محمد زهير: مصر تواجه تبعات الأزمة على قطاع السياحة بالاعتماد على السوق الأوروبية

وزير السياحة المصري لـ «الشرق الأوسط» : نجاح غير مسبوق للسياحة المصرية بـ13 مليون سائح العام الماضي

وزير السياحة المصري خلال حديثه لـ»الشرق الأوسط»: لا إجراء بمنع طالبي الحج والعمرة
TT

اعتبر وزير السياحة المصري محمد زهير جرانة تحقيق بلاده المركز الـ21 على مستوى العالم في الحركة السياحية مؤشرا على نجاح البرامج والخطط السياحية، وهو ما أوصل عدد السائحين الذين زاروا مصر العام الماضي إلى رقم لامس الـ13 مليون سائح، لافتا إلى أن قطاع السياحة مثل باقي القطاعات واجه العام الحالي الأزمة المالية العالمية وإنفلونزا الخنازير والإشاعات السلبية في هذا المجال، حيث ألقت هذه الأوضاع بتبعاتها على صعيد السياحة، مشددا على أن وزارته بالتعاون مع القطاع الخاص نجحت في الحد من الآثار السلبية على السياحة المصرية من خلال التعاون مع وكالات السياحة والسفر والاعتماد على السوق الأوروبية في الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، موضحا أن حركة السياحة العربية تشكل نحو 19 في المائة فقط من إجمالي عدد السائحين بشكل عام، مشيرا إلى أنه أعطى إشارة بدء الخط الساخن (Call Center) لوزارة السياحة وذلك على رقم تليفون 19654 الخاص بتلقي شكاوى السائحين العرب من نزلاء الفنادق في جميع أنحاء مصر والمتعلقة بالتمييز في الأسعار.

جاءت تصريحات الوزير جرانة خلال لقائه مع وفد من الصحافيين السعوديين أثناء زيارتهم لجمهورية مصر العربية في رحلة تعريفية نظمتها مجلة «سواح» بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة المصرية وفنادق «إنتركونتيننتال» مصر. وأكد جرانة أن هذا القرار يأتي في إطار تنفيذ القرارات الوزارية الخاصة بالسياسة السعرية والتي تقضي بمنع التمييز في الأسعار بين السائحين العرب وغيرهم من السائحين من الجنسيات المختلفة، وذلك حرصا على القضاء على الشكاوى التي أثيرت أخيرا من بعض السائحين العرب في هذا الصدد. وجاء نص حوار وزير السياحة المصري كما يلي..

* القاهرة أصبحت لمئات الآلاف من الأسر العربية منتجا سياحيا تقليديا تكرر زيارته.. ما تعليقكم على ذلك.. وماذا عن الجديد الذي تضمه الأجندة المصرية هذا العام؟

ـ أود أن أوضح أنه على الرغم من أن مئات الآلاف من السائحين العرب ـ كما ذكرت ـ قد قاموا بزيارة القاهرة أكثر من مرة، فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن القاهرة ما زالت تعتبر لدى الكثيرين منهم المقصد السياحي المفضل، أما عن الأجندة المصرية فهي كعادتها تزخر بالجديد والمتنوع، وهناك عدد من الأنماط السياحية الواعدة التي تحظى باهتمام كبير من الوزارة ومن بينها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ سياحة السفاري والصحراء والسياحة العلاجية، حيث يوجد بمصر الآن عدد من المنتجعات الصحية المتميزة والتي تم إنشاؤها على أعلى المستويات العالمية، هذا إلى جانب سياحة الجولف التي بدأت تجذب إليها الكثير من السائحين نظرا لإنشاء مجموعة من الفنادق تحتوى على مضامير للجولف في عدد من المناطق السياحية المختلفة بمصر، علاوة على سياحة المؤتمرات التي خطت فيها مصر خطوات واسعة، وأصبح هناك عدد كبير من المؤتمرات الدولية في الكثير من المجالات يتم تنظيمها في مصر وذلك من منطلق الإيمان بقدرة مصر على استضافة هذه المؤتمرات. وما دمنا نتحدث عن الجديد في المنتج السياحي المصري فهناك عدد من المقاصد السياحية الواعدة التي يتم الآن الترويج لها مثل الساحل الشمالي، هذا إلى جانب التطوير الدائم للمقاصد السياحية التقليدية.

* يرى البعض أن مصر ما زالت تفتقد وسائل الجذب السياحي التي تستهدف السائح العربي من فعاليات ومهرجانات ترتقي بحجم مصر ومكانتها.. تعليقكم على ذلك؟

ـ إذا تحدثنا عن المهرجانات والمناسبات التي تقام في مصر فهناك أجندة متكاملة لهذه المناسبات وتشمل الكثير من الأنماط، مثل المهرجانات السياحية وتشمل مهرجان تعامد الشمس على معبد أبو سمبل، ومهرجان اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، هذا إلى جانب المهرجانات الرياضية وأذكر منها رالي الطيران الدولي ورالي النيل الدولي للطائرات الخفيفة ومهرجان الشرقية للهجن وبطولة العالم للبلياردو وسباق الزوارق السريعة، هذا بالإضافة إلى المهرجانات الفنية والثقافية ومن بينها مهرجان أوسكار الفيديو كليب ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومعرض القاهرة الدولي للكتاب والمهرجان الدولي للمسرح التجريبي، وغيرها.. وقد حققت هذه المهرجانات نجاحات كبيرة نظرا لأنه يتم تنظيمها على أفضل طريقة.

وأود أن أوضح أن مصر ما زال لديها الكثير لتقدمه في هذا المجال نظرا لإمكانياتها الكبيرة التي تؤهلها لتبوؤ مكانة متميزة في تنظيم المهرجانات، إلى جانب الحرص على تطوير هذا النمط السياحي المهم الذي يجذب إليه الكثير من السائحين.

* الساحل الشمالي منتج تنفرد به مصر، ومع ذلك لم يحظ بعد بالترويج في السوق السعودية والخليجية.. أين الخلل، وكيف العلاج؟

ـ بالطبع الساحل الشمالي في مصر يعد أحد المنتجات السياحية المتميزة، نظرا للطبيعة الخلابة التي يتمتع بها، والمناخ الفريد، حيث يتميز هذا المقصد عن المقاصد المنافسة له على ساحل البحر المتوسط بوجود فارق أربع درجات مئوية، وهو ما يجعله أكثر دفئا، وحيث إننا نهتم بشكل كبير بالمقاصد السياحية الواعدة فإننا نولي هذا المقصد اهتماما خاصا، وبالفعل يتم التركيز عليه في الحملات الترويجية خاصة في ظل تنفيذ عدد من المشروعات الكبيرة به، والوزارة تبذل الكثير من المجهودات حتى يتسنى أن يتبوأ هذا المقصد المكانة التي يستحقها على أجندة السياحة العالمية.

* ما هي مشروعاتكم السياحية الجديدة في كل من الساحل الشمالي والفيوم ورشيد؟

ـ بالنسبة للساحل الشمالي فلقد عانى، وبناء على قانون البناء الموحد فهناك تخطيط كامل لمنطقة الساحل الشمالي سيظهر خلال الفترة المقبلة‏.‏ أما الفيوم فهي من أكثر المناطق السياحية المظلومة في مصر، والجديد أنه قد تم تطهير بعض المناطق من الآثار خلال السنوات الثلاث الماضية، وسنستلم بعد شهر رمضان مباشرة بعض المناطق لنبدأ العمل بها. أما بالنسبة لرشيد فإن سيادة الرئيس مهتم بها شخصيا‏.‏ وقد قمت بزيارة مدينة رشيد في إطار خطة تنفيذ مشروع التنمية الشاملة للمدينة والذي تم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية منه مع بداية العام الحالي وحتى عام ‏2011‏، بتكلفة إجمالية بلغت ‏60‏ مليون جنيه‏،‏ كما سيتم تشغيل عدد كبير من العمالة في الصيد وبناء السفن لأنه تتم حاليا دراسة بناء ميناء للتخزين لرسو اليخوت الخاصة هناك، وسيعمل به عدد من الشركات العالمية.

* ما مدى تأثير أحداث الأزمة الاقتصادية العالمية على معدل السياحة إلى مصر هذا العام.. وما هي الوسائل التي تنتهجها وزارتكم للحد من الانعكاسات السلبية على السياحة المصرية؟ ـ أود بداية أن أشير إلى أنه منذ بداية الأزمة العالمية الحالية توقعنا أن يشهد عام 2009 صعوبات كثيرة تنعكس مبدئيا تداعياتها على الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، وقد بلغت نسبة الانخفاض في الحركة السياحية الوافدة إلى مصر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام (ـ 13.4) في المائة، وأود أن أوضح أن هذا الانخفاض جاء في أعقاب عام 2008 وهو العام الذي شهدت فيه السياحة المصرية نجاحا غير مسبوق أكدته الأرقام المحققة سواء عدد السائحين الذي بلغ 12.8 مليون سائح في نهاية عام 2008 بزيادة قدرها 15.7 في المائة عن عام 2007 أو الليالي السياحية المحققة التي بلغت 129.2 مليون ليلة بزيادة قدرها 15.9 في المائة عن عام 2007.

وبالنسبة للوسائل التي اتخذناها للحد من الآثار السلبية لتلك الأزمة، فقد تداركنا الأمر بالتعاون ما بين وزارة السياحة والقطاع الخاص، يضاف إلى ذلك أن ‏80 في المائة‏ من نجاحنا في العمل خلال الفترة الماضية كان للتعاون مع وكالات السياحة والسفر بالخارج التي كانت شريكا أساسيا، وكان لها دور كبير معنا فيما يخص تكثيف الحملات التسويقية المشتركة لاعتمادنا على السوق الأوروبية في الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، حيث لا تشكل حركة السياحة العربية أكثر من ‏19 في المائة‏ من إجمالي عدد السائحين الوافدين إلينا، كما أنها سياحة موسمية‏.‏ وأود أن أوضح أنه على مستوى العالم تم تخفيض الأرقام المخصصة للدعاية والإعلان، وأنا على العكس تماما قمت بزيادتها على الرغم من أنه كان سلاحا ذا حدين بشكل متواز مع وكالات السياحة والسفر لضمان وجودنا الدائم في أذهان الآخرين، وقمت بدعوة الكثير من الصحافة السياحية المتخصصة لزيارتنا، وشاركنا في جميع البورصات والمعارض السياحية الخارجية‏.‏ مصر كانت في المركز الـ‏23‏ على مستوى العالم، وأصبحت الآن في المركز الـ‏21،‏ ونحن بدأنا وبعض الدول الأخرى بدأت تسير على النهج نفسه، ولذا تم تعييني أخيرا في منصب رئيس لجنة الأزمات في منظمة السياحة العالمية.

* ما هي مؤشرات نسبة السياح السعوديين هذا العام إلى مصر؟

ـ بالطبع النسبة اختلفت كثيرا عن العام الماضي، وهذا نتيجة الأوضاع الراهنة التي تمر بها السياحة العالمية والتي تسببت فيها عوامل عدة منها الأزمة المالية العالمية، وكذلك مرض إنفلونزا الخنازير، ويكفي أن أقول لك إن نسبة السياح السعوديين القادمين إلى مصر في شهر يوليو (تموز) هذا العام انخفضت بمقدار سبعة آلاف سائح سعودي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

* ما هي انعكاسات الأزمة الاقتصادية خلال الفترة الماضية في تقليص الكوادر والعمالة الفندقية وكذلك نسب إشغال الفنادق؟

ـ أؤكد أنه قد تم الاستغناء في بعض الأماكن عما يسمى بالعمالة المؤقتة وليس الأساسية في بعض الفنادق التي لم تتجاوز الـ‏30 في المائة‏ إشغالا، في المقابل حافظت الغالبية العظمى للفنادق على العمالة،‏ خاصة أننا نحتاج إليهم مع عدد الغرف الهائل لدينا والذي يصل إلى ‏211‏ ألف غرفة تعمل، وهناك‏191‏ ألفا تحت الإنشاء‏.

والمؤكد أنه لا توجد منشأة فندقية قد خسرت ولكنها لم تحقق أرقام العام الماضي نفسها‏.‏ أما فيما يخص نسب الإشغال فكل من يقول إن نسب الإشغال انخفضت عن الإيرادات الخاصة بالعام الماضي بنسبة ‏20 في المائة‏ صحيح، وذلك لأن لدي ‏25‏ ألف غرفة جديدة‏.‏ الزبون واحد والعدد لم يتغير، ولكن حدث انخفاض في عدد الليالي السياحية لانخفاض متوسط الإقامة برغبة السائح نظرا للظروف المالية والاقتصادية والأوبئة، فالكلام في تلك الأمور أثر علينا سلبا بلا أدني شك‏.‏ نحن نجسم الأزمة، ومتخصصون في تعظيم المصائب‏،‏ فنصرح بأن هناك طاعونا ثم لا نذكر أنه كان في حالة واحدة فقط‏.‏ ومن عامين تم إطلاق شائعة أنه قد تم اختطاف مركب في البحر الأحمر، وبسببها مركب كبير جدا لم يدخل مصر‏،‏ وذلك بسبب شخص كتب مقالا أضر بسمعة البلاد وبالاقتصاد المصري ولم يحاسب‏.‏ ومع هذا فإن نسب الإشغال في القاهرة ‏78 في المائة،‏ الغردقة ‏80 في المائة،‏ شرم الشيخ ‏78 في المائة،‏ والإسكندرية ‏69 في المائة،‏ وتعلو النسبة في الويك إند أو نهايات الأسبوع،‏ والسياحة النيلية ‏65 في المائة،‏ والأقصر نحو ‏45 في المائة.

* أدركت مصر أن عجلة التنمية السياحية سيديرها القطاع الخاص، فقدمت الكثير من التسهيلات والدعم للمستثمرين.. طالب عدد من المستثمرين السعوديين بتحفيز البنوك المصرية على تقديم القروض للمشروعات السياحية التي يقومون بإنشائها في مصر بعد توقف الكثير منها عن الإقراض، كما طالبوا بتأجيل الأقساط الموجودة حاليا لمدة عامين مراعاة للظروف المالية العالمية.. فهل ستتدخل الوزارة لحل هذا الأمر؟

ـ أود أن أشير في هذا المقام إلى أن صناعة السياحة في مصر من الصناعات التي توليها الحكومة رعاية واهتماما خاصا إيمانا منها بأهميتها في دفع عجلة التنمية وتنمية الاقتصاد القومي، وعليه فهناك تنسيق دائم بين كل الأطراف المعنية لتشجيع الاستثمار في مجال السياحة. ومن هذا المنطلق فقد تم بالفعل الالتقاء مع محافظ البنك المركزي للتنسيق في هذا الشأن، حيث تمت مناقشة سبل مساندة المشروعات السياحية المتعثرة ومساعدة المستثمرين الجادين حتى يتسنى لهم إتمام مشروعاتهم.

* حاولت وزارة الصحة المصرية قبل فترة منع المعتمرين والحجاج من السفر تخوفا من انتشار إنفلونزا الخنازير خلال موسم العمرة الحج...ما تعليقكم على ذلك؟

ـ لن يتم منع الحج والعمرة هذا العام إلا إذا أعلنت المملكة العربية السعودية انتشار الوباء وخروجه عن السيطرة‏، ولو قامت المملكة بتحديد الأعداد أيضا سألتزم‏،‏ لا يمكنني أن أمنع أحدا خاصة مع ازدياد الأرقام التي قامت بالعمرة أخيرا‏،‏ كرد فعل عكسي تماما، ‏ولكنني قمت بتجهيز قرار خاص بالحجر الصحي لمن هو مصر على السفر سيعلن في وقته‏.‏