مانهاتن تخفض أسعار الغرف الفندقية لكي ترفع نسب الإشغال

16 مليار دولار قروض الساحل الغربي الأميركي

التخفيضات التي قدمتها مانهاتن تمثل ضربة موجعة لعائدات الفنادق (نيويورك تايمز)
TT

لا يوجد قطاع في العقارات التجارية أكثر تأثرا بالأزمة المالية من قطاع صناعة الفنادق، ففي يونيو (حزيران) وصل متوسط معدلات الإشغال في كافة أنحاء البلاد إلى 54.6%، وهو الأداء الأسوأ حتى الآن منذ أن بدأ مركز أبحاث سميث ترافيل بهندرسونفيل بتينيسي في رصد أداء الفنادق في عام 1987. وذلك حيث تزايد تعثر الشركات المالكة للفنادق، وعدد ملاك الفنادق الذين اضطروا إلى التخلي عن ممتلكاتهم للبنوك المقرضة.

وكالعادة فإن سوق مانهاتن الفندقية هي حالة لها خصوصيتها، فقد تأثرت الفنادق في مانهاتن هي الأخرى بفعل الأزمة المالية، ولكن معدلات إشغال الفنادق قد عادت للارتفاع مرة أخرى في أبريل (نيسان) الماضي، حيث وصل معدل الإشغال إلى ما يزيد عن 80%. وفي يوليو (تموز) وصلت نسبة إشغال الغرف إلى 93.3% بانخفاض 5.6% عن العام السابق، ولكن المعدل ما زال يمثل أعلى معدل للإشغال في جميع أنحاء الدولة، وذلك وفقا لما يظهره استقصاء «سميث ترافيل».

ولكي تستطيع الفنادق جذب المزيد من العملاء خفضت أسعار الإقامة في غرفها بنسبة تصل إلى الثلث منذ العام الماضي، حتى أصبحت أقل من 200 دولار في الليلة.

وعلى الرغم من توافر صفقات مغرية في كل مكان، فإن معدل انخفاض أسعار الغرف من يونيو (حزيران) 2008 وحتى يوليو (تموز) من العام الجاري كان أقل انخفاضا بنسبة 9.7 في المائة، ويرجع المحللون ذلك إلى أن أسعار الغرف في معظم الأماكن لم ترتفع بالقدر الذي ارتفعت به في مانهاتن. فعلى مستوى الدولة وصل متوسط أسعار الإقامة في الغرفة الفندقية إلى 96.77 دولار في الليلة في يونيو (حزيران).

وعلى الرغم من أن التخفيضات التي قدمتها مانهاتن على أسعار الغرف تمثل صفقة مغرية بالنسبة للزائرين، فإنها تمثل ضربة موجعة لعائدات الفنادق. فقد انخفض «العائد للغرفة» ـ وهو الإجراء المعياري لقياس ربحية الصناعة الفندقية ـ بنسبة الثلث، وذلك وفقا لاستقصاء «سميث ترافيل» و«بي كيه إف». ويقول الخبراء إن الانخفاض في أسعار الغرف يؤدي إلى انخفاض أكبر في الأرباح، لأن الفنادق لديها الكثير من التكاليف الثابتة.

وفي نيويورك، كما في باقي الأماكن، تأثرت الفنادق الفاخرة بما حدث في الخريف الماضي، عندما أنفقت «المجموعة الدولية الأميركية» ـ شركة التأمين العملاقة التي اضطرت الحكومة إلى إنقاذها ـ أكثر من 400 ألف دولار على انسحابها من المنتجع الساحلي في أورانج كاونتي بكاليفورنيا.

ومنذ ذلك الوقت أصبح التنفيذيون مترددين بشأن حجز الغرف في الفنادق التي لها أسماء كبرى توحي بتدليل النفس، وذلك كما يقول المحللون والسماسرة. فيقول براديل بورويل أحد المسؤولين البارزين بفنادق «سي بي ريتشارد إليس»: «إن أكثر ما يخيف الناس هو أن يجدوا أنفسهم فجأة في إحدى جلسات الاستماع الخاصة بالكونغرس».

وفي الشهر الماضي عاد منتجع سانت ريجيس الذي تخلت عنه «المجموعة الدولية الأميركية» إلى البنك الذي كان قد أقرض المجموعة، وهو «سيتي غروب». ويقول بعض الإخصائيين في الفنادق إن ما أطلق عليه «تأثير المجموعة الدولية الأميركية» قد ساعد على خفض معدلات الأسعار في مانهاتن.

قد اختار الرئيس أوباما لاس فيغاس ولم يذكر مانهاتن عندما شجب إنقاذ الشركات على حساب دافعي الضرائب، إلا أن المسؤولين عن الفنادق في مانهاتن فهموا أن كلامه ينطبق على جميع الفنادق الفاخرة، وذلك وفقا لما قاله مارك لومانو رئيس مركز أبحاث سميث ترافيل. فيقول: «لقد ارتعبوا تماما. وكانوا يقولون: يجب علينا إشغال الفنادق».

ويضيف السيد لومانو أن تخفيض أسعار الغرف هو استراتيجية تنضوي على رؤية قصيرة النظر، مضيفا: «أنا أفهم لماذا حدث ذلك على المستوى العاطفي، ولكن من وجهة النظر الإحصائية فإنهم يتركون الكثير من المال على الطاولة. بالطبع هم يحتاجون إلى تخفيض أسعار الغرف، ولكن مستوى التخفيضات التي قدموها أعلى بكثير مما يحتاجونه بالفعل».

ويؤكد لومانو أنه بدلا من أن يرفع ذلك من الطلب على غرف الفنادق، شجعت الأسعار المغرية للإقامة في الغرف الفندقية الأشخاص الذين كانوا يخططون بالفعل للسفر على تغيير المكان الذي سيقيمون فيه.

ويضيف لومانو أن إحدى مشكلات نيويورك في الكثير من الأحيان هي أن الأسعار المخفضة تكون أقل من الأسعار المتفق عليها، كما أن مخططي اجتماعات الشركات كانوا قد بدأوا بالفعل في المطالبة بالمزيد من التخفيضات.

ويقول الخبراء في الفندقة إن عودة أسعار الغرف إلى المستويات السابقة قد يستغرق سنوات، وهو ما يعد خبرا طيبا للمسافرين. فيقول توماس ماككونيل المدير الإداري بكاشمان وويكفيلد: «عندما تحصل على سعر 149 دولارا في مانهاتن فسيكون صعبا أن تطلب 349 دولارا عن نفس الغرفة في العام الذي يليه».

وقد تكون معدلات الإشغال المرتفعة قد حمت معظم فنادق نيويورك من أن تمر بنفس التجربة التي مرت بها جميع الفنادق في كل مكان، على الأقل حتى الآن. يقول دايفيد لويب المدير الإداري بشركة «روبرت بيرد آند كومباني»، وهي شركات الخدمات المالية التي يقع مقرها في ميلووكي: «عندما تشغل 84% من الغرف، يجب أن تحصل على تدفق للنقد يغطي شروط دينك».

ووفقا لـ«ريال كابيتال أناليتيك»، شركة الأبحاث بنيويورك، فقد تخلف ملاك أكثر من 1000 فندق بما يشمل الكثير من الفنادق الشهيرة في الساحل الغربي عن سداد قروض تبلغ قيمتها 16.8 مليار دولار، ومن المتوقع أن يلحق بهم الكثير من الفنادق.

وتشمل الفنادق المتعثرة فندق «دابليو هوتيل» بسان دييغو، واثنان من فنادق سان فرانسيسكو الشهيرة وهما «الرينيسانس ستانفورد كورت» و«الفور سيزونس».

كما تواجه أربعة فنادق أخرى من فنادق مانهاتن المشكلات، من بينها فندق «دريم هوتيل»، وهو الفندق الذي يتكون من 220 غرفة فاخرة في شارع 55 بين برودواي والجادة السابعة.

وفي أبريل (نيسان) أعلن ملاك مجموعة «هامبشير» وشركاؤهم عن عدم قدرتهم على سداد خدمات الرهن العقاري الذي تبلغ قيمته 100 مليون دولار، وذلك وفقا لما قاله فرنانك إنوراتو المدير الإداري بـ«ريال بوينت»، هيئة أسعار الائتمان بهورشام ببنسلفانيا.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، خسرت شركة «هوريزون غلوبال» التي كانت تعمل على تطوير فندق «فو» الذي يطل على نهر «هادسون» في الجادة الحادية عشرة بشارع 48 على الفندق، حيث حصل عليه بنك «يو إس» مقرض الشركة.

ومن المقرر أن يتم افتتاح فندق «إنك 48» ـ يشير اسمه إلى الدور الذي كان يلعبه البناء قبل ذلك كدار للنشر ـ في سبتمبر (أيلول)، وذلك بعد نحو 18 شهرا من الميعاد الذي كان محددا لافتتاحه.

وبغض النظر عن موقعه غير الملائم، حدد المديرون بفنادق ومطاعم «كيمتون» سعر 429 دولارا لليلة في الفندق. ويقول جورج تريفنون نائب الرئيس إن الفندق يقدم حتى الآن عرضا خاصا، حيث يبلغ سعر الغرفة في الليلة 223 دولارا.

وعلى الرغم من أن مشروعات إنشاء الفنادق التي لم يتم البدء في تشييدها خلال الخريف الماضي قد تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، فإنه من المتوقع أن تفتتح الكثير من الفنادق خلال الأشهر القليلة القادمة بما فيها فندق «دابليو» الذي يشتمل على 220 غرفة في شارع واشنطن في مانهاتن الجنوبية.

وتقول إلين براون نائبة الرئيس التنفيذي لمجموعة «دينهان هوسبيتالتي» مالكة فندق «سوري» الذي يقع في شارع 76 بجادة ماديسون، إنه سيتم إعادة افتتاح الفندق في أواخر العام الجاري بعد أن تم تجديده بالكامل، حيث أضيفت نحو 58 غرفة إلى إجمالي الغرف الذي يبلغ إلى 190 غرفة. وتضيف إلين أن ذلك يمنح المسافرين مزايا النزول في الفنادق الفاخرة، وقد يستفيد فندق «سوري» من أن اسمه ليس معروفا مثل «فور سيزونس» أو «ريتس كارلتون».

وفي جهودهم للتكيف مع العائدات المنخفضة، يحاول عملاء الفنادق وضع استراتيجيات مختلفة لخفض التكاليف. فلم تعد مجموعة «هيرشا هوسبيتالتي» التي تمتلك وتدير عشرة فنادق في نيويورك لها أسماء مثل «هامتون إن» و«كيندل وود سوتس» تضع الصحف خارج غرف الفنادق، وأصبحت تقدم وجبة الإفطار ما بين الساعة السابعة صباحا والتاسعة والنصف، بعدما كانت تقدم الإفطار بين الساعة السادسة، والعاشرة والنصف، وذلك وفقا لما قاله نيل شاه رئيس المجموعة، الذي أضاف: «إننا نقتصد في كل الأشياء لكي نخفض التكلفة».

ويجب على ملاك الفنادق أن يجدوا طرقا يستطيعون من خلالها تقليل النفقات دون تنفير العملاء، وذلك وفقا لما قالته السيدة براون والتي تمتلك شركتها أو تدير ثمانية فنادق أخرى في مانهاتن، بما يشمل فندق «بينجامين» في شارع 50 الشرقي.

وتضيف السيدة براون: «يمكن أن يتسامح النزلاء مع فكرة الإقامة في غرف لم يتم تجديدها منذ مدة ما دامت نظيفة والخدمة جيدة. ولكن الحفاظ على سعادة النزلاء أصبح أمرا صعبا، فقد أصبح ذلك صعبا للغاية على كل مديري الفنادق في ظل هذا المناخ».

* خدمة «نيويورك تايمز»