إيرادات الغاز اليمنية غير كافية لتعويض انخفاض إنتاج النفط

الدولة تتطلع إلى تصديره على الرغم من اضطرابات داخلية وقراصنة خليج عدن

قدر البنك الدولي أن حكومة اليمن ستستفيد بما بين 30 و50 مليار دولار على مدى عمر مشروع اليمن للغاز الطبيعي المسال (أ.ف.ب)
TT

لندن ـ (رويترز): يتطلع اليمن بحماس إلى تصدير الغاز الطبيعي المسال للمساعدة في تعويض أثر انخفاض إنتاج النفط على إيرادات الدولة، على الرغم من عقبات تتراوح بين اضطرابات داخلية وعمليات قرصنة في خليج عدن.

وتأمل الحكومة أن يساعد مشروع بتكلفة خمسة مليارات دولار تقوده «توتال للغاز الطبيعي المسال» في دعم النمو الاقتصادي إلى نحو 8 في المائة، أي ما يعادل مثلي مستواه في العام الماضي.

وقال مسؤول من البنك الدولي: «أعتقد أن الرأي السائد هو أن حكومة اليمن ستستفيد بما يصل إلى ما بين 30 مليار دولار و50 مليار دولار على مدى عمر مشروع اليمن للغاز الطبيعي المسال». وأضاف: «لكن يتعين القول إن هذا النطاق قد يتأثر بدرجة كبيرة بأسعار الغاز العالمية وأسعار زيت الوقود الثقيل وإقامة بنية أساسية محلية للغاز». ولتغطية التكاليف سيحصل اليمن على نسبة ضئيلة فقط من إيرادات الغاز الطبيعي المسال في العام المقبل. وقدر المسؤولون ما ستحصل عليه الحكومة بما بين 200 و300 مليون دولار. وقال وزير النفط اليمني أمير العيدروس إن هذا المبلغ قد يرتفع في نهاية الأمر إلى مليار دولار سنويا، وأبلغ «رويترز» الأسبوع الماضي أن اليمن سيصدر أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من منشأة تسييل الغاز في منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل رغم التأخيرات المتكررة.

ومن أكبر المساهمين في المشروع «توتال» الفرنسية بحصة 39.6 في المائة، و«هانت أويل» الأميركية بحصة 17.2 في المائة، و«الشركة اليمنية للغاز» بحصة 16.7 في المائة. وعائدات هذه الشركات ليست مضمونة بسبب تصاعد الاضطرابات داخل البلاد وفي البحر وهجمات قراصنة صوماليين على ناقلات تمر عبر خليج عدن.

وقال جوناثان وود المحلل في «كنترول ريسكس»: «القرصنة تشكل تهديدا أمنيا شديدا في المستقبل المنظور، على الأقل على مدى عام أو عامين». وأضاف: «هذا بالتحديد هو الإطار الزمني الذي يأملون خلاله بدء هذه الصادرات. ويدرك القراصنة أن شركة عالمية تعتبر هدفا جيدا للمطالبة بفدية».

وقال المكتب البحري الدولي الذي يرصد القرصنة، ومقره لندن، إن القراصنة شنوا 88 هجوما في خليج عدن في عام 2009 حتى الآن، منها 31 هجوما على ناقلات نفط وغاز.

وقال جويل فورت الرئيس التنفيذي لـ«الشركة اليمنية للغاز المسال» لـ«رويترز» الشهر الماضي إن الشركة تجري محادثات مع السلطات اليمنية بشأن استخدام سفن البحرية لمرافقة صادرات الغاز. وقالت الحكومة إنها تعتزم إقامة محطة رادار جديدة ومركز لمكافحة القرصنة بالاشتراك مع دول أخرى في المنطقة.

ويواجه اليمن تمردا شيعيا في شمال البلاد وحركة انفصالية في الجنوب وموجة من هجمات تنظيم القاعدة أثارت مخاوف الغرب من أن تتحول البلاد إلى ملاذ آمن للمتشددين.

وقال حسن أبو طالب المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة: «جميع المشروعات التنموية الكبرى قد تتأثر سلبا، ومنها إنتاج الغاز. ومخاطر الاستثمار بالنسبة لرجال الأعمال على مستوى العالم كبيرة للغاية».

وأعلنت السلطات اليمنية عن مقتل أكثر 100 من المتمردين في قتال أول من أمس، من بينهم اثنان من قادة الشيعة، مع تصاعد القتال في الشمال بعد يومين من سعي الحكومة لوقف إطلاق النار.

وفي الأشهر القليلة الماضية فجر رجال قبائل مسلحون خطوط أنابيب نفط في مأرب مما هدد صادرات النفط، وفي نهاية عام 2008 كان اليمن يملك 17.3 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي حسب إحصاءات «بي بي»، و«الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال» يمكنها إنتاج 6.7 مليون طن سنويا لتصديرها عبر خليج عدن.

لكنّ البنك الدولي ومحللين قالوا إن الإيرادات المحتملة من تصدير الغاز الطبيعي المسال ومن السوق المحلية ستعوض جزئيا فقط الخسائر من تراجع إنتاج النفط.

وقال بيير أودينت الاقتصادي المختص بشؤون الطاقة في البنك الدولي: «الإيرادات من الغاز الطبيعي المسال ستساعد الحكومة على التخفيف من أثر تراجع إيرادات النفط، لكنها غير كافية لتعويض ذلك».

وقال وزير النفط إن إنتاج النفط ـ الذي يمثل نحو 75 في المائة من الإيرادات العامة ونحو 90 في المائة من إيرادات الصادرات ـ انخفض إلى 300 ألف برميل يوميا في عام 2008. وبلغ إنتاج النفط في اليمن ذروته عند 457 ألف برميل يوميا في عام 2002 حسب بيانات «بي بي».

وقال روبرت باول المحلل في «إيكونوميست أنتليجنس يونيت»: «اليمن يواجه الاستنفاد الكامل لاحتياطيات النفط في السنوات العشر المقبلة، وسيتحول إلى مستورد صافٍ للنفط بحلول عام 2011. لذلك فإن مشروع الغاز الطبيعي المسال في غاية الأهمية». وأضاف: «إنهم يحتاجون بشدة إلى المزيد من الدخل. مشروع الغاز سيريحهم بعض الشيء، لكنه لن يحقق ما يزيد على ذلك».

وقال جوليوس ووكر محلل أسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية إن اليمن سيظل مصدرا صافيا للنفط لكنه سيشهد انخفاض إنتاجه إلى 248 ألف برميل يوميا في عام 2014.

وانخفضت أسعار النفط عن ذروتها البالغة 147.27 دولار للبرميل في يوليو (تموز) من العام الماضي إلى 32.40 دولار في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أدنى مستوى منذ أوائل عام 2004. وعادت الأسعار إلى الانتعاش لتبلغ ذروتها هذا العام فوق مستوى 70 دولارا للبرميل.

وقال أودينت من البنك الدولي: «الاستفادة من الغاز أمر لا غنى عنه بالنسبة لتنمية اقتصاد اليمن، والمسألة الرئيسية هي وضع الحوافز المناسبة للاستفادة منه. لكن هذا الإطار لم يوضع بعد».