الحكومة العراقية تسعى لاقتراض 5.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

وسط انتقادات و اعتراضات من أعضاء في البرلمان

TT

أثارت مساعي الحكومة العراقية للاقتراض من صندوق النقد الدولي مبلغ خمسة مليارات ونصف المليار دولار، موجة من الانتقادات والاعتراضات بين أعضاء البرلمان العراقي الذين أكدوا أن هذه القروض ستعيد البلد لحالة التضخم وانخفاض قيمة الدينار، غير أن البنك المركزي قلل من أهمية تأثيرات هذه القروض على السياسات المالية أو النقدية، وقال المستشار الأول للبنك المركزي، إن هذا القرض فيما لو خصص لمشاريع تنموية فسيكون تأثيره إيجابيا حتما، أما إذا ذهب للاستهلاك فسيكون العكس تماما. وقال مسؤول بالبنك المركزي العراقي أول من أمس «إن العراق وصندوق النقد الدولي يقتربان من الاتفاق على قرض بقيمة 5.5 مليار دولار لأجل خمس سنوات ستكون الدولة قادرة على سحبه على ثلاث دفعات». وقال مضر قاسم كبير مستشاري البنك المركزي العراقي «إن الصندوق قدم شروطه المقترحة بشأن القرض خلال اجتماع عقد مؤخرا في العاصمة الأردنية عمان وشملت دعوة إلى إصلاحات مالية وهيكلة بنوك الدولة وإصلاح القطاع المصرفي». ودعا صندوق النقد العراق إلى إعادة النظر في برنامج الحصص الغذائية حتى يتلقى المحتاجون فقط تلك المنتجات المدعومة واقترح أيضا التزام البنك المركزي بالعمل على استقرار العملة ومكافحة التضخم، وأعرب المسؤول في البنك عن اعتقاده بأن «كل ما طرحه الطرف الآخر معقول، والوفد المشارك في المفاوضات ليس له الحق في قبول أو رفض المقترحات، لكن الأجواء كانت إيجابية وشعر الجانب العراقي بالارتياح إزاء وجهات النظر التي طرحت». وتابع أن الاتفاق المقترح الذي يشمل ثلاث شرائح من حقوق السحب الخاصة يبلغ حجم كل منها 1.2 مليار دولار أو البالغ إجمالا نحو 5.53 مليار دولار سيعرض على الحكومة العراقية لدراسته. وشارك في الاجتماعات التي عقدت في عمان سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي العراقي وبيان جبر وزير المالية. وأبلغ جبر في وقت سابق بأن العراق ربما يسعى لاقتراض ما يصل إلى سبعة مليارات دولار لمساعدته في مواجهة عجز الميزانية الذي نتج عن انخفاض أسعار النفط من مستواها القياسي الذي تجاوز 147 دولارا للبرميل في الصيف الماضي. ويعتمد العراق على صادرات النفط في الحصول على أكثر من 95 في المائة من إيراداته ويحتاج بشدة إلى الأموال لإعادة الإعمار بعد سنوات من أعمال العنف الطائفية وهجمات المسلحين عقب الغزو الأميركي عام 2003. والعراق مرتبط باتفاقي قروض سابقين مع صندوق النقد الدولي تقل قيمة كل منهما عن المليار دولار، أبرما دون توقع أن يسحب العراق منهما نظرا لقوة إيرادات النفط في السنوات الأخيرة.

الخبير الاقتصادي والمسؤول في البنك المركزي مظهر محمد صالح أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن جميع القروض هي قروض تنموية تذهب مع التخصيص المالي، وهذا ليس من اختصاص البنك بل من اختصاص وزارة المالية، نحن مؤسسة داعمة للاستقرار بشكل مباشر وداعمة للتنمية بشكل غير مباشر. مؤكدا أن هذه القروض ميسرة بفوائد ميسرة ذات صفة تنفيذية وتكون غير طويلة والسماح بالتسديد ميسر بفائدة قليلة، مشيرا إلى أن الميزانية العراقية بنيت على أساس 50 دولارا للبرميل الواحد، ومن الصعب التعويل على النفط للبدء بمشاريع تنموية طويلة، فأسعار النفط في تقلب شديد، والعراق ما زال يصدر كميات محدودة وهذه عقبة ثانية، لكن تخصيص الحكومة 70 مليارا بشكل عاجل لأغراض البنى التحتية هو قرار صائب وحكيم، وهنا الاقتراض يأتي ضمن أغراض الموازنة، وليس كل قرض يكون سلبيا فإذا اقترضنا لأغراض مشاريع استثمارية فالنتائج إيجابية أما إذا اقترضنا لأغراض الاستهلاك فيكون سلبيا.

وعن تأثير الاقتراض على الدينار قال صالح إن القرض يؤثر إذا ذهب في غير أغراضه الحقيقية مثل الحرب أو نواح استهلاكية فهي تؤثر على ميزان المدفوعات والدينار، أما إذا ذهبت لاستثمارات مولدة للدخل فهذا سيزيد من معدلات التنمية ويقوي الدينار العراقي. عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي ازاد جالاك بين لـ«الشرق الأوسط» أن سياسة الاقتراض بكل جوانبها سلبية على العراق فهذا البلد مع إمكانياته النفطية لماذا يميل للاقتراض، كما لا يجب الاعتماد على النفط بشكل كلي ولا يجب الاقتراض حتى لو كان القرض ميسرا، فخطط الحكومة أغلبها ناقصة في مجال التخطيط للتنمية المستقبلية، وإذا لم تحل مشكلة الفساد بالعراق فما الفائدة من القروض وزيادة الموازنة والعقود والمشاريع؟ ويذكر أن البنك المركزي العراقي رفض في وقت سابق طلب الحكومة العراقية بالاقتراض من رصيد العملة الأجنبية الذي عده البنك بأنه غطاء للدينار العراقي ولا يمكن التلاعب به فهو الضامن لما في جيب المواطنين من دنانير، حيث بين البنك في بيان سابق له وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن إقراض الحكومة من الاحتياطي الأجنبي، سيضعف قدرة السياسة النقدية على إنتاج فرص الاستقرار التي تعد الوظيفة المركزية والغاية الأساسية في عمل البنك المركزي لتهيئة الظروف الملائمة لإعادة الإعمار عبر تلك الاحتياطات الدائمة الحركة.