«لويس فويتون» تكشف عن تماسك أعمالها رغم «الأزمة العالمية» بفضل أسواق الشرق الأوسط

المدير العام لأوروبا لـ «الشرق الأوسط»: استمرار الطلب والمبيعات في المنطقة.. والسعودية إحدى أهم الأسواق

محلات «لويس فويتون» الشهيرة متواجدة في 61 بلدا من خلال 432 متجرا («الشرق الأوسط»)
TT

باتت أسواق بلدان منطقة الشرق الأوسط منقذا رئيسيا للكثير من بيوت التجارة والمنتجات الاستهلاكية العالمية، جراء ما تداعت إليه نتائج الأزمة المالية العالمية من آثار سلبية انعكست على طبائع الاستهلاك ورغبات الشراء والاقتناء.

ولم يشفع الاسم الكبير في مجال الأعمال الأمان الكامل حتى بالنسبة لأكبر وأهم الشركات التجارية على مستوى العالم، بل يمكن أن يكون النجاح الكبير بحد ذاته سببا محتملا لمعاناة الشركات الكبرى بغض النظر عن أرباحها ورواجها، وبالنسبة لشركة عريقة وناجحة مثل محلات «لويس فيتون» الشهيرة المتواجدة في 61 بلدا من خلال 432 متجرا.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» جان مارك غالوت مدير لويس فيتون في أوروبا، أن أعراض الأزمة الاقتصادية العالمية لم تصب «لويس فيتون» إلا بشكل محدود يكاد ينحصر في تراجع الطلب في بعض المناطق التي تضررت بشكل كبير جراء الأزمة.

وقال غالوت «في الحقيقة نعمل جيدا وتأثير الأزمة الاقتصادية علينا ضئيل رغم التحديات العالمية التي أثارتها الأزمة العالمية، ولدينا مؤشرات جيدة والشكر بشكل خاص لأسواق الشرق الأوسط وأوروبا التي حافظت بشكل كبير على مستويات الطلب والمبيعات فيها، في أميركا الشمالية الوضع أقل وعدا لكن نتوقع أن تتحسن الظروف، ومع هذا فإن ما يدفعنا حقا للاطمئنان هو المعايير العالية التي تدفع المستهلك للعودة إلينا والثقة بمعاييرها العالية والجودة التي نقدمها».

لويس فيتون ماركة يعود تاريخها إلى 155 سنة، بدأت نشاطها التجاري في التخصص بتصنيع وبيع حقائب السفر الجلدية في عشرينات القرن الماضي، وراهنت منذ البداية على معايير صارمة في الصناعة وتقديم الخدمة كانت السبب الرئيسي في أن الشركة لا تبيع منتجاتها أبدا سوى في متاجرها الخاصة، ولا تقوم بافتتاح أي من مصانعها خارج الأراضي الفرنسية ولا تستعين إلا بالأيدي العاملة المحترفة والعريقة والمدربة، وهي ما زالت تأخذ كل هذه المعايير على محمل الجد على الرغم من اتجاه العديد من الماركات المعروفة والشركات العالمية إلى افتتاح مصانعها في أماكن مختلفة من العالم سعيا وراء الكلفة الأقل وتوفير المصروفات.

* وصفة النجاح

* منذ البداية اختارت الشركة أن تتقاضى عن منتجاتها كلفة ملائمة لمعاييرها الصارمة وجودتها العالية وهو ما جعل قائمة عملائها مرتكزة بشكل أساسي على الشخصيات العامة المعروفة. وكان أهم عملاء الشركة منذ انطلاقتها في 1920م معظم العائلات الملكية في أوروبا والقياصرة في روسيا وأكبر العائلات البيروقراطية في الهند.

وفي تسعينات القرن الماضي بدأت الشركة بحركة تطوير عملاقة، بالتركيز على معطيات العصر الحديث وعلى مفاهيمه الأكثر حداثة ومن بينها العولمة، إذ دخلت الشركة إلى أسواق جديدة لا حصر لها ووسعت قاعدة عملائها كثيرا، وفي عام 97 قررت أن تتوج حركة التطوير والتوسع بخطوط إنتاج جديدة مستحدثة إلى جانب تخصصها الأساسي في الحقائب الجلدية الكلاسيكية بشكل أساسي من خلال التعاقد مع مصممين معروفين مجددين مثل المصمم المشهور مارك جاكوبز، ستيفن شبراوز، وريتشارد برنس، وإطلاق خطوط متنوعة من الأزياء والأحذية والإكسسوارات.

