«أمازون» قد يتحول إلى ملك تجارة التجزئة الإلكترونية

تمكن من جذب عملاء «إي باي».. وبائعو الكتب قلقون من الاندثار

تحولت أمازون في أذهان الناس من متجر الكتب إلى بائع تجزئة عام على الشبكة الإليكترونية (أ.ف.ب)
TT

يمكن للموظفين العاملين في مبنى توزيع تابع لموقع «أمازون» Amazon.com سماع صوت تيري جونز، على الرغم من الطنين الصادر من 102 جهاز تكييف وصوت العربات الكهربائية التي تعمل داخل المبنى، الذي يقع على مساحة 605 آلاف قدم مربع في الجانب الغربي من مدينة فينكس. وخلال ظهيرة أحد أيام فصل الصيف، أمسك جونز بعربة ثم دفعها ومضى بها عبر ممرات ممتلئة وصرخ قائلا: «العربة قادمة. انتبه من فضلك!». ويقول جونز إنه يريد أن يجعل وقته في أمازون «ممتعا ومسليا» مع الالتزام فيه بقواعد الأمان الصارمة التي تفرضها الشركة. ولكن، ربما تكون صيحاته تلك بمثابة إنذار من شركة أمازون إلى سوق التجزئة، تدعو من خلالها الشركة الشركات الأخرى إلى التنحي جانبا.

وبعد مرور خمسة عشر عاما على تأسيس جيفري بيزوز لشركة «أمازون» بهدف بيع الكتب على الشبكة الإليكترونية، توشك الشركة على الدخول في مرحلة جيدة. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإنه خلال نهاية العام الحالي سوف تتجاوز السلع التجارية الأخرى مبيعات الشركة من الكتب والأفلام وهي أولى المنتجات التي بدأ بها موقع «أمازون». وقد بدأ هذا التحول يظهر في نشاط الشركة داخل أميركا الشمالية. وبصيغة أخرى، فإنه خلال العصر الرقمي يتحول موقع «أمازون» إلى مخزن عام عالمي. وإلى جانب الكتب والأسطوانات وشرائط دي في دي توجد الحفاضات ولوغوهات ومثاقب كهربية، وتروس التبديل في السيارات. ويقول سكوت يونغو، المسؤول التنفيذي الرئيسي في شركة «تشانل أدفيزر» التي يدعمها «إي باي» ««ebay وتساعد متاجر مثل «وول مارت» و«جي سي بيني» على البيع عبر الشبكة الإليكترونية: «تحولت أمازون في أذهان الناس من متجر الكتب إلى بائع تجزئة عام على الشبكة الإليكترونية وهذا شيء عظيم».

ويتوقع السيد وينغو أن تنمو التجارة الإليكترونية لتصل إلى نسبة 15 في المائة من مجمل تجارة التجزئة خلال العقد المقبل، مقارنة بنسبة تبلغ نحو 7 في المائة خلال الوقت الحالي. ويقول: «إذا زاد موقع أمازون من حصته السوقية خلال هذه الفترة، وبأمانة لا أرى شيئا يمنع ذلك، سيكون ذلك مروعا».

وفي الواقع، تنمو حصة أمازون السوقية منذ عام 2006، وتمكنت من جذب عملاء لـ«إي باي» على وجه الخصوص. ولكن يهز التقدم الذي يحرزه الموقع عالم تجارة التجزئة برمته. وتقوم كيانات كبرى مثل «وول مارت» باستنساخ بعض عناصر إستراتيجية أمازون، فيما يشعر تجار التجزئة المستقلون الصغار المتخصصون في تجارة البضائع الرياضية والحلي بالقلق ويخشون من أن يصبح مصيرهم مثل مصير محلات الكتب الصغيرة. وقد ساعدت إستراتيجية أمازون الشركة على الازدهار خلال فترة الركود، حتى عندما أصاب الركود تجارة الكتب والفيديو. وخلال العام الماضي، اشترى المرتادون عددا أقل من الكتب والأسطوانات المدمجة وشرائط «دي في دي» وكانوا يفضلون في الكثير من الأحيان التحميل الرقمي الأرخص من ناحية التكلفة. وخلال الربع الذي انتهى في يونيو (حزيران)، على سبيل المثال، ارتفعت مبيعات المنتجات الإعلامية على أمازون في مختلف أنحاء العالم بنسبة 1 في المائة فقط لتصل إلى 2.4 مليار دولار وعزز من ذلك التراجع في ألعاب الفيديو. ولكن، خلال الربع نفسه ارتفعت مبيعات المنتجات الأخرى، التي تجمعها الشركة سويا في ميزانيتها وتوصف بـ«بالسلع العامة والكهربية» بنسبة 35 في المائة لتصل إلى 2.07 مليار دولار. ويظهر في الوقت الحالي طموح شديد لتحقيق المزيد من المبيعات في كل شيء. وفي يوليو (تموز) وحده عرضت شركة أمازون مراكز على موقعها للسلع الرياضية والسلع اللاسلكية وأجهزة الهاتف الجوال. وبعد ذلك قامت خلال الشهر الحالي بشراء منافس واعد وهو بائع الملابس والأحذية بالتجزئة عبر الشبكة الإليكترونية Zappos.com وذلك خلال عملية تبادل أسهم تصل قيمتها حاليا أكثر من 930 مليون دولار. وبعيدا عن استخدام أسهمها و3.1 مليار دولار نقدا وأوراق مالية يمكن استخدامها في السوق خلال عمليات الاستحواذ، قامت شركة أمازون بتعزيز نموها كشركة تجزئة عامة عن طريق جذب العملاء لشراء تشكيلة أكبر من المنتجات بعرض الشحن المجاني والتوصيل السريع. كما جذبت الشركة عددا متناميا من البائعين الصغار لوضع منتجاتهم على موقع Amazon.com مقابل الاستفادة من نحو 15 في المائة خصم من كل عملية بيع. وتمثل عمليات الطرف الثالث حاليا 30 في المائة من عمليات البيع على الموقع. ولا تزال شركة أمازون مستمرة في توسيع شبكتها التي تضم أكثر من 25 مركزا للتوزيع في مختلف أنحاء العالم حيث إنها متميزة في توصيل المنتجات إلى العملاء في أسرع وقت ممكن. وخلال الأسبوع المقبل سوف تقوم شركة «أمازون» بخطوة جيدة في هذه الإستراتيجية، حيث ستقوم بتوسع نشاطها للعلامات التجارية الخاصة بمجموعة من كابلات الفيديو والصوت التي تحمل علامة أمازون التجارية واسطوانات فارغة. وتقدم شركة «أمازون» بالفعل المئات من أدوات المطبخ والأثاث التي تحمل علاماتها وتستخدم هذه العلاقات الخاصة من الشركات المصنعة لعرض المنتجات بسعر أقل من المنافسين. ويشعر المسؤولون التنفيذيون بشركة أمازون بالتردد إزاء التحول إلى تجارة التجزئة العامة، وينظرون إلى هذا الأمر على أنه شيء محتوم منذ أن أعلنت الشركة عن طموحها عرض أكبر تشكيلة من البضائع قبل طرح أسهمها في السوق عام 1997.

وداخل مراكز الشحن الواسعة التابعة لشركة أمازون، تظهر تقريبا قدرات الشركة المتنامية كشركة تجارة تجزئة عامة. وما يبدو جليا هو أن قواعد التجزئة العادية لا تطبق في هذه الأماكن. وبدلا من تخزين الأشياء المتشابهة مع بعضها بعضا، مثل أجهزة التلفزيون مع الأدوات الكهربائية الأخرى والشامبو مع أدوات الرعاية الشخصية الأخرى، تسود العشوائية في المكان. وفي المخزن، الذي يجوب فيه تيري جونيز بين الممرات وهو يصيح عاليا، توجد أشكال «حرب النجوم» إلى جوار حقائب النوم. وفي مدينة غوديير بولاية أريزونا، وداخل مركز توزيع أكبر يعرف باسم «فينيكس 5» تخزن شركة «أمازون» وتشحن أشياء غير مرتبطة ببعضها وتوجد تلفزيونات سامسونغ 54 بوصة ذات شاشات بلازما إلى جوار حفاضات بامبرز. وتقول أمازون إنها تقوم بتخزين منتجات غير متشابهة بعضا إلى جانب بعض عن عمد لتقليل احتمالية أن يأخذ الموظفون البند الخطأ. ويبدو ذلك غير محتمل: فكل منتج ورف وعربة لرفع البضائع وعربة متحركة وشارة موظف في مراكز الشحن هذه لها شفرة خطية. وينظم كل خطوة داخل المكان برنامج إليكتروني يحسب أكثر الممرات كفاءة لنقل المنتج من الرف إلى منطقة الشحن، ويخبر الموظفين عبر قارئ الشفرة الخطية بالممر الذي يجب المرور عبره. ويقول برت واغنر، وهو مدير بأمازون مختص بأميركا الشمالية: «أحسب عدد العملاء الذين نخدمهم وإذا كانوا هنا حاليا. نحمل الأشياء الثقيلة لهم جميعا بطريقة كفئة».

وتستفيد شركة «أمازون» كثيرا من طرق إدارة المخازن المتقدمة وقدرتها على التفاوض للوصول إلى بنود دفع مفيدة مع البائعين. وتبيع الشركة تلك الكمية الكبيرة من البضائع، ويمكن أن تتوقع بما يطلبه العملاء بدقة كبيرة، وبصورة عامة تقوم ببيع المنتجات خلال 65 يوما قبل أن يكون عليها أن تدفع للموردين مقابلها.

* خدمة «نيويورك تايمز»