«ميريل لينش»: الأسواق الصاعدة تتصدر رغبات المستثمرين.. والأسهم الأميركية والأوروبية في آخر القائمة

في استطلاع شمل 221 مديرا لصناديق تستثمر 635 مليار دولار

TT

أكد مسح أصدره «ميريل لينش» على استمرار قوة ثقة المستثمرين بانتعاش الاقتصاد العالمي، حيث ارتفعت نسبة الذين يتوقعون منهم تحسن معدلات نمو ذلك الاقتصاد خلال ألأشهر الاثني عشرة المقبلة، من 78 في المائة في يونيو (حزيران) إلى 79 في المائة في يوليو (تموز). وأكد المسح الذي أجري لمديري الاستثمار لشهر يوليو (تموز) وأرسلت نتائجه لـ«الشرق الأوسط»، أن المستثمرين ردوا على تراجع أسواق الأسهم العالمية بتقليص نسبة مخاطرتهم واستثمارهم في أسهم القطاعات الخاضعة لتأثير دورات الانكماش الاقتصادي، والعودة بقوة إلى الاستثمار في أسهم القطاعات التي تقاوم ذلك التأثير.

وشارك بالمسح العالمي ما مجموعه 221 مديرا لصناديق الاستثمار العالمية، يشرفون على توظيف 635 مليار دولار. واشترك في الاستطلاع الإقليمي ما مجموعه 191 مديرا يستثمرون 405 مليارات دولار. وقد أجري المسح من 2 إلى 9 من شهر يوليو (تموز).

وأشار المسح إلى ارتفاع الحصة النقدية في المحافظ الاستثمارية من 4.2 في المائة في شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى 4.7 في المائة في شهر يوليو (تموز) الحالي، وذكر أنه بينما كانت مخصصات المستثمرين في أسهم جميع القطاعات الاقتصادية الدفاعية المقاومة للانكماش متدنية في يونيو (حزيران)، فقد عكسوا الآن هذا التوجه وأقبلوا بقوة على الاستثمار فيها، ما جعل 11 في المائة من المشاركين يغرقون في الاستثمار في أسهم قطاع صناعة الأدوية، الذي يعتبر من الملاذات التقليدية في مراحل الانكماش الاقتصادي، بينما كان 2 في المائة منهم يستثمرون بنسبة أقل من المعدل الطبيعي في تلك الأسهم خلال شهر يونيو (حزيران). وأشار المسح إلى ارتفاع حصص أسهم شركات تجارة المواد الغذائية والاتصالات أيضا في المحافظ الاستثمارية في يوليو (تموز)، بينما تدهورت نسبة المستثمرين في أسهم شركات المواد الخام التي تخضع تقليديا وبشدة لتأثير دورات الانكماش الاقتصادي، إلى واحد في المائة مقابل 15 في المائة في يونيو (حزيران)، كما أشار إلى تراجع أسواق الأسهم العالمية بنسبة 4.9 في المائة، خلال الفترة الواقعة بين 2 و9 يوليو (تموز) الحالي، التي انتهى خلالها إعداد هذا التقرير.

وقال مايكل هارتنيت، رئيس دائرة استراتيجية الاستثمار الدولي في الأسهم في «بنك أوف أميركا سيكيوريتيز ميريل لينش»: «إن ثقة المستثمرين بآفاق أسواق الأسهم العالمية ظلت هشة جدا، حيث أعربوا عن اعتقادهم بأن الاقتصاد العالمي تجاوز أسوأ مراحل الأزمة الراهنة، لكنهم ظلوا يستثمرون بشكل محدود جدا في أسهم شركات الأسواق الصاعدة وشركات التكنولوجيا».

من جهته، قال جاري بيكر، كبير محللي استراتيجية الاستثمار في الأسهم الأوروبية في البنك الأميركي إن أسواق الأسهم استجابت بشكل مناسب لرغبة المستثمرين وإجماعهم على تمني تراجع تلك الأسواق، «إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن يتمثل في معرفة ما إذا كان المستثمرون يتمتعون بالشجاعة الكافية للتعبير عن قناعاتهم الحقيقية والاستثمار في الانتعاش الاقتصادي الذي يرونه قادما لا محالة، في النصف الثاني من العام الحالي».

