أوباما: أطفأنا حريق الأزمة المالية.. وابتعدنا عن الهاوية

هاجم بنوك وول ستريت «غير النادمة» على الكوارث التي تسببت فيها

أوباما متوسطا تيموثي غيتنر وزير الخزانة الأميركي (يسار) وبن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (رويترز)
TT

دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس عما قام به خلال الأشهر الستة الأولى من عهده بإعلانه أنه «أطفأ الحريق» الذي تمثله الأزمة، ولكنه أقر بأنه لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به من أجل السيطرة على الوضع. وقال أوباما الذي بدأ يواجه أولى إشارات شك من جانب الأميركيين حول سياسته الاقتصادية: «أعتقد أننا ابتعدنا عن الهاوية. أعتقد أننا أطفأنا الحريق». وأضاف: «التشبيه الذي أستعمله أحيانا هو أنه كان عندنا بلد رائع وقد اندلعت فيه النيران. لقد وصلنا وكان يجب أن نبدأ بإطفاء الحريق، ولقد انطفأ الحريق، ولكننا اكتشفنا أنه كان هناك هيكل وأن السقف قد تطاير وأن المرجل غير صالح للاستعمال، ثم إننا تأخرنا في تسديد الدفعات»، وذلك خلال مقابلة مع محطة التلفزيون الأميركية «بي بي إس». وأقر بأن هذه الأعمال الكبرى التي تجري بـ«مصادر محدودة، التي هي مصادرنا» سوف «تأخذ بعض الوقت». وقال أيضا: «لم نتخلص من المأزق، ولا أحد يعي غيري المشكلة التي يجتازها الناس حاليا».

وتحدث أوباما عن الإجراءات التي اتخذتها إدارته من أجل النهوض الاقتصادي، وكذلك من أجل تسوية النشاطات المالية للحؤول دون ركوب المخاطر الكبيرة التي ساهمت بشكل كبير في الأزمة. وقال: «ومع ذلك ليس لدينا الشعور بأن الناس في وول ستريت ينتابهم أي شعور بالندم على المخاطر التي ركبوها، ليس لدينا الشعور بأن ما جرى قد أحدث تغيرا في الثقافة أو التصرف، ولهذا السبب نرى أن اقتراحات الإصلاحات المالية التي قدمناها مهمة».

وأكد أوباما أنه لا يشعر بأي ندم حيال مساعدة الدولة الفيدرالية للمؤسسات المالية الكبرى، التي أعلن بعضها، مثل مصرف غولدمان ساشيس، عن أرباح كبيرة من شأنها أن تصدم الأميركيين العاطلين عن العمل أو الذين تضرروا بسبب التضخم. وختم قائلا: «لو لم نقم بإيقاف النزف في النظام المالي فإن الأشياء كانت ستصبح أسوأ بالنسبة إلى الجميع».

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن بنوك وول ستريت لم تبدِ ندما «للمخاطر الجسيمة» التي تسببت في التراجع المالي ودفعت بالولايات المتحدة إلى الكساد. وكان أوباما قد أعلن في يونيو (حزيران) عن إصلاح تنظيمي شامل يهدف إلى تعزيز الرقابة على البنوك والأسواق لتجنب تكرار الأزمة المالية. وقال أوباما: «المشكلة التي أراها أنا على الأقل هي عدم إحساس الناس في وول ستريت بأي شعور بالندم لأخذ كل هذه المخاطر». وتابع: «لا نلمس تغيرا في الثقافة والسلوك نتيجة لما حدث، ولهذا السبب تكمن أهمية اقتراحات الإصلاح التنظيمي المالي التي طرحناها».

وقال أوباما إن الإصلاحات التنظيمية المزمعة ستمنع مؤسسات وول ستريت من أخذ «المخاطر الجسيمة» التي اتخذتها قبل الأزمة المالية. وأضاف أن المساهمين أيضا يجب أن يكون لهم الحق في اتخاذ القرار الخاص بالعلاوات الضخمة التي تمنح لكبار المسؤولين.