الجمع بين العراقة والمعايير الكلاسيكية الصارمة والفن الحديث وآخر توجهات الموضة مصاغة بأيدي أكثر الفنانين إبداعا وذاتية وتطرفا في التجديد، بالنسبة إلى غالوت رئيس لويس فيتون في أوروبا هو الوصفة الناجحة التي تعتمدها الشركة للمراهنة على تواجدها واسمها العريق واستمراريتها، ويقول «هناك توازن بين الكلاسيكية والجودة والتحديث والانطلاق نحو آفاق جديدة من الإبداع، لدينا نوعان من التصميم مجموعتنا الكلاسيكية المحافظة التي لن تدوم أبدا، وهناك المجموعات التي تفاجئ المستهلك وتجلب إليه الدهشة والحماس بسبب الانطلاقة القوية والإبداع من قبل المصممين المنطلقين وهي وصفة جيدة للمحافظة على أداء وإنتاج الشركة.

وبالعودة إلى أكبر مشاكل الشركة حاليا وهي مسألة تجارة التزوير والتقليد التي تفضل كثيرا استلهام منتوجاتها كنماذج مفضلة، يؤكد جان مارك غالوت مدير لويس فيتون في أوروبا لـ«الشرق الأوسط» أنه من المهم جدا أن تصل رسالة واضحة جدا للجميع مفادها أن «تزوير الماركات التجارية» هو عمل إجرامي والأشخاص الذين يقومون بالتزوير والتقليد هم مجرمون تماما مثل آخرين متورطين في جرائم لا يود غالوت الخوض فيها، وهي مسألة جدية جدا وهامة، ويقول «بالنسبة لنا في لويس فيتون فهذا أمر غير مقبول ونحن ننسق مع منظمات مهمة ولدينا مجموعات من الأشخاص يعملون عبر العالم لدينا محامون ومحققون ونتعاون كثيرا مع الحكومات لنتأكد من أننا نحارب بضراوة وبفعالية ضد المقلدين، وهم عادة من بلدان بعيدة يستخدمون الأطفال ويشغلونهم ضمن معامل ومصانع غير مرخصة تعتمد على نظام استعباد الأطفال وتشغيلهم قسرا، والشراء منهم يشجع نشاطهم الإجرامي واستغلالهم للأطفال». ويضيف غالوت أن لويس فيتون تتعاون بشكل جيد جدا مع الجهات المعنية في السعودية وستتابع هذا للنهاية للتأكد من أن التقليد والتزوير لن ينتصر في النهاية مهما تطلب الأمر.

نقمة وغضب الشركات على المزورين والمقلدين مفهوم لكن التساؤل الذي يقفز إلى الذهن فورا هو حجم الضرر وعما إذا كان يتعلق بسمعة العلامة التجارية أو المبيعات تحديدا، ومن هذا المنطلق يجيب غالوت بأن مسألة تقدير الضرر حساسة بعض الشيء ومعقدة ويضيف «بعض العلامات التجارية التي لا تعي جيدا حجم الضرر الناجم عن التقليد تسعد كثيرا بالتقليد لأنها تنظر إليه كعلامة لنجاحها، لكننا في لويس فيتون لا نشاركهم وجهة النظر أبدا لأن التقليد ينتهك هوية الشركة وقد يسبب ضررا بالنسبة لسمعة الشركة من ناحية ومن ناحية أخرى قد يتسبب بإرباك العميل حول النوعية والجودة العالية المقدمة من خلال العلامة الأصلية، ونعم هو يضر المبيعات بشكل أو بآخر، لكننا نراهن على الخبرة والجودة والتاريخ التي يجدها العميل فقط في لويس فيتون وهي التي ستبقى مع الزمن، بالنسبة للكثيرين الحقيبة تحدد هوية المرأة التي تحملها وبعد سنوات تنتقل من الأم للابنة وتتوارث عبر الأجيال وهذه هي القيمة التي نضمنها ونوفرها من خلال متاجرنا».