ويلفت التقرير إلى أنه وفي سياق سعيهم إلى تقليص انكشافهم أمام الأسهم عالية المخاطر، زاد المستثمرون من مخصصات الاستثمار في الأسواق الصاعدة بدلا من تخفيضها، وذلك على حساب استثماراتهم في الأسواق الأوروبية والأميركية. هنا يقول مايكل هارتنيت: «يبدو أنه كان هناك ملحق لعملية فك الارتباط، حيث بات المستثمرون مغرقين في الاستثمار في أسواق الأسهم الصاعدة ويستثمرون بنسبة تقل عن المعدلات الطبيعية في أسهم سائر الأسواق العالمية».

وأكد 48 في المائة من المشاركين في الاستبيان الشهري لـ«ميريل لينش»، أن الأسواق الصاعدة هي المنطقة التي يرغبون في الاستثمار فيها بمعدلات تفوق الطبيعية، وذلك بزيادة 11 في المائة عمن أعربوا عن مثل هذا الرأي في شهر يونيو (حزيران) الماضي. وجاءت اليابان الوجهة المفضلة الثانية للمستثمرين وإن كان بفارق كبير، حيث لم يعرب سوى 2 في المائة من المستطلعة آراؤهم عن تفضيلهم للاستثمار بمعدلات مرتفعة في الأسهم اليابانية. ولاحظ المسح أن آراء المستثمرين حول الأسهم الأوروبية والأميركية باتت أكثر سلبية، وأن 30 في المائة من المستطلعة آراؤهم أعربوا عن رغبتهم في تقليص حصة استثماراتهم في الأسهم الأوروبية إلى ما دون المعدلات الطبيعية، ما يعتبر أكثر المواقف تشاؤما منذ عام 2001، بينما أعرب 9 في المائة منهم عن مثل هذه الرغبة بالنسبة للأسواق الأميركية، مقابل 3 في المائة أعربوا عن رغبتهم في زيادة حصة استثماراتهم في الأسهم الأميركية في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وأشار المسح إلى أن المستثمرين يتجاهلون بذلك الرأي السائد بأن أسهم الأسواق الصاعدة تفتقر إلى القيمة الحقيقية، ويصرون على مواصلة التفاؤل بآفاق تلك الأسواق. وبينما يرى 8 في المائة من المشاركين أن أسعار أسهم الأسواق الصاعدة تفوق قيمتها الحقيقية، ترى نسبة مماثلة منهم أن أسعار تلك الأسهم تقل عن قيمتها الحقيقية.

رجحت كفة المستثمرين الأوروبيين المتفائلين بانتهاء الدورة الراهنة للانكماش الاقتصادي قريبا، إلا أن توجهاتهم الاستثمارية في أسواق الأسهم تشير إلى تحولهم المتزايد إلى الأسهم الدفاعية المقاومة للانكماش.

ويشير مسح آراء المستثمرين الأوروبيين، إلى انخفاض نسبة المتشائمين منهم بانتهاء الانكماش الاقتصادي الراهن خلال الأشهر الاثني عشرة المقبلة، من 70 في المائة في يونيو(حزيران) إلى 52 في المائة خلال يوليو (تموز) الحالي، بينما يرى 20 في المائة منهم أن أسعار الأسهم تقل عن قيمتها الحقيقية. وهكذا نرى أن مديري صناديق الاستثمار الأوروبية قلصوا من حيازاتهم من الأسهم في 15 من أصل 19 قطاعا اقتصاديا رئيسيا خلال الشهر الماضي، وعززوا من حصة أسهم القطاعات المقاومة للانكماش الاقتصادي، مثل أسهم مؤسسات وشركات الرعاية الصحية وصناعة الأدوية والأطعمة والمشروبات والاتصالات والمرافق العامة، في محافظهم الاستثمارية. ولاحظ المسح أن 33 في المائة من المستثمرين الأوروبيين قلصوا حيازاتهم من أسهم شركات السلع والخدمات الصناعية خلال الشهر الماضي، وعززوها في أسهم شركات الرعاية الصحية وصناعة الأدوية والنفط والغاز والتكنولوجيا والاتصالات.

وقال باتريك شوويتز، محلل استراتيجية الاستثمار في الأسهم الأوروبية في «بنك أوف أميركا سيكيوريتيز ميريل لينش»: «دفع الموقف الدفاعي بالمستثمرين الأوروبيين إلى الإغراق في الاستثمار في أسهم 4 قطاعات من أصل 19 قطاعا اقتصاديا رئيسيا، إلا أنه إذا صدقت توقعات الانتعاش الاقتصادي العالمي، فقد يجد أولئك المستثمرون أنفسهم غير قادرين على التمسك بهذا التوجه».