حديث عن خروج بريطانيا «رسميا» من الركود وسط بوادر جديدة على انتعاش اقتصادها اندماج «فرانس تيليكوم» و«دويتشه تيليكوم» لتشكيل أكبر شركة جوال في المملكة المتحدة يواجه مصاعب كبيرة

توقعات بعودتها إلى النمو في الربع الأخير.. وبنك إنجلترا لا يزال قلقا بشأن قوة واستمرارية أي انتعاش

أحد مراكز العمل الخاصة بالعاطلين عن العمل في بريطانيا وقد أظهر مسحٌ ارتفاعَ معدل التوظيف في بريطانيا الشهر الماضي لأول مرة منذ أكثر من عام (أ.ف.ب)
TT

أعلن خبراء اقتصاديون أول من أمس خروج بريطانيا «رسميا» من الركود بعد أن أظهرت معطيات عودة الحياة إلى قطاع الصناعات وارتفاع مؤشرات الثقة في الأوساط المالية وخاصة في الحي المالي بلندن الذي انعكس في الارتفاع الملحوظ لمؤشر بورصة لندن (فوتسي 100)، الذي تجاوز حاجز الـ5000 نقطة منذ الانهيار المدوي لبنك ليمان برودرز قبل سنة. كما عزز شعور التفاؤل التوجه نحو عمليات اندماج عملاقة مع مسعى شركة «كرافت» الأميركية لصناعة الأغذية للاستحواذ على شركة «كادبري» البريطانية المشهورة لصناعة الحلوى، وإعلان شركتي الاتصالات الفرنسية «فرانس تيليكوم» والألمانية «دويتشه تيليكوم» أمس اعتزامهما دمج فروعهما في بريطانيا وبحسب حسابات المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، وهو مركز بحث مستقل، فإن بريطانيا تكون قد خرجت من الركود في مايو (أيار) الماضي. وقد دعمت أرقام حكومية أجواء التفاؤل الاقتصادي بعد أن أظهرت أن القطاع الصناعي زاد من إنتاجه في أغسطس (آب) الماضي، وذلك للشهر الثاني على التوالي. كما أشاعت نتائج عمليات مسح أمس التفاؤل بشأن آفاق الانتعاش في بريطانيا حيث أظهرت تحسن معنويات المستهلكين في أغسطس (آب) وزيادة معدلات التوظيف وتراجع الضغوط على الأسعار. وفي ظل هذه المعطيات فإن هناك، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، اتفاقا في أوساط المحللين الاقتصاديين على توقع عودة الاقتصاد البريطاني إلى النمو في الربع الأخير من العام مما يعني بحسب التعريف الرسمي خروج بريطانيا من الركود. وارتفع مؤشر ثقة المستهلكين الوطني إلى 63 نقطة في أغسطس من الرقم المعدل بالزيادة لشهر يوليو (تموز) وهو 61 نقطة. وهذه أعلى قراءة منذ مايو 2008 وتعكس زيادة تفاؤل البريطانيين بشأن الظروف الحالية والمستقبلية وكذلك رغبة أكبر في الإنفاق. وأظهر مسح آخر أجراه اتحاد التوظيف والعمالة وشركة «كيه بي إم جي» للمحاسبة ارتفاع معدل التوظيف الشهر الماضي لأول مرة منذ أكثر من عام. وكانت أسعار العقارات في بريطانيا قد عززت مشاعر التفاؤل بعد أن استعادت عافيتها وبدأت بالتحسن بعد أشهر من التراجعات. وبالنسبة للتضخم، أظهرت أرقام اتحاد تجار التجزئة البريطانيين انخفاض أسعار المتاجر 0.1 في المائة الشهر الماضي في أول قراءة سلبية منذ فبراير (شباط) 2007. ووفرت النتائج أجواء متفائلة لواضعي السياسات في بنك إنجلترا المركزي الذين بدأوا اجتماعا أمس يستغرق يومين لبحث السياسة المالية. وبينما رحب بنك إنجلترا بالبيانات الأخيرة فإنه لا يزال قلقا بشأن قوة واستمرارية أي انتعاش اقتصادي. ومن غير المتوقع أن يغير البنك هذا الأسبوع أسعار الفائدة أو برنامجه لشراء أصول بقيمة 175 مليار جنيه إسترليني.

وكانت بريطانيا شهدت بداية أسبوع قوية على الصعيد الاقتصادي بعد تقدم شركة «كرافت فود»، وهي أكبر مجموعة للصناعات الغذائية في أميركا الشمالية بعرض قيمته 16.7 مليار دولار لشراء شركة «كادبري» البريطانية، التي تعتبر ثاني أكبر شركة لصناعة الحلوى في العالم. وبرغم رفض «كادبري» فإن المديرة التنفيذية لـ«كرافت» ايرين روزنفيلد صرحت أول من أمس الثلاثاء أن الشركة ستواصل مساعيها للاستحواذ على «كادبري» ونقلت «رويترز» أول من أمس عن نشرة بلومبرغ نقلا عن مصدرين مطلعين أن شركة «كرافت فودز» الأميركية تجري محادثات لتدبير نحو ثمانية مليارات دولار لتمويل عرضها لشراء شركة «كادبري». وكانت الشركة الأميركية أعلنت يوم الاثنين عن عرض قيمته 16.7 مليار دولار لشراء «كادبري» وهو العرض الذي رفضته الشركة البريطانية لصناعة الحلوى. وأبلغ المصدران بلومبرغ أن «كرافت» تجري محادثات مع دويتشه بنك وسيتي غروب للحصول على قرض لتغطية نحو نصف تكاليف العرض. ونقل عن أحد المصدرين قوله إن التمويل سيتألف من قرض مؤقت سيسدد من خلال إصدار سندات. وبحسب «رويترز» رفض المتحدثان باسم دويتشه بنك وسيتي غروب التعقيب.

وتواصلت الأخبار الاقتصادية القوية في بريطانيا بعد إعلان شركتي الاتصالات الفرنسية «فرانس تيليكوم» والألمانية »دويتشه تيليكوم» أول من أمس اعتزامهما دمج فروعهما في بريطانيا، لتحتد المنافسة بين الخمسة لاعبين في سوق الاتصالات البريطانية المزدحمة. وذكرت الشركتان في بيان صحافي أن المحادثات بدأت بشأن دمج «أورانج يو كيه» التابعة لـ«فرانس تيليكوم» في بريطانيا مع «تي موبايل يو كيه» التابعة لـ«دويتشه تيليكوم» في بريطانيا. ومن المتوقع إتمام المفاوضات بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وتأمل الشركتان في الحصول على موافقة للاندماج ببلوغ منتصف العام المقبل. غير أن محللين يستبعدون تحقق ذلك أو على الأقل أن الشركتين ستواجهان صعوبات كبيرة لإقناع السلطات التنظيمية للتنافسية في بريطانيا بأن الكيان العملاق الجديد الذي سيكون أكبر شركة جوال في بريطانيا لا يتعارض مع قوانين التنافسية والاحتكار. وستؤدي الصفقة إلى قيام أكبر شركة للهاتف المحمول في بريطانيا يصل عدد عملائها إلى 28.4 مليون مشترك ومبيعاتها إلى 9.4 مليار يورو (13.5 مليار دولار) وفقا لبيانات الشركتين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وستصل الحصة السوقية للشركة الجديدة في بريطانيا إلى 37 في المائة، وهي تزيد عن حصة أكبر شركة حاليا وهي «أو تو» التابعة لشركة «تيليفونيكا» الإسبانية (28.4 مليون مشترك).

وتتوقع الشركتان أن تؤدي الصفقة إلى خفض النفقات بحوالي 4 مليارات يورو (5.7 مليار دولار) حيث تتوقع خفض النفقات بمقدار 500 مليون يورو سنويا ابتداء من 2014.