وأسواق الشرق الأوسط بشكل عام والسعودية بشكل خاص بالنسبة للويس فيتون أهم الأسواق الاستراتيجية ـ بحسب غالوت ـ الذي يقول «علاقتنا قوية بعملائنا في المنطقة بدأت قبل فتح أول محلاتنا في المنطقة قبل 26 عاما، وبعدها كان محلنا في جدة ضمن أول ثلاثة محلات لويس فيتون في المنطقة، والسوق السعودية ليست مهمة فقط بسبب قوتها الشرائية، ولكن بسبب أن عملاءنا في المملكة لديهم فعلا تقدير وفهم حقيقي للمنتوجات الفاخرة وعملاؤنا هنا لديهم تطلعات عالية وبالنسبة لنا هذا ما يثير فينا الإحساس بالتحدي، ويمنحنا دافعا لتقديم أفضل ما عندنا والتقدم خطوة إلى الأمام وهو ما دفعنا لتوسعة فرع جدة واتخاذ القرار بعرض كل منتوجاتنا من خلاله».

ويؤكد غالوت أنه بالنسبة للويس فيتون ليست هناك سوق واحدة محورية، ولكن هناك نشاط متوازن في جميع الأسواق يحافظ على أداء جيد ومبيعات ثابتة، وأقوى الأسواق هي أوروبا والشرق الأوسط، وآسيا واليابان التي تعد سوقا تاريخيا هاما والولايات المتحدة. ويقول غالوت إن الشرق الأوسط سوق مهمة جدا وواعدة استقطبت اهتمام الشركة أخيرا بشكل أكبر مما دعاها إلى افتتاح فروع في قطر والبحرين خلال العام الماضي، وستفتتح قريبا المزيد من المحلات في دول أخرى في الشرق الأوسط.

ومن جانب آخر، فإن أعراض الأزمة الاقتصادية العالمية لم تصب «لويس فيتون» إلا بشكل محدود يكاد ينحصر في تراجع الطلب في بعض المناطق التي تضررت بشكل كبير جراء الأزمة، غير أنها ليست مشكلة كبرى بالنسبة لغالوت الذي يؤكد على ذلك بقوله «في الحقيقة نعمل جيدا وتأثير الأزمة الاقتصادية علينا ضئيل رغم التحديات العالمية التي أثارتها الأزمة العالمية ولدينا مؤشرات جيدة والشكر بشكل خاص لأسواق الشرق الأوسط وأوروبا التي حافظت بشكل كبير على مستويات الطلب والمبيعات فيها، في أميركا الشمالية الوضع أقل وعدا لكن نتوقع أن تتحسن الظروف، ومع هذا فإن ما يدفعنا حقا للاطمئنان هو المعايير العالية التي تدفع المستهلك للعودة إلينا والثقة بمعاييرها العالية والجودة التي نقدمها»..

وعلى الرغم من أن إحدى التوجهات المفضلة لدى العديد من الشركات العالمية في العقدين الأخيرين هي افتتاح مصانعها في أماكن أخرى توفر عمالة أقل كلفة وتسهيلات تساعد على خفض المصروفات فإن لويس فيتون ترفض هذه الفكرة جملة وتفصيلا، يقول غالوت «نحن عالميون ومنتجات لويس فيتون تباع فقط في محلات لويس فيتون عبر العالم، وهذا لأننا متطلبون جدا ولدينا معايير عالية عندما يتعلق الأمر بالجودة والتحكم فيها، نقوم فعليا بالاستثمار في أماكن أخرى في العالم من خلال افتتاح المحلات وتوظيف العديد من الموظفين والتعاون مع وكالات الدعاية والإعلان وهو نوع من الاستثمار، ونحن نشكل من هذا المنطلق جزءا من الاقتصاد في كل المناطق التي نعمل فيها، ولكن عندما نصنع نفضل أن تبقى مصانعنا في فرنسا ونحن نقوم بعملنا بأنفسنا للحفاظ على معاييرنا وجودتنا، والاستثناء الوحيد هو مصنع الأحذية في إيطاليا، ولن يكون هناك تغيير بهذا الخصوص».