صراف.. وبنك عائلي

العلمي بدأ حياته من الصفر 3 مرات

سفيان العلمي («الشرق الأوسط»)
TT

لم تعد محلات العلمي للصرافة (سفيان ومروان العلمي) مجرد مكان لصرف العملات وتحويلها، بل أصبحت تمارس معظم أعمال البنوك، هكذا طور سفيان العلمي، محل الصرافة الذي كان يديره شقيقه المرحوم مروان. وبخاصة أنه أضاف لعمل الصرافة خبرته، التي اكتسبها خلال عمله الطويل في البنوك الأردنية والكويتية.

العلمي افتتح مع شقيقه أول محل للصرافة في شارع وصفي التل (الغاردنز)، وهو منطقة راقية في عمان، ثم تبعه آخرون، حيث يضم حاليا أكثر من خمسة عشر مكتبا للصرافة. لكنه يقول إن وجود المكاتب الأخرى لم يؤثر على عمله، والسبب أنه يؤثر الربح القليل مع تدوير رأس المال، وقد تحول محل الصرافة الذي يديره مع أبناء شقيقه خالد، ولؤي، وفادي، إلى ما يشبه البنوك التقليدية العائلية، وهو يعلق على هذا بالقول: إننا نقوم بكل ما تقوم به البنوك تقريبا، ما عدا استلام الودائع من العملاء وفتح الاعتمادات.

ويؤكد العلمي، أن أعمال الصرافة لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية العالمية، كونها تمتنع عن استلام الودائع أو إيداع الأموال في البنوك، بل إنها تركز على التعامل الفوري في أعمالها، سواء بالنسبة لعمليات صرف العملات أو تحويلها إلى عملات مختلفة.

وعن سبب توجه الكثير من الزبائن إلى مكاتب الصرافة بدلا من البنوك، يقول إننا لا نتقاضى عمولات وفوائد كبيرة، وبالتالي فإن سعر الصرف للعملات لدينا يكون في العادة أفضل من سعر البنوك، كما أننا نقسم الفلس إلى عشرة أجزاء، وهذا يعطينا مجالا للتنافس، إضافة إلى أننا نتميز بسرعة تسليم الحوالات إلى الزبائن وسرعة إيصالها وتحويلها للخارج أيضا.

بدأ العلمي حياته من الصفر لثلاث مرات، فمن مدينة اللد الفلسطينية، التي ولد فيها اضطر مع عائلته عام 1948، وكان يومها في الحادية عشرة من عمره، إلى النزوح بعد احتلالها واللجوء لمدينة رام الله تاركين منازلهم وممتلكاتهم، ليبدأوا حياتهم من جديد.

وعام 1967 وكان يشغل منصب مدير البنك الأهلي الأردني في مدينة الخليل، اضطر للرحيل أيضا بعد احتلال المدينة تاركا منزله وكل ما فيه، ليبدأ من الصفر من جديد مرة ثانية.

وفي عام 1968 وصل وفد من الكويت لاختيار موظفين بهدف تأسيس البنك الأهلي الكويتي، فكان أن شارك في عملية التأسيس، واستمر في العمل وحقق مركزا متقدما في إدارة البنك.

وقبل أيام قليلة من احتلال الكويت، كان يمضي إجازة مع عائلته في إسبانيا، ففقد بذلك منزله وكل ما فيه، ليبدأ من الصفر للمرة الثالثة. العلمي خريج الجامعة الأميركية في بيروت عام 1957، وقد بدأ حياته العملية في المشروع الإنشائي العربي في أريحا، الذي أقرته الجامعة العربية عام 1946، بهدف مساعدة الفلسطينيين في القرى والأرياف لضمان عدم بيع أراضيهم بسبب الحاجة، وكذلك لينقذهم من براثن الوكالة اليهودية، التي كانت تسعى لإغراء الفلاحين من سكان القرى والأرياف الفلسطينية. وكان المشروع يضم عدة مدارس لتعليم الزراعة والحدادة والنجارة، إضافة إلى التعليم الأكاديمي، كما كان يقوم بزيارة القرى والأرياف في الخطوط الأمامية، لمساعدة المجتمعات المحلية على سد احتياجاتها، سواء من خلال تزوديهم بالآلات الزراعية، أو حفر آبار مياه وآلات النسيج ومراكز التطريز، مما يسهم في تنمية مجتمعاتهم، وقد تعرض هذا المشروع لمعارضة شديدة في حينها، بحجة أن الدولة الوحيدة، التي مولته دون الآخرين هي العراق، التي كان على رأس حكومتها في ذلك الوقت نوري السعيد، مما دفع البعض إلى التشكيك في نوايا هذا المشروع، الذي كان فريدا من نوعه في خدمة الشعب الفلسطيني ودفعه إلى الصمود.

وفي عام 1963 التحق العلمي بالبنك الأهلي الأردني، بوظيفة مدير شؤون الموظفين، وتنقل بعد ذلك في مناصب كثيرة كمدير للفرع في العقبة، ثم الخليل، ثم عين مديرا عاما للفروع، إلى أن التحق بالعمل في البنك الأهلي الكويتي منذ تأسيسه عام 1968.

يواظب سفيان العلمي على الحضور مبكرا إلى مكتبه، ويمضي ساعات دوام طويلة، يحيط به أبناء أخيه المرحوم مروان، الذين ورثوا المهنة عن أبيهم وبرزوا فيها.

وعن سر نجاحه بعد كل هزة تعرض لها، ونصيحته للشباب من الجيل الحالي يقول: أهم نصيحة هي عدم التأثر بثقافة العيب في العمل، فلا أحد يبدأ كبيرا في عمله، وإنما يصل الإنسان إلى ما يصبو إليه عن طريق الالتزام بجدية في عمله، والمثابرة والاستقامة والصدق والأمانة. وتجنب الطمع والتمسك بالقناعة، كما يقول المثل الشائع (على قدر فراشك مدد قدميك). وكذلك بناء السمعة الجيدة والالتزام بشرف المهنة. كما أن معايير النجاح الثقة بالنفس وعدم اليأس، وأن لا ننظر إلى ما وصل إليه الآخرون، بل نحاول أن نعرف سر نجاح الآخرين ونستفيد من خبراتهم.