«جنرال موتورز» تطل بحلتها الجديدة وتتعهد بإعادة هيكلة فريقها الإداري

بعد حالة إفلاس استمرت 40 يوما

مقر «جنرال موتورز» في مدينة ديترويت الأميركية (أب)
TT

سيكون على شركة «جنرال موتورز»، التي خرجت من الإفلاس يوم الجمعة الماضي، التعامل مع مشكلتها الشائكة الثانية المتمثلة في فريق إدارتها.

ويخطط الرئيس التنفيذي للشركة، فريتز هندرسون، لأن يطلب من أكثر من 400 مدير تنفيذي من بين 1400 الاستقالة أو التقاعد. وأشار هندرسون في المقابلة التي أجريت معه يوم الجمعة، في أعقاب ساعات قلائل من خروج الشركة من حالة الإفلاس التي دامت 40 يوما عبر الفصل الحادي عشر «إنها عملية مؤلمة جدا، فلا يوجد لدينا الكثير من المديرين التنفيذيين السيئين، لكنّ لدينا بعضا منهم».

تعد هذه الخطوة أقل إثارة للاهتمام من الاستغناء عن عشرات الآلاف من عمال المصانع والموظفين الذين أُقصوا خلال فترة تراجع الشركة.

وعلى الرغم من الخسائر الضخمة التي شهدتها الشركة في السنوات الأخيرة، فإن التغييرات لم تمس كبار مديريها التنفيذيين، حيث كان أكثر نواب الرئيس غير المعروفين لديهم مسؤول علاقات عامة. وفي الوقت الذي كان على المديرين التنفيذيين فيه التخلي عن مكافآتهم وبعض الفوائد الأخرى، ظلت رواتبهم التي تقدر بملايين الدولارات ومناصبهم المنيعة في الهيكل الوظيفي لـ«جنرال موتورز» محفوظة إلى حد بعيد.

كانت حملة التطهير في المقار الإدارية للشركة قد بدأت في مارس (آذار)، عندما أجبرت إدارة أوباما ريك واغنر رئيس الشركة العتيد والمدير التنفيذي على الاستقالة.

كما أجرت الحكومة، التي تمتلك 61% من أسهم الشركة، تغييرات في مجلس إدارة الشركة أيضا عندما أعلنت اسم إدوارد ويتاكر، المدير التنفيذي السابق لشركة «إيه تي آند تي» كرئيس لـ«جنرال موتورز». ويعد ويتاكر أول شخص من خارج الشركة يشغل منصب رئيس مجلس إدارة «جنرال موتورز» منذ أوائل التسعينات، وقد أشار يوم الجمعة إلى أنه لا يزال على الشركة القيام بتغييرات كبيرة إذا ما رغبت في استعادة صدارتها في سوق صناعة السيارات.

وقال ويتاكر في أعقاب المؤتمر الصحافي في ديترويت يوم الجمعة «لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به للوصول بـ(جنرال موتورز) إلى حيث نريدها أن تكون وما نرغب في أن تكون عليه».

من المعروف أن «جنرال موتورز» كانت أكثر انعزالية من خصميها التقليديين «فورد» و«كرايسلر»، ونادرا ما كانت تلجأ إلى فصل كبار مديريها التنفيذيين حتى وإن كان أداء إداراتهم ضعيفا، فكانت تلجأ بدلا من ذلك إلى نقلهم لوظائف أخرى غالبا ما تكون خارج الولايات المتحدة.

وأشار هندرسون إلى أن الشركة باتت الآن مؤسسة مملوكة للدولة تلقت قروضا فيدرالية تقدر بنحو 50 مليار دولار، ولا يمكن لها أن توفر «الوظائف كالسابق».

وأوضح أحد خبراء الإدارة أن خفض أعداد المديرين التنفيذيين في الشركة خطوة مهمة في تغيير فكر «جنرال موتورز» وثقافتها الإدارية.

وقال مايكل يوسيم، أستاذ الإدارة في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا إن «إعادة الصياغة الثقافية يجب أن تتم وفق المفهوم الصحيح، إذ يجب أن تكون واسعة النطاق وممتدة». ورفض هندرسون تحديد المديرين التنفيذيين الذين سيتم التخلي عنهم، لكن بعض الوجوه المألوفة في الشركة قد تواجه بعض المخاطر. وأحد هؤلاء المديرين التنفيذيين هو تروي كلارك، الذي سيتم إلغاء منصبه كرئيس لعمليات أميركا الشمالية وسيتولى هندرسون مهامه. وقال هندرسون: «لدينا عدة تغييرات في الأفراد، وهو أمر يجب علينا التعامل معه في المستقبل القريب». كانت رحلة «جنرال موتورز» عبر الإفلاس سريعة. لذا يسعى هندرسون للقيام بخفض أعداد المديرين التي قد لا يتاح له الوقت للتفكير بشأنها.

