وجهة نظر: توثيق الملكيات

TT

عندما كتبت عن أهمية «توثيق الملكيات والالتزامات والحقوق الشخصية» في مقال بهذا العنوان (بتاريخ 23 سبتمبر (أيلول) 2008)، وردتني تعليقات أقل ما يقال عنها أنها تتضمن قصصا وتجارب شخصية وملاحظات عن أهمية هذا الأمر، أقل ما يقال عنها، أنها تتضمن معلومات أهم مما تضمنه المقال المعلق عليه. لكنها (للأسف) حالات وتجارب شخصية لا يتسع المجال لطرحها للعامة، خصوصا ما يحتاج منها لرأي شرعي. وإن كان في بعضها تشابه (من حيث العموميات) مع ما ذكرت، وهو ما يمكن الحديث عنه هنا.

أحد القراء تحدث عن إدارة المخاطر وربطها بأهمية حفظ الرقم السري لجهاز الحاسب الآلي بمكان خاص، وعدم التفريط فيه لأي شخص مهما كان قريبا إلى النفس ومحل ثقة. ويؤكد على عدم تخزين الرقم السري في جهاز الحاسب أو الهاتف الجوال، لأن الجهاز قد يفقد ويقع في أيد غير أمينة، فيساء استخدام الرقم السري المخزن فيه!. وقد يتعطل فيضطر صاحبه لتسليمه لفني الصيانة، وبالتالي له أن يكتشف كل ما فيه!. ويذكر القارئ بما سبق وتحدثت عنه بأهمية وجود ميثاق للحاسبات الآلية. ويرى أنه في حالة وفاة أي شخص، يجب ألا يفتح جهاز الحاسب الشخصي الخاص بالمتوفى، إلا من قبل ورثته أو من قبل الجهات الأمنية. وأنه يجب على كل شخص (كإجراء وقائي) أن يحاول قدر الإمكان أن يتحفظ على معلوماته الشخصية، ومن ذلك الرقم السري لحساباته البنكية، التي يفتحها عن طريق شبكة الإنترنت، ويوضحها لمن قد تستدعي الحاجة بحثه عنها. وكذلك الأرقام السرية لملفاته الخاصة والمحفوظة بجهاز الحاسب الآلي الخاص، كالتي تتضمن وصاياه وممتلكاته العينية ومنتجاته الفكرية، التي قد يكون لها ثمن (بعد وفاته)، وتعتبر بمثابة أصول مالية ثابتة، من حق الورثة أن يحصلوا عليها. من منطلق أن الوضع الذي نعيشه اليوم قد تغير عن ذي قبل. فهناك أشخاص من ذوي النتاج الفكري، لديهم مؤلفات ونظريات وتجارب ومخترعات قد تضيع في أجهزة حاسوب أصحابها بعد وفاتهم. ناهيك عن أهمية توثيق الحقوق والممتلكات والديون والذمم الأخرى، التي قد يكون الحاسب الشخصي للمتوفى هو المصدر الوحيد للرجوع لها.

ويرى أهمية فتح جهاز الحاسب الشخصي للمتوفى مباشرة (قبل دفنه). ويقول إن المسألة اليوم لم تعد فتش فقط في جيوب وأوراق خزانة المتوفى لتحصي تركته. أو حتى بالبحث عن حساباته في البنوك، بل يجب (حتى تبرأ ذمة المتوفى) أن يفحص جهاز هاتفه المحمول، وجهاز الحاسب الآلي الخاص به. وفي ذلك اتفاق مع ما سبق وذكرته بأن يتضمن صك حصر التركة نصا صريحا بأنه قد تم فتح جهاز الحاسب الشخصي للمتوفى، والتأكد من أن محتوياته لا تتضمن إشارة إلى حقوق أو ممتلكات أو ديون أو أي عوالق ذمية أخرى، بخلاف ما ذكر بصك حصر التركة.

ولأهمية هذا الأمر وعلاقته بالأمور الشرعية، فإنني أرفع هذه المسألة للأخوة في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء لجدولتها في أعمال الهيئة، وكذلك أرفع هذه القضية إلى معالي وزير العدل والمهتمين بهذا الشأن. أما عن طلب البعض أن يقوم الكاتب الصحافي بالاتصال بالجهات المعنية لمتابعة ما يطرحه في مقالاته من أفكار، فإنه من غير المألوف أن يتابع الكاتب ما يطرحه من أفكار. فالكاتب يطرح الفكرة وينتهي دوره عند ذلك الحد، وللجهات المختصة أن تأخذ بها أو بشيء منها أو تتركها. وعن تنظيم هذا الأمر، فالذي أعلمه بأن هناك توجيهات ملكية صريحة بالتجاوب مع ما يطرح بوسائل الإعلام. لكنني لا أعلم عن آلية تلزم الجهات الرسمية وغير الرسمية بالتجاوب مع ما يطرح بوسائل الإعلام، غثه وسمينه.

* كاتب ومحلل مالي