البنوك المركزية تتوخى الحذر وسط تحذيرات من أن الاقتصاد العالمي يواجه طريقا صعبا

مركز أبحاث يتوقع عودة اقتصاد بريطانيا للنمو في الربع الأخير من العام

TT

أضعفت التحذيرات من أن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه طريقا وعرا، الحماس في الأسواق أمس، حيث أشارت اليابان إلى أنها قد تحتاج إلى عمل المزيد لتخفيف ضغوط الائتمان في حين أجلت بريطانيا اتخاذ قرار. وقال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي إن من المبكر للغاية ملاحظة ما إذا كانت إجراءات دعم التمويل التجاري تؤتي ثمارها. وأضاف في مؤتمر صحافي في سنغافورة عقب محادثات مع وزراء من الولايات المتحدة والصين وأعضاء آخرين بمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (ابك) «هل كانت مجدية.. من السابق لأوانه قول ذلك». وقالت منظمة التجارة العالمية إن حجم التجارة العالمية سينخفض بنسبة عشرة في المائة هذا العام رغم أن لامي قال إن آسيا تقود الانتعاش العالمي. وبحسب «رويترز» لمح هيروهيدي ياماغوتشي نائب محافظ بنك اليابان المركزي إلى أنه قد يؤيد تمديد العمل بالإجراءات التي اتخذها البنك لتخفيف ضغوط الائتمان إلى ما بعد مهلة تنتهي في ديسمبر (كانون الأول). غير أن مسؤولي السياسة في بنك انجلترا المركزي صوتوا بالإجماع هذا الشهر لصالح تأجيل القرار بشأن تغيير سياسة التيسير الكمي حتى أغسطس (آب) حيث سيتسنى لهم الاطلاع على تقرير التضخم الفصلي. وتراجعت الطلبيات الصناعية لمنطقة اليورو بنحو الثلث في مايو (أيار) مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي متحدية تكهنات بانتعاش بدءا من أبريل (نيسان) لتفسد التفاؤل الذي دفع أسواق الأسهم للصعود في الأيام الأخيرة. وقال يورغن ميشيلز المحلل لدى سيتي غروب إن بيانات الطلبيات تبدو غير متفقة مع مؤشرات أخرى من منطقة اليورو لكن إذا تأكدت فسيظهر ذلك أن المنطقة مازالت تقبع في الأزمة في الربع الثاني. وجاء ذلك عقب تحذيرات من بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أول من أمس الثلاثاء من أنه رغم أن الاقتصاد العالمي قد يكون في طريقه للتعافي إلا أن تنامي البطالة ربما يقلص الانتعاش في الولايات المتحدة. وبعد تباطؤ حاد بدأ في النصف الثاني من 2008 بدأ العالم السير على الطريق الطويل إلى الانتعاش بدعم من خفض أسعار الفائدة وإجراءات تحفيز حكومية بمئات المليارات من الدولارات. وزاد إنفاق المستهلكين في فرنسا الشهر الماضي أكثر من المتوقع فيما يظهر أن المستهلكين يساعدون ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو على السير نحو التعافي. لكن ياماغوتشي نائب محافظ بنك اليابان أكد في تصريحات في هاكوداتي باليابان أن البنك سيركز على مخاطر التباطؤ الاقتصادي رغم أنه لا يتوقع موجة تضخم. وفي الوقت الذي قال فيه إنه ليست لديه رؤية محددة بشأن ما إذا كان البنك سيمدد إجراءات دعم تمويل الشركات إلى ما بعد ديسمبر (كانون الأول) قال محللون إن رؤيته التي تتسم بالحذر تشير إلى أن الأمر ربما يستغرق بعض الوقت لإلغاء الإجراءات. وقال ساتورو أوجاساورا المحلل لدى كريدي سويس في طوكيو «توقف تدهور تمويل الشركات والتوسع يحدث تدريجيا. لكن ياماغوتشي حذر بشأن المستقبل. إذا ظلت أوضاع الائتمان شحيحة.. أعتقد أنهم سيمددون العمل بإجراءات تمويل الشركات». وفي لندن يعتقد محللون أن الآراء في لجنة السياسة النقدية في بنك انجلترا متعادلة بشأن إنفاق 25 مليار جنيه إسترليني أخرى على شراء أصول لتعزيز الائتمان وإبقاء أسعار الفائدة عند 0.5 في المائة. وقال جورج باكلي كبير خبراء الاقتصاد البريطاني لدى دويتشه بنك «قد يعني ذلك أنهم لن يقروا (إنفاق) الزيادة البالغة 25 مليار جنيه في الاجتماع القادم، لكنه قرار صعب.. إلا إذا أتت البيانات بمفاجأة بخصوص التباطؤ.. أشك في أنهم لن يفعلوا ذلك». ومسموح للبنك بزيادة إنفاق التيسير الكمي الإجمالي إلى 150 مليار جنيه (245.9 مليار دولار). ويتعين عليه الحصول على موافقة الحكومة على زيادة الإنفاق أكثر من ذلك. وارتفعت الأسهم الآسيوية إلى أعلى مستوى في عشرة أشهر خلال التعاملات اليوم حيث ارتفع مؤشر إم.إس.سي.اي لأسهم آسيا والمحيط الهادي عدا اليابان للجلسة السابعة على التوالي. غير أن الأسواق الأوروبية والأميركية أظهرت أن الزيادة الأخيرة ربما تغري المستثمرين بالبيع لجني أرباح.

من جهة أخرى توقع معهد أبحاث بارز اليوم الأربعاء أن يعود الاقتصاد البريطاني إلى النمو في الربع الأخير من هذا العام لكنه لن يسجل نموا قويا حتى 2013. وقال المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية إن عودة الشركات إلى إعادة بناء المخزونات واثار ضريبة المبيعات سيساعدان اقتصاد المملكة المتحدة على النمو بنسبة 0.5 في المائة في الربع الأخير من العام بعد تراجع بنسبة 0.1 في الربع الثالث. لكن المعهد حذر من أن الانتعاش من المتوقع أن يكون ضعيفا وأبقى على توقعاته لانكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 4.3 في المائة للعام بأكمله في أكبر تراجع منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقال سايمون كيرلي الباحث بالمعهد «نتوقع أن يستمر الانكماش في إنفاق المستهلكين واستثمارات القطاع الخاص» مضيفا أن الإقراض حيوي لاستدامة النمو في الاقتصاد. وقال تقرير المعهد «ضعف الإقراض المصرفي يبقى مبعثا للقلق ومن الضروري أن يتعافى إذا كان للاقتصاد أن يعود إلى النمو المتواصل. الإقراض من المؤسسات المالية النقدية ما زال ضعيفا». ويتوقع المعهد أن يسجل الاقتصاد البريطاني نموا متواضعا بنسبة 1 في المائة العام القادم وان يرتفع إلى 1.8 في المائة في 2011 فيما يعكس جزئيا دفعة للمصدرين من انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني. وتوقعات المعهد لعام 2010 أكثر تفاؤلا من توقعات صندوق النقد الدولي الذي قال الأسبوع الماضي إن الاقتصاد البريطاني سيسجل نموا متواضعا قدره 0.2 في المائة العام القادم. وقال المعهد إن البطالة في المملكة المتحدة ستستمر في الزيادة لفترة طويلة بعد أن يعود الاقتصاد للنمو وستصل إلى ذروة تبلغ 3 ملايين عاطل في 2011.