لكن عملية الإفلاس فاقت التوقعات، حتى بالنسبة لإدارة الرئيس أوباما الذي توقع أن تقضي «جنرال موتورز» ما بين 60 إلى 90 يوما في الفصل الحادي عشر.

ومنذ إشهار الإفلاس في الأول من يونيو (حزيران) خفضت الشركة من دينها بمقدار 40 مليار دولار، وخفضت من عدد المصانع والعمال ووكلاء التوزيع عبر الولايات المتحدة، وانتقلت ملكية أفضل الأصول لدى الشركة التي تضم ماركات «شيفروليه» و«كاديلاك» رسميا إلى «جنرال موتورز» الجديدة في المحكمة أول من أمس (الجمعة).

وقالت وزارة الخزانة في تصريحها يوم الجمعة «وضع خطة لإعادة الشركة إلى الحياة يقع على كاهل مجلس إدارة (جنرال موتورز) وفريقها الإداري. لكننا على ثقة بأننا نسير في الطريق الصحيح كي نشهد في النهاية عائدات لاستثمارات دافعي الضرائب». ومع وجود خطة هيكلة مالية قوية والكثير من الأموال الفيدرالية لتنفيذ تلك الخطة خلال العام لن يكون لدى «جنرال موتورز» أي أعذار إذا ما استمرت في التدهور في عالم سوق السيارات.

وقال يوسيم «إن بعض تلك التغييرات تتطلب سنوات عديدة، ولا يبدو أن (جنرال موتورز) لا تملك هذا القدر من الوقت».

وأشار هندرسون إلى أنه يتعرض لضغوط لبناء مؤسسة تتكون من طبقات عدة من المديرين التنفيذيين، وكذلك المسارعة في اتخاذ القرارات بشأن السيارات التي سيتم تصنيعها وكيفية تسويقها.

وسيكون على «جنرال موتورز» الآن الاستعاضة عن فريقي إدارة مجلس استراتيجية صناعة السيارات ومجلس منتج السيارات، بفريق واحد ولجنة مديرين تنفيذيين أصغر لاتخاذ القرارات الرئيسية.

وسيكون على الشركة أيضا التخلص من هيئة التشغيل الإقليمية لوحدات عملها في آسيا وأوروبا وأميركا الجنوبية. ويعد خفض مناصب الإدارة في «جنرال موتورز» تغييرا ملحوظا عن ماضي الشركة التي تسيدت على منافسيها كأكبر منتج للسيارات على مدار 70 عاما. لكن الشركة الأصغر اليوم لا تعدو كونها شركة متوسطة بحسب تعريف المبيعات والدخل.

وأشار هندرسون إلى أنه لا يرى الحجم ميزة، وقال «أحيانا لا تكون الضخامة سلاحا، فأحيانا ما تعني أنك ضخم فقط».

وقد أعاقت إدارة أوباما ويتاكر عن الإشراف على التحول الإداري المطلوب في «جنرال موتورز»، وأوضح يوم الجمعة أن مديرين جددا سيلتحقون بالشركة قريبا، ووعد بأن يكون المجلس مراقبا لحصة ملكية الحكومة.

وقال ويتاكر «أولى مسؤولياتي حَمَلَة الأسهم ودافعو الضرائب الذين يشكلون أكبر حملة للأسهم بنصيب 61%».

وفي الوقت الذي يقوم فيه هندرسون بخفض عدد فريق الإدارة المعاون له وإعادة توزيعهم خلال الأسابيع القادمة، أدهش عالم صناعة السيارات باحتفاظه بأحد أقدم خبراء «جنرال موتورز» في منصب جديد. فبوب لوتز، الذي كان يفترض أن يتقاعد من منصبه كخبير المنتج العالمي بنهاية العام، سيستمر في منصبه لتنسيق الملامح الإبداعية للتصميمات والماركات والتسويق والإعلان في «جنرال موتورز».

ولن يشكل لوتز، الذي يبلغ من العمر 77 عاما، حلا طويل الأمد للتحديات الكبيرة التي تواجه الشركة، فمرة أخرى لن تحتاج الشركة في هذه المرحلة إلى مديرين تنفيذيين يعتمدون على خبراتهم الطويلة في تغيير اتجاهها.

وقال هندرسون «نحن في حاجة إلى الحصول على أفضل النتائج من منتجاتنا وماركاتنا، ونحن بحاجة للقيام بذلك الآن»

* شارك نك بانكلي في إعداد هذا التقرير خدمة «نيويورك تايمز»