ودفعت وول ستريت علاوات تزيد على 18 مليار دولار عام 2008، وهو العام الذي احتاجت فيه إلى تريليونات الدولارات من أموال دافعي الضرائب لدعمها. وفي رد على سؤال حول ما إذا كان قلقا بشأن القفزة في الأرباح التي أعلنها بنكا غولدمان ساكس وجيه بي مورغان تشيس، قال أوباما إن تأثير إدارته عليهما أصبح أقل في الوقت الحالي، إذ قاما بسداد أموال تلقياها بموجب خطة إنقاذ حكومية. وأضاف أن الإجراءات التي اتخذتها حكومته لتحقيق الاستقرار الاقتصادي تؤتي ثمارها على الرغم من التوقعات بارتفاع معدل البطالة عن عشرة بالمائة خلال شهور.

من جهة أخرى قال بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أن المبالغ الهائلة التي ضخها البنك في الاقتصاد لن تقلل من قدرته على رفع تكلفة الاقتراض عندما يحين الوقت المناسب. وشدد برنانكي على أن الاقتصاد الأميركي الضعيف سيتيح على الأرجح إمكانية اتباع سياسات مخففة على نحو استثنائي لفترة طويلة قادمة، وأوجز في مقال بإحدى الصحف الطريقة التي يمكن أن يرفع بها المجلس أسعار الفائدة حتى مع وجود سيولة نقدية كبيرة بالنظام المالي. وكتب برنانكي في المقال الذي نشر على موقع صحيفة «وول ستريت جورنال» على الإنترنت: «سيكون من الممكن على الأرجح اتباع سياسات للتكيف على الأوضاع لفترة طويلة... لكن عند مرحلة ما عندما ينتعش الاقتصاد سنحتاج إلى تشديد السياسة النقدية لمنع ظهور مشكلة التضخم».

وتلقي الخطوط العريضة لـ«استراتيجية الخروج» من التخفيف الاستثنائي للسياسة النقدية ضوءا على الشهادة التي قدمها برنانكي للكونغرس أمس الثلاثاء في أثناء عرضه التقرير الاقتصادي الذي يصدره المجلس مرتين سنويا. وبحسب «رويترز» لم يبدِ المستثمرون رد فعل كبيرا إزاء المقال. وقالت سو ترينه محللة أسواق الصرف لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس» في سيدني: «لا يبدو أنه يتعجل التخلص من مبالغ التحفيز الزائدة في النظام».

وخفض المجلس أسعار الفائدة الرئيسية لليلة واحدة إلى ما يقرب من الصفر، وضخ ما يزيد على تريليون دولار في الأسواق المالية لمواجهة أسوأ أزمة مصرفية منذ الكساد العظيم، وإحدى أسوأ فترات الكساد منذ عقود.

وأبدى عدد من الاقتصاديين قلقا من أن تكون سياسات مجلس الاحتياطي قد زرعت بذور تضخم قد يظهر بقوة عندما يتحسن النشاط الاقتصادي. واعترف برنانكي بأن التراكم الهائل للاحتياطيات المصرفية لدى المجلس قد يحدث ضغوطا غير مرغوب فيها على الأسعار عندما يتوافر المزيد من الفرص أمام البنوك لممارسة عمليات الإقراض. وللحد من تلك المخاوف قدم برنانكي وصفا مفصلا للأدوات المتاحة لدى المجلس لرفع تكلفة الاقتراض وسحب تلك الأموال، وقال إن مسؤولي المجلس بذلوا جهودا مكثفة لوضع استراتيجية للخروج من أحد أقوى ردود فعل البنك المركزي إزاء أزمة مالية ما في تاريخ الولايات المتحدة. وتابع: «نحن واثقون أن لدينا الأدوات اللازمة لسحب سياسات التكيف على الأوضاع على نحو سلس في الوقت المناسب». وأضاف أن من بين أبرز تلك الأدوات قدرة المجلس على دفع فائدة على الاحتياطيات التي تحتفظ بها البنوك لديه. ويعد معدل الفائدة الذي يدفعه المجلس على تلك الاحتياطيات أساسا لتحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وقال اقتصاديون في بنك غولدمان ساكس في مذكرة بحثية إنهم لا يرون أي شيء في تصريحات برنانكي يخالف توقعاتهم بأن يبقي مجلس الاحتياطي الاتحادي على أسعار الفائدة قرب الصفر حتى نهاية العام المقبل على الأقل.