خبراء يقللون من أثر انتقال المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن إلى مصر

اعتبروه أمرا متوقعا وغير ذي أثر على الاقتصاد الأردني

صورة جوية لميناء العقبة الأردني («الشرق الأوسط»)
TT

قلل خبراء من أثر انتقال مصانع عاملة في المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن إلى نظيرتها في مصر، مؤكدين أن اتفاقية المناطق المؤهلة التي تعمل تلك المصانع بموجبها، في طريقها إلى الذوبان، لصالح اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية التي تدخل حيز النفاذ الكامل العام المقبل. ورأى هؤلاء في هروب المصانع أمرا متوقعا وغير ذي أثر على الاقتصاد الوطني الأردني، مؤكدين أن المناطق المؤهلة التي جاءت في الأساس لخدمة هدف سياسي، لم تشكل إضافة نوعية للاقتصاد الوطني.

وكان الكونغرس الأميركي طرح في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1996مبادرة بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة بهدف دعم السلام في منطقة الشرق الأوسط، وانضم إليها في حينه الأردن والسلطة الفلسطينية. وتعني المنطقة الصناعية المؤهلة أي منطقة تطرحها الدولة الراغبة في إقامة منطقة صناعية مؤهلة وتوافق عليها الحكومة الأميركية كمنطقة مغلقة ومحددة، وتدخل صادرات هذه المنطقة إلى الولايات المتحدة من دون حصص أو رسوم جمركية أو ضرائب، بشرط احتواء هذه الصادرات على نسبة من المكون الإسرائيلي وفقا لقواعد المنشأ.

وتشترط قواعد المنشأ في المناطق الصناعية المؤهلة مساهمة الدولة الراغبة في (QIZ) بنسبة 35% من القيمة المضافة موزعة بين أطراف الاتفاق (الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والدولة الثالثة في الاتفاق).

في وقت حذر فيه عاملون في القطاع من أثر انسحاب تلك المصانع على صناعة الألبسة المحلية ـ التي ازدهرت في المناطق الصناعية المؤهلة ـ وعلى الأيدي العاملة فيها (المصانع)، مرجعين أسباب الانسحاب إلى مجموعة عوامل أبرزها التنافسية العالية للعمالة المصرية وتوفر الغاز الطبيعي والمياه في مصر. وأكد الخبير الاقتصادي، هاني الخليلي، أن مغادرة المصانع أمر متوقع، وأن انتقالها إلى مصر مرتبط بحصول الأخيرة على شروط أفضل في إطار اتفاقية المناطق المؤهلة الخاصة بها والتي من بينها تخفيض نسبة مدخل الإنتاج ذي المنشأ الإسرائيلي في صناعاتها.

وكانت مصر وقعت في الرابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) 2004 بروتوكولا في إطار ما يعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة (QIZ) مع إسرائيل والولايات المتحدة.

وأضاف الخليلي أن توفر البنية التحتية الصناعية الأفضل والأقدر على خدمة المصنّع وتوفر النقل عبر السفن ومدخلات إنتاج صناعة النسيج وتدني كلفة الخدمات كالكهرباء والماء، تمنح مصر أفضلية في مجال صناعات الألبسة. وأوضح الخليلي أن هناك مجموعة عوامل تؤهل مصر للتفوق على الأردن على رأسها توفر العمالة المؤهلة بكثافة وبأسعار معقولة، ما ينفي الحاجة إلى استقدام عمالة أجنبية كما هو الحال في المملكة.

وشدد الخليلي على أن إحدى المشاكل الأساسية التي تواجه المصانع في تلك المناطق هي تدني إنتاجية العامل الأردني وسيادة تقاليد صناعية بالية. ولفت إلى أن قوانين العمل في الأردن منحت العامل كثيرا من الامتيازات دون ربطها بإنتاجية العامل، مما يدفع كثيرين إلى استغلال تلك القوانين بشكل سلبي، وهو الأمر الذي بات يقف عائقا أمام تشغيل العمالة المحلية في المصانع وتفضيل الأجنبية عليها. وقال الخليلي إن الحكومة غير معنية بدعم تلك المناطق، بل هي معنية بشكل أساسي بدعم الصناعة الوطنية، مضيفا أن تلك المناطق أنشئت لغايات سياسية. وأضاف أن الهدف منها لم يتحقق، وأن ارتباطها باتفاقيات السلام الموقعة في ذلك الوقت مكن الإسرائيليين من استغلال الصناعة والأرض الأردنية لصالحهم من دون أن تتحقق منفعة حقيقية للصناعة الوطنية. وأوضح نائب رئيس غرفة صناعة الأردن، أيمن حتاحت، أن الأردن كان أول من وقع على اتفاقية مناطق مؤهلة من بين الدول العربية، ما جعل تلك الاتفاقية مدخلا للتجار إلى أسواق جديدة وجذب الصناعيين إليها للاستفادة مما توفره من امتيازات، وذلك قبل توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة التي تطبق بشكل كامل العام المقبل.

وأضاف «بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة تحولت كثير من الصناعات عن العمل بشروط المناطق المؤهلة للاستفادة من ميزات «الحرة» والتي من أهمها عدم اشتراط مدخل إنتاج إسرائيلي في الصناعة المصدرة إلى أميركا»، وهو ما اعتبره حتاحت أفضلية لها تجذب المصدرين والمستثمرين العرب.

ورأى حتاحت في اتفاقية التجارة الحرة بديلا أفضل للمصدرين والمستثمرين العرب، متوقعا قيام صناعات جديدة بالاعتماد على هذه الاتفاقية على حساب الصناعات القائمة في المناطق المؤهلة التي «ستتراجع أكثر»، غير أنه استثنى من ذلك الصناعات الحرفية. وأكد أن المنفعة العائدة على الاقتصاد الوطني من اتفاقية التجارة الحرة تفوق كثيرا تلك المتحققة من المناطق المؤهلة التي كانت منفعتها الأساسية تشغيل الأيدي العاملة المحلية دون تحقيق إضافة نوعية للاقتصاد الوطني. وكان الأردن وقع اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000 والتي أصبحت نافذة في ديسمبر (كانون الأول) من العام التالي. وتغطي الاتفاقية مجالات التجارة في السلع والخدمات وحماية حقوق الملكية الفكرية والبيئة والعمل والتجارة الإلكترونية. وبموجبها، تحرر التجارة في السلع الصناعية والزراعية بين البلدين من خلال التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية والضرائب، وصولا إلى الإعفاء الكامل خلال فترة انتقالية مدتها 10 سنوات من تاريخ نفاذ الاتفاقية، ويستثنى من الإعفاء من الرسوم الجمركية، التبغ والمشروبات الكحولية التي تخضع لتخفيض الرسوم الجمركية.

وتوجد حاليا 13 منطقة صناعية مؤهلة في الأردن، ثلاث منها حكومية والبقية يمتلكها القطاع الخاص وتتركز صناعاتها في قطاع الألبسة والمنسوجات.