العمالة الباكستانية تهيمن على القطاع الزراعي في وادي الأردن

المطالبة بتشكيل لجنه لمتابعة واقع العمالة الوافدة

TT

وجدت العمالة الباكستانية نفسها مسيطرة على القطاع الزراعي في وادي الأردن بعد تزايد أعدادها في السنوات الأخيرة وتحقيقها أرباحا طائلة، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع انحسارا للمزارعين الأردنيين الذين تركوا هذا القطاع نتيجة تكبدهم خسائر مادية نتيجة انفتاح السوق الأردنية أمام المنتجات الزراعية المستوردة.

وتعيش هذه الفئة من العمالة الوافدة ضمن أقل من الحد الأدنى للشروط الصحية والمعيشية الواجب توافرها لحياة إنسانية كريمة مما ينعكس سلبا على البيئة والمزارعين الأردنيين الذين تردت أوضاعهم في ظل افتقادهم لإمكانات المنافسة في مثل هذه المعطيات.

وتتزايد أعداد الباكستانيين بشكل ملحوظ على جوانب الطرق وداخل الوحدات الزراعية في وادي الأردن على شكل تجمعات سكنية وبأسر ممتدة، خاصة في منطقة دير علا في الأغوار الوسطى.

ويؤكد مزارعون أردنيون أن «العمال الوافدين هم من يجنون أرباحا طائلة من العمل الزراعي، كونهم لا يتحملون تكاليف معيشية أو أي التزامات ضريبية أو قانونية».

وقال المزارع الباكستاني نجيب عبد الدايم إنه «يعمل في القطاع الزراعي في وادي الأردن منذ 15 عاما، وهو يضمن وحدات زراعية من أردنيين ويمارس العمل الزراعي كمزارع من دون أي اعتراض من أي جهة».

وأكد عبد الدايم أنه «يعيش وحده في معرش بلاستيكي وغير مخدوم بأي نوع من الخدمات، وفي نهاية كل موسم زراعي يقوم بجني أرباحه وإرسالها إلى أسرته المكونة من 9 أفراد، لتقوم الأسرة بدورها ببناء البيوت وإقامة المشاريع الإنتاجية في بلده».

ويرى عبد الدايم أن «العمال الوافدين وبخاصة الباكستانيين يجنون أرباحا مالية ضخمة من العمل الزراعي، كونهم غير ملتزمين لأي جهة بديون أو التزامات مالية، عدا عن أنهم يعيشون في ظروف حياتية متدنية لا تكلفهم بضعة دنانير في الشهر الواحد».

واتفق المزارع محمود خير الله (باكستاني الجنسية) مع عبد الدايم في أن «العمل الزراعي يحتاج إلى رؤوس أموال حتى لا يغرق المزارع في الديون ولا يستطيع أن يخرج نفسه لمئات السنين، ويتحول العمل الزراعي إلى كابوس يداهمه كل موسم».

وعزا خير الله أسباب تحقيق الوافدين الباكستانيين لمبالغ مالية ضخمة كل عام، مقارنة بالمزارع الأردني الذي تتراكم عليه الديون كل عام بأن «العمال الوافدين يعملون كمزارعين ولا يحتاجون لأيدٍ عاملة، عدا عن أنهم يعيشون في مساكن لا ترتب عليهم أي تكلفة مادية ولا يدخلون أبناءهم المدارس والجامعات ولا يتمتعون بأدنى متطلبات الحياة الكريمة أو الصحية».

بدوره أكد رئيس بلدية معدي بالإنابة رائد المناصير أن «العمال الوافدين من مختلف الجنسيات يداهمون العمل الزراعي بشكل عشوائي وغير منظم، ويعيشون في مساكن تتكون من قطع بلاستيكية ومعرشات من القش ولا يلتزمون بدفع أي ضرائب أو التزامات مالية لأي جهة».

