التشكيك

علي المزيد

TT

أعلنت نتائج بعض الشركات السعودية المساهمة عن الربع الثاني من العام الجاري وجاءت نتائج الشركات المعلنة حتى الآن في معظمها أفضل مما كان متوقعا، ومع ذلك لم ترتفع أسهم هذه الشركات!... ما السبب؟.

السبب عدم ثقة بنتائج الشركات المعلنة أو قل أيها القارئ الكريم إن هذه النتائج محل تشكيك الناس وإنه عمل لها مكياجا لتحسين الصورة، ومتعاملو السوق تعودوا على أمر مثل هذا من مؤسسات مالية، فهي تصرح بأشياء ويظهر عكسها تماما وتعامل متعاملي السوق على أنهم صبية صغار!! فالشركات والبنوك حينما تصدر نتائجها تحاول إظهار هذه النتائج بأحسن صورة وتقارن بين أرباع لا تجوز فيها المقارنة أحيانا، لكي تظهر التحسن من عدمه هذا من ناحية. كما أن تلك الشركات والبنوك لم تجب عن كثير من الأسئلة مثل ما مدى تضررها من تعثر بعض رجال الأعمال وعلى رأسهم معن الصانع الذي جمدت حساباته في الفترة الماضية، فبعض البنوك الخليجية المتضررة أعلنت الضرر وحجمه بينما البنوك السعودية لم تعلن الضرر. كما أنها لم تنفي تعاملها مع رجل الأعمال المتعثر مما أوقع المتعاملين في حيرة وأصبحوا يشككون في كل ما هو صادر عن هذه المؤسسات هذا أولا، وثانيا أن بعض بنوكنا المحلية لها استثمارات في أسواق خارجية والاستثمارات إما تتعرض للربح أو الخسارة وفي أوضاع مثل الأوضاع الحالية العالم يمر بأزمة بالتأكيد أن مثل هذه الاستثمارات تضررت ومثل هذه الأضرار لا تعكسها النتائج المالية. إذ أن النظام المحاسبي ينص على أن للشركة أو البنك الحق في احتساب هذه الاستثمارات بقيمتها الاسمية أي قيمة شرائها ولا يحتسب أرباح أو خسائر إلا في حالة البيع النهائي وهذا منطقي ومعقول في الأحوال العادية وحتى لا تتذبذب أرباح هذه الشركات بفعل تقلب الأسعار ولكن بمثل هذه الأزمة المالية يفترض أن يخرج أحد من البنوك ويقول لدينا محفظة قيمتها كذا مثلا مائة مليون ريال أو مليار وتعمل في الأسواق التالية ويخرج لنا التوزيع الجغرافي ولدينا خسائر غير محققة تبلغ 20% المهم أنه يضعنا في الوضع الصحيح. لكن كل هذا لم يحدث مما يعيدنا لمرحلة التشكيك وسنجد هذا التشكيك في الربع الثالث أيضا.

ونحن نعرف أن التجارة يسودها عدم اليقين أحيانا، ولكنه يكون لفترات محددة وقصيرة وقد تكون البنوك معذورة لأنها لا تعرف يقينا حجم الضرر كأن تكون في محاولة للدخول مع المتعثر في تسوية أو جدولة جديدة وهذا يجعلها في حالة عدم يقين. لذلك قد يصعب عليها إعلان شيء ما يطمئن الناس لكن ما لا يصعب عليها هو تحديد حجم هذه العلاقة، كأن تقول البنوك نحن أقرضنا تلك المجموعة مائتي مليون ريال أو خمس مائة مليون وتعلن نتائج المفاوضات مع هذه المجموعة، لأنها في النهاية لا بد أن تصل لمرحلة يقين وهي عبارة عن اتفاقية تتم بين الطرفين المقرض والمقترض. ولكن يبدو أننا في عالمنا الثالث نود أن نخرج كل شيء جميل حتى ولو أدى ذلك إلى الكذب.

*كاتب اقتصادي سعودي [email protected]