أميركا: الاحتياطي الفيدرالي يستعد لإجراء تعديلات في طريقة دفع رواتب موظفي البنوك

بهدف الحد من إقبالهم على مخاطر غير مسؤولة مثل تلك التي أدت إلى الأزمة المالية

TT

يتجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلى وضع قيود على طريقة دفع الرواتب داخل البنوك الأميركية، وسيوسع من رقابته لتصل إلى الإشراف على طريقة دفع الرواتب لعشرات الآلاف من الموظفين داخل المصارف بدءا من المسؤولين التنفيذيين وصولا إلى مسؤولي القروض. ويهدف الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتصرف على أساس سلطاته كمنظم للمصارف، بذلك إلى الحد من طرق دفع الرواتب التي يمكن أن تجعل موظفي البنوك يقبلون على مخاطر غير مسؤولة مثل تلك التي أدت إلى الأزمة المالية. وتقول مصادر على اطلاع بالخطط إن الاحتياطي الفيدرالي لا يسعى إلى وضع قيود على المبلغ الذي يمكن أن يحصل عليه أي موظف. وقد توصل مسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي ومحللون إلى أن طريقة دفع الرواتب ساهمت في وصول النظام المالي العام الماضي إلى حافة الانهيار، فعلى سبيل المثال، يمكن للمتداول الذي يحصل على علاوات تعتمد فقط على الأداء خلال سنة واحدة أن يدخل في مراهنات تحقق أرباحا في المدى القصير ولكنها تؤدي إلى خسائر كبيرة على المدى الطويل. وربما لا يهتم موظف القروض، الذي يحصل على راتب بناء على كمية القروض الصادرة، بجودة هذه القروض. وحسب النهج الذي يتصوره الاحتياطي الفيدرالي، فإن البنوك الكبرى داخل الولايات المتحدة سوف يكون عليها أن توضح طرق دفع الرواتب داخلها وتعديلها إذا وجد المنظمون أنها تعرض أمن وسلامة البنك للخطر، حسب ما قالته المصادر. ويرى بعض النقاد إن التنظيمات الجديدة المتوقعة تمثل تعديا من جانب المصرف المركزي حيث إنه يفتقد إلى تفويض صريح من الكونغرس للقيام بذلك. ويأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه الاحتياطي الفيدرالي ضغوطا سياسية شديدة حيث توجه انتقادات له بسبب إجراءاته لتحقيق استقرار داخل النظام المالي والإخفاقات الرقابية خلال الأعوام التي سبقت الأزمة. جدير بالذكر أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي سوف يمثل أمام مجلس الشيوخ للحصول على موافقته بأن يتولى فترة ثانية. وهناك تحفظات لدى القطاع المصرفي على نطاق هذه السياسية. ويقول إيدينغلينغ، الرئيس التنفيذي في رابطة المصرفيين الأميركيين: «لا أعتقد أن هناك اعتراضا على مبدأ ربط سياسات الرواتب بصورة أفضل بالمخاطر.. والخوف أن يؤثر ذلك على كل مدير فرع في البلاد عندما يكون ما يحاول الوصول إليه هي حوافز غير مناسبة في وول ستريت».

وتقوم أفرع أخرى داخل الحكومة بالتعامل مع قضية الرواتب داخل الشركات المالية. وتدرس وزارة الخزانة منع علاوات تصل إلى عدة ملايين من الدولارات داخل الشركات التي استفادت من خطط إنقاذ. ويتحرك الكونغرس ناحية إصدار تشريع يهدف إلى إعطاء حملة الأسهم مساحة أكبر لتحديد ما يحصل عليه المسؤولون التنفيذيون الكبار. ولكن يتجاوز الإرشاد الرقابي الذي يدرس داخل الاحتياطي الفيدرالي ذلك في نواحي عدة، حيث سيطبق على كافة المصارف في أميركا وليس تلك التي تستفيد من خطط الإنقاذ. وسوف يطبق على مساحة كبيرة من الموظفين بعيدا عن المسؤولين التنفيذيين، بما فيها الأشخاص الذين يمكن أن يهددوا الاستقرار المالي داخل مصرف ما. ولكن، لم يكن واضحا يوم الجمعة ما إذا كان مقترح الاحتياطي الفيدرالي سوف يؤدي إلى تغيرات كبرى في طريقة دفع الرواتب داخل النظام المالي. وأعادت الكثير من المصارف النظر في طريقة دفع الرواتب داخلها للسعي لمنع التجاوزات التي ظهرت خلال الأعوام الأخيرة. وقال مصدر مطلع على خطط الاحتياطي الفيدرالي إن المسؤولين ليسوا في وضع يسمح لهم بتقييم ما إذا كانت التنظيمات سوف تتطلب تعديلات كبرى. وقد كان منتقدو الاحتياطي الفيدرالي يشعرون بالغضب من المقترحات. ويقول النائب جيب هنزارلينغ (الجمهوري عن ولاية تكساس) وعضو في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب: «لا أعتقد أنه لديهم السلطة للقيام بذلك، إنها تبدو صلاحيات مفرطة».

وقال هنزالينغ إن الاحتياطي الفيدرالي كان يقوم ببعض صلاحيات منظم «المخاطر» عن طريق الإشراف على المخاطر التي تطرحها شركات مالية كبرى دون أن يمنحه الكونغرس هذه الصلاحيات. وأضاف: «يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي أخذ خطوة هامة تجاه صلاحيات لم يمنحها الكونغرس له».

ومن المقرر أن يوافق مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي على المقترحات الخاصة بالأسلوب الرقابي الجديد خلال الأسابيع المقبلة وبعد ذلك ستكون هناك فرصة لتعليقات عامة وبعد ذلك تكون الموافقة النهائية. ولكن، يقوم مراقبو البنوك بجمع معلومات عن طريقة دفع الرواتب من المؤسسات التي يشرفون عليها. وقال دانيال تارولو، وهو حاكم بالاحتياطي الفيدرالي، خلال شهادة أمام الكونغرس الشهر الماضي: «لا يجب أن توفر العلاوات وغيرها من التعويضات حوافز للموظفين في أي مستوى للتصرف بطريقة تزيد من المخاطر أمام المؤسسة وأمام النظام المالي في المجمل». وأضاف أنه من المتوقع أن يصدر الاحتياطي الفيدرالي إرشاداته بخصوص الرواتب «في وقت قريب». وقد كتبت «وول ستريت جورنال» عن هذه الإرشادات في طبعات يوم الجمعة. وفي يوم الجمعة، قالت بعض البنوك إن خطة الاحتياطي الفيدرالي تتماشى مع إشارات جاءتهم من منظمي واشنطن وإدارة أوباما خلال العام، ولم يبد أحد معارضة صريحة ولكنهم أعربوا عن تحفظات بخصوص تنفيذ السياسة. ويقول لوكاس فان براغ، وهو متحدث باسم «غولدمان ساكس»: «نرى أنه من المناسب في المجمل أن تكون هناك سياسات تعويضات تقلل من الإقبال على المخاطر، ويجب أن يرتبط التعويض بصورة مباشرة بأداء الشركة ويجب أن يحصل الموظفون الكبار على النسبة الأكبر من أي علاوة في صورة أسهم».وسيكون على «المؤسسات المصرفية المعقدة الكبرى»، التي ينظم الاحتياطي الفيدرالي العمل فيها، تقديم معلومات عن طريقة دفع الرواتب داخلها للمراقبين، الذين قد يطلبون بعد ذلك إجراء تعديلات. وتضم هذه المؤسسات كيانات كبرى مثل «سيتي غروب» و«جي بي مورغان تشيس» و«غولدمان ساكس». ولن تدرج الآلاف من البنوك الأصغر التي ينظم عملها الاحتياطي الفيدرالي في هذه العملية لأنه من المتوقع أن المشرفين عليها يقومون بمراقبة طريقة دفع الرواتب في إطار عملية الرقابة الكلية لضمان الأمان والسلامة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»