وأوضح المناصير أن «بلدية معدي الجديدة قامت بمخاطبة الحاكم الإداري لمخاطبتهم ونقلهم في مساكن ومناطق صحية، ومخالفة من لا يلتزمون بشروط تصاريح العمل».

من جهته قال عضو اتحاد المزارعين جمال المصالحة إن «العمال الوافدين وبخاصة من الجنسية الباكستانية يمتهنون العمل الزراعي في الوادي منذ عشرات السنين، وهم يعيشون داخل المزارع ويعملون فيها كون أعدادهم كبيرة، إذ يدخلون الأردن على شكل عائلات ممتدة».

وأشار المصالحة إلى أن «الطاقة الإنتاجية للعامل الوافد مرتفعة، مقارنة بالعامل الأردني الذي يعزف عن العمل الزراعي وتقدر طاقته الإنتاجية بساعتي عمل في 8 ساعات».

ويرى المصالحة أن «شروط وجود العمالة الوافدة في الوادي غير مناسبة، حيث يقطنون البيوت البلاستيكية وبيوت الشعر على الشوارع العامة، في حين لا تتوفر لديهم مرافق عامة أو أدنى متطلبات الصحة العامة، مما يؤدي إلى نشر الأوبئة والأمراض في ظل ارتفاع درجات الحرارة في الوادي».

وتحدث المصالحة عن الممارسات والتجاوزات التي تقوم بها العمالة الوافدة في الوادي وأهمها «ظاهرة الاتجار بالعقود»، مشيرا إلى أن «معظم المتاجرين هم من العمالة الوافدة».

وقال إن «هناك من العمالة من يتزوج من أردنية ويقوم بتسجيل المزرعة باسمها ويقوم بأخذ عماله من أبناء جنسيته على اسم زوجته ويتابع أعمالها من خلال وكالة عدلية يراجع من خلالها كافة الدوائر الحكومية ويحصل على امتيازات الأردني من خلال هذه الوكالة».

ويتابع المصالحة قائلا: «ومن المخالفات دخول العمالة الوافدة إلى أسواق الخضار وتسجيل الخضار بأسمائهم لدى محلات الكمسيون مستفيدين من أي دعم يقدم للمزارع الأردني».

وأوضح أن أهم التجاوزات التي تمارسها العمالة الوافدة «هو امتهان العمل الزراعي لصالحها مخالفة لقانون تطوير وادي الأردن الذي عرف المستأجر المزارع واشترط بأن يكون أردني الجنسية، وأيضا قانون العمل فيما يتصل بعقد العمل الذي على أساسه يجب أن يكون العامل عاملا وليس صاحب عمل».

ويطالب المصالحة «بتشكيل لجنه من الجهات المعنية، لمتابعة واقع العمالة الوافدة لوضع الحلول الجذرية ليس للمشكلات القانونية وحسب بل وللجوانب البيئية والأمنية»، مشيرا إلى أن «ضبط وجود العمالة الوافدة أصبح له ما يبرره خاصة أننا أصبحنا نلحظ مشكلة اجتماعية تتمثل بوجود الزوجات المهجورات من قبل العمال الوافدين، فهم يتزوجون من أردنيات لأغراض تجارية وليس إنسانية».

في المقابل أكدت مصادر مسؤولة في مكتب عمل لواء دير علا أن «دخول العمالة الوافدة من مختلف الجنسيات للعمل في القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى يكون بطرق قانونية عن طريق مكتب العمل، ويتم إخضاعهم إلى مختلف الشروط والفحوصات، ووفقا لحاجة أرباب العمل في مختلف الأعمال، غير أن العمال الباكستانيين يدخلون على شكل أسر كبيرة ويعيشون في تجمعات سكنية داخل مزارعهم».

وأوضح المصدر أن «ما نسبته 90 في المائة من الوافدين في الوادي يمتهنون العمل الزراعي لعزوف أبناء الوادي عن العمل الزراعي، وتقاضيهم أجورا متدنية، وارتفاع طاقتهم الإنتاجية».