«النقد الدولي»: الاقتصاد السعودي عزز مركزه بقيادة القطاع الخاص

أثنى على التحرك الحاسم الذي قامت به الحكومة على مستوى المالية العامة لتخفيف أثر الركود العالمي على النشاط الاقتصادي

TT

أكد تقرير دولي أن السعودية واجهت الأزمة المالية العالمية الحالية بأساسيات اقتصادية قوية، حيث عملت حكومة البلاد على تعزيز مركزها الاقتصادي الكلي وتقوية قطاعها المالي وتنفيذ إصلاحات هيكلية لدفع عجلة النمو بقيادة القطاع الخاص. وجاء في تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي، أن الحكومة السعودية وجهت جهودها في تعزيز مركزها الاقتصادي، باحتلالها المرتبة الأولى بين الدول العربية لأربع سنوات متتالية والمرتبة السادسة عشرة على مستوى العالم في تقرير «ممارسة أنشطة الأعمال» الذي يصدره البنك الدولي.

ورحب أعضاء مجلس صندوق النقد الدولي الذين اختتموا في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، مشاورات المادة الرابعة مع السعودية لعام 2009، بمناقشة التقرير الذي أعده موظفو الصندوق عن المشاورات في المجلس التنفيذي للصندوق، بالإجراءات التي اتخذتها السعودية لتعزيز السيولة المصرفية وتحقيق الاستقرار في التعاملات بين البنوك.

وأثنى أعضاء مجلس الصندوق على التحرك الحاسم الذي قامت به الحكومة على مستوى المالية العامة لتخفيف أثر الركود العالمي على النشاط الاقتصادي، حيث كانت الدفعة التنشيطية وهي الأكبر بين دول مجموعة العشرين الكبرى في العالم من حيث نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي، تركز بشكل ملائم على الإنفاق الاستثماري وستسهم في تنويع مصادر النمو المحلي وتعافي الاقتصاد العالمي.

وفي مناقشات المجلس التنفيذي لتقرير المشاورات، أشار أعضاء المجلس إلى أن السعودية تواجه الأزمة العالمية الراهنة من موقع قوة، مما يعكس سجل أدائها القوي في مجال السياسات الاقتصادية الملائمة والإصلاحات الهيكلية التي عززت قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات.

وأشار التقرير إلى أنه رغم توقع حدوث انكماش اقتصادي طفيف في عام 2009 نتيجة انخفاض الطلب على البترول، إلا أن القطاع غير البترولي يتوسع بقوة في البلاد، كما أن التضخم يواصل تراجعه المستمر، متوقعا أن يتراجع معدل التضخم إلى نحو 4.5 في المائة، مع تحقيق فائض في المالية العامة والحساب الخارجي وإن كان بمستويات أقل بكثير من الفوائد السابقة نتيجة لهبوط الإيرادات النفطية وموقف السياسة المالية العامة التوسعي.

وجاء في التقرير أنه على الرغم توقع حدوث انكماش طفيف في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي خلال عام 2009، تأثرا بانخفاض الطلب على النفط، فإنه لا يزال القطاع غير النفطي يتوسع بقوة كما يواصل معدل التضخم تراجعه المستمر.

وقد أعرب المديرون التنفيذيون في الصندوق الدولي عن رأيهم بأن أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي على المدى القصير هي الحفاظ على استقرار القطاع المالي وتخفيف حدة تأثير الركود العالمي على السوق المحلية.

وأشاد المديرون بالتدابير المتخذة لتعزيز السيولة المصرفية وتحقيق الاستقرار في سوق المعاملات بين البنوك وعلى الجهود المبذولة لتقوية أطر التنظيم والرقابة المالية، بما في ذلك التدابير التي اتخذت لتحسين نظم إدارة المخاطر في البنوك وتنفيذ بقية التوصيات التي خلصت إلى برنامج تقييم القطاع المالي، وكذلك تقييم إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي ساعدت الجهاز المصرفي على الاحتفاظ بمستويات ربحية ورسملته المرتفعة.

ومع ذلك حث المديرون في تقريرهم الحكومة السعودية على توخي اليقظة المستمرة في رصد أي مخاطر ناشئة والتحرك لمواجهتها وشددوا على أهمية إجراء اختبارات دورية لقياس قدرة النظام المصرفي على تحمل الضغوط كما شجعوا الحكومة على تحديث الإطار المعتمد في تسوية أوضاع المؤسسات المالية وغير المالية وتحقيق مزيد من التقدم في تعزيز الشفافية والإفصاح في قطاع الشركات ومراجعة الآليات المؤسسية للرقابة عبر الحدود وعبر القطاعات.

ورأى المديرون أن ربط سعر صرف الريال بالدولار أتاح ركيزة اسمية موثوقة ومستقرة كما أسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، مشيرين إلى رأي خبراء الصندوق من أن الانخفاض المرجح في قيمة الريال السعودي هو أمر مؤقت يتوقع أن ينتهي في المدى المتوسط.

وحث بعض المديرين الاقتصاد السعودي على النظر في إمكانية أن يعتمد الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي نظاما أكثر مرونة لسعر الصرف وذلك بالتشاور مع الأعضاء الآخرين في الاتحاد، مشجعين الحكومة على المضي قدما نحو إقامة الاتحاد النقدي من خلال تحديد المسؤوليات التشغيلية وهيكل الحوكمة في البنك المركزي المرتقب فضلا عن مواءمة الإحصاءات الاقتصادية الكلية ووضع نظام مدفوعات يتسم بالكفاءة.

ونظرا للقيود الحالية على السياسة النقدية نتيجة ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي، رأى المديرون أن سياسة المالية العامة هي وسيلة أساسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والنمو غير النفطي، مرحبين بالتحرك الحاسم الذي بادرت به الحكومة من خلال المالية العامة لتخفيف أثر الركود العالمي على النشاط الاقتصادي، وقد كانت الدفعة التنشيطية تركز بشكل ملائم على الإنفاق الرأسمالي وستسهم في تنويع مصادر النمو المحلي وتعافي الاقتصاد العالمي.

وأكد المديرون ضرورة توخي المرونة في إدارة سياسة المالية العامة لتأمين استمرارية أوضاعها على المدى المتوسط مع تعديل الإنفاق متى أصبح التعافي راسخا.

وأشاد التقرير الدولي بالحكومة لدورها القيادي في تحقيق استقرار أسواق النفط العالمية عن طريق مواصلة تنفيذ خطط التوسع في الطاقة الإنتاجية رغم انخفاض أسعار النفط، مؤيدين الحكومة على مواصلة الاسترشاد بأوضاع الطلب في المدى المتوسط إلى الطويل عند اتخاذ قرارات التوسع في الطاقة الإنتاجية.

وأثنى التقرير على جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات الجيل الثاني في قطاع القضاء وقطاع التعليم والقطاع المالي بغية تهيئة مناخ أفضل لتنمية القطاع الخاص، مرحبين بالإجراءات المستمرة لتحرير النظام التجاري تمشيا مع التزام الحكومة بإقامة نظام تجاري حر ومنفتح.

وقد أشادوا بما تقدمة السعودية من مساعدات سخية للبلدان النامية، بما في ذلك دعمها الفعال للمبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون وإسهاماتها في مبادرة الطاقة للفقراء.