خلط الأوراق

TT

لا أعرف لماذا تختلط الأوراق لدى الأسرة العربية في كل مناسبة، فهي تختلط حينما يقترب فتح المدارس أو تكون هناك مناسبة مثل دخول شهر رمضان أو حلول عيد الفطر أو حلول عيد الأضحى أو أي مناسبة اجتماعية مرزنمة سلفا، وهي غير قابلة للتأجيل أو التقديم وإنما تحل في وقت محدد لا سيما إذا كانت دينية مع اختلاف الأديان سواء لدى العرب المسلمين أو العرب المسيحيين.

لا أعرف لماذا برزت لي هذه الحالة مع اقتراب العيد وسماعي لشكوى الكثيرين في مجتمعنا من كثرة المصاريف وإرهاقها لهم، مع أن البعض منهم يعيش على مرتب محدد يصرف شهريا لذلك فدخله السنوي معروف سلفا، ومع كل هذا هو يعيش أزمة مالية في كل مناسبة. السبب في ذلك يعود لأمرين أولهما وأهمهما عدم وضع ميزانية محددة للأسرة يوضح فيها دخل الأسرة سواء دخل الزوج، أو الزوج والزوجة معا إذا كان لكل منهم إيراد، ويضاف إيراد بعض الأبناء إن كانوا يعيشون في ذات البيت ولهم دخل. ونحن في عالمنا العربي نؤمن بالأسرة الممتدة فمن مشاهداتي وهي ليست علمية بحثية فإن الأسرة العربية تفتقر لوضع ميزانية محددة، إلا فيما ندر ولو وضعت الأسرة العربية ميزانية تضمنت الدخل وحددت أوجه المصاريف الأهم ثم المهم سواء على التعليم أو السكن أو المركب أو الصحة أو غيرها من أوجه الصرف لوجدت فائضا في أشهر يمكن ترحيل بعض منه لمثل هذه المناسبات. فالاقتصاديون يؤمنون بأنه لا يجب صرف جميع الدخل بل لا بد من التوفير منه للأزمات الطارئة التي قد تحدث لأي فرد في الأسرة. أما السبب الثاني وهو سبب غير اقتصادي فمرده إلى أننا في الأسرة العربية نحب التفاخر ونرغب أن يرانا الآخرون أفضل مما نحن على الواقع، لذلك نسرف في المظاهر ليظن بنا البعض الظن الحسن، ونغفل كل ما هو جوهري في حياتنا لأن الناس لا يعلمون عنه فنبخل على التعليم ولكن لا نبخل على الملبس ونحب التظاهر في كل شيء: فنحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر وليذهب الاقتصاد وميزانية الأسرة إلى الجحيم وكل عيد وأنتم بألف خير قراؤنا الكرام.

* كاتب اقتصادي