خبراء: «أوبك» لا تزال قادرة على مواجهة تحدي سوق النفط

فيما تراجعت الأسعار 10 دولارات بعد تجاوزها الـ70 دولارا خلال الشهر الماضي

TT

تراجع سعر النفط عشرة دولارات للبرميل في حين تشهد مخزونات وقود السيارات زيادة على غير المعتاد في هذا الوقت من السنة وقد بدأ الالتزام بتخفيضات الإنتاج يضعف. للوهلة الأولى يبدو أن جهود «أوبك» لرفع سوق النفط قد باءت بالفشل، لكن حقيقة الأمر أنها تعقدت لا أكثر. كان التفاؤل هو السائد في اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في مايو (أيار) عندما أصبح مستوى 75 دولارا للبرميل الذي يقول أعضاء المنظمة إنه السعر العادل للمستهلكين والمنتجين هدفا ينتظر تحقيقه في وقت لاحق هذا العام. كاد الهدف يتحقق في نهاية يونيو (حزيران) عندما لامس النفط ذروته للعام الحالي عند 73.38 دولار. لكن منذ مطلع يوليو (تموز) تبدلت المعنويات تماما في أسواق المال التي أصبحت أكثر تركيزا الآن على المتاعب الاقتصادية. وبحسب «رويترز»، قال مصدر مقرب من الرئاسة الأنجولية لمنظمة «أوبك»: «نعم نحن قلقون.. لكن لا مجال للذعر. ينبغي أن ننتظر حتى اجتماع (المنظمة) في سبتمبر». وتعقد «أوبك» اجتماعها التالي للبت في سياسة الإنتاج في التاسع من سبتمبر (أيلول). وقال مندوب لدى «أوبك»: «أشك أن تقدم أوبك على أي إجراء في ظل الأوضاع الحالية. أعتقد أنهم سيؤكدون على الالتزام. الأسعار ضعيفة بسبب وجهات نظر تتعلق بالاقتصاد. التشاؤم حل محل التفاؤل. هذا عدا العوامل الأساسية التي لا تزال ضعيفة». كانت «أوبك» تعهدت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي بحجب 4.2 مليون برميل يوميا، أي نحو خمسة في المائة من الطلب العالمي، وبحلول مارس (آذار) كانت تطبق 80 في المائة من تخفيضات الإنتاج المتفق عليها. نجحت درجة الانضباط القياسية هذه نجاحا كبيرا في انتشال الأسعار من مستوياتها المتدنية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما سجلت 32.40 دولار، وتوقع كثيرون عودة التوازن بين العرض والطلب أواخر هذا العام. لكن وجهة النظر هذه تغيرت الآن في ضوء تراجع درجة «أوبك» بتخفيضات الإنتاج إلى نحو 70 في المائة وضعف الطلب الأميركي حتى في ذروة موسم الرحلات الصيفية مما سمح للمخزونات بالتضخم. والأسبوع الماضي قالت وكالة الطاقة الدولية إن المخزونات في الدول المتقدمة بلغت في نهاية مايو (أيار) ما يعادل 62.5 يوم من الطلب الآجل وهو مؤشر ترقبه «أوبك» عن كثب. بالمقارنة، كانت المخزونات تغطي 62 يوما في نهاية أبريل (نيسان) وهي تزيد نحو عشرة أيام عما تعتبره «أوبك» مستوى مريحا. وقال ديفيد كيرش مدير خدمات معلومات السوق لدى «بي. اف. سي إنرجي» في واشنطن: «من المرجح أن تتراجع المخزونات إلى مستويات عادية في وقت ما من الربع الأول (من 2010). منذ شهرين تقريبا كنا نرجح (حدوث ذلك) في وقت ما من الربع الأخير». ومن شأن ضعف السوق ـ سجل الخام الأميركي نحو 60 دولارا أمس الخميس ـ أن يشغل الأذهان. وقال كيرش «أوبك لا تزال على المسار الصحيح، لكنها ليست مهمة سهلة، وسيكون عليهم أن يضمنوا بقاء درجة الالتزام عالية. مع تراجع الأسعار سيقل الحافز لدى بعض أعضاء أوبك للغش. سعر 75 دولارا يستدرج نفطا أكثر بكثير من 60 دولارا». كما يرى مايك ويتنر من «سوسيتيه جنرال» أن «أوبك» قادرة على مواجهة التحدي. وقال: «ما عليك سوى أن تنظر إلى العام المنصرم لترى أنهم تحركوا عندما كان وقت الانهيار. ما تحتاجه أوبك هو أن يدركوا أنهم لم يتجاوزوا الأزمة بعد». وتواجه «أوبك» تحديات أخرى إلى جانب التزامها بسقف المعروض المتفق عليه. فهناك توقعات المنظمة للطلب على إنتاجها من النفط وهي ضعيفة جدا، وفي وقت سابق هذا الشهر أشارت توقعاتها للأجل المتوسط إلى أن استهلاك إمداداتها من الخام لن يضاهي مستوى ما قبل الأزمة المالية التي تفجرت العام الماضي حتى عام 2013. ولا تختلف وجهات نظر المحللين كثيرا، إذ يقولون إن موجة صعود الأسعار حتى مستوى يقترب من 150 دولارا ـ قبل عام من الآن ـ قد ألحقت ضررا دائما بجانب من الطلب وشجعت على تطوير مصادر وقود بديلة. وفي حين توقعت «أوبك» في مايو (أيار) أن العالم سيكون قادرا على التأقلم مع 75 دولارا للبرميل بنهاية العام الحالي، فإن تراجع السعر هذا الشهر وضعف الطلب قد ينبئان بأن هذه الثقة كانت سابقة لأوانها. وقال لورانس إيغلز من «جيه. بي مورغان»: «مع صعودنا إلى 70 دولارا بدأت جيوب الناس تتأثر». وقال إن «أوبك» قد تواجه مصاعب لإقناع نفسها والعالم بأنها تمضي قدما في الاتجاه الصحيح عندما تعقد اجتماعها في سبتمبر (أيلول)، لكنه أضاف أنه لا يزال هناك نقص في بيانات العرض والطلب اللازمة للكشف عن حجم المهمة التي تنتظر المنظمة. وقد استقرت أسعار النفط أثناء التعاملات أمس فوق حاجز 60 دولارا للبرميل على الرغم من الانخفاض الطفيف مقارنة بالأسعار أول من أمس الأربعاء بسبب الرغبة في جني أرباح سريعة.

وكان ارتفاع السعر أمس قد أغرى شركات المضاربة والمتعاملين بالبيع الفوري لجني أرباح سريعة مما تسبب في تراجع طفيف لسعر النفط أمس.

وسجل الخام الأميركي من نوع غرب تكساس الخفيف 61.20 دولار للبرميل بانخفاض مقداره 30 سنتا عن سعر الإقفال أمس، فيما سجل مزيج برنت بحر الشمال 62.37 دولار للبرميل بانخفاض مقداره 72 سنتا عن السعر أمس. وبحسب وكالة الأنباء الألمانية أرجع الخبراء ارتفاع أسعار النفط إلى البيانات المبشرة للاقتصاد الأميركي وتحسن أداء كبرى الشركات والمؤسسات الأميركية بشكل يساهم في زيادة الطلب على النفط في أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم.

وفي فيينا، أعلنت الأمانة العامة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أمس أن متوسط سعر البرميل الخام من إنتاج الدول الأعضاء سجل أول من أمس الأربعاء 61.73 دولار بزيادة قدرها 86 سنتا عن السعر يوم الثلاثاء الماضي.