الفضيل مختلفا ويشهد نسب إنفاق أقل ولن تشهد الأسعار الارتفاعات المعهودة كل عام، مرجعا ذلك إلى محدودية موازنات الأسر التي ستتوزع على النفقات الثابتة. ويوضح عبد الخرابشة، الخبير الاقتصادي، أن تراجع التضخم كان أمرا متوقعا في ظل تراجع أسعار السلع المستوردة والمرتبط بالركود العالمي. وأوضح أن هذا التراجع في الأسعار هو لمصلحة المستهلك، غير أنه يتسبب بتراجع إيرادات الدولة وتحصيلاتها، محذرا من أن استمرار التراجع في الأسعار يعكس تراجعا في أرباح التاجر أو المستثمر، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى الإحجام عن دخول السوق الأردنية لانخفاض معدلات الأرباح. وربط خرابشة بين استمرار الظروف الاقتصادية العالمية الحالية بمزيد من التراجع في الأسعار، لافتا إلى أن هذا التراجع هو انعكاس للركود العالمي وانكماش الأسعار.