احتمال اقتراض هيئة التأمين على الودائع الفيدرالية من المصارف

وسط تأييد المصرفيين وجماعات الضغط الأميركية

شيلا سي. باير رئيسة هيئة التأمين على الودائع الفيدرالية (رويترز)
TT

هل أصابك السأم من الحديث عن تقديم الحكومة إعانات مالية لإنقاذ المصارف؟ إذن، عليك الاستعداد لهذا الحدث الجديد، حيث من المحتمل أن يتقدم المسؤولون قريبا بطلب إلى المصارف بتقديم إعانات مالية لإنقاذ الحكومة. أعلن مسؤولون تنظيميون رفيعو المستوى أنهم يعكفون بجدية على دراسة خطة تقضي بتقديم المصارف الجيدة على مستوى البلاد قروضا تبلغ مليارات الدولارات لإنقاذ صندوق التأمين الموكل بحماية المودعين لدى المصارف.

وتحظى الخطة بتأييد قوي من جانب مصرفيين وأنصارهم من جماعات الضغط، وستشكل تحولا كبيرا في مسار الأحداث. المعروف أن السمة المميزة للأزمة المالية تمثلت في القرار الذي اتخذته إدارات متعاقبة على امتداد العام الماضي بتقديم قروض من أموال دافعي الضرائب بقيمة مليارات الدولارات إلى مصارف ضخمة وأخرى صغيرة. في هذا السياق، علقت كارين شو بترو، الشريك الإداري في «فيدرال فايننشال أناليتيكس»، شركة استشارية، بقولها «يمثل هذا الأمر مفارقة لطيفة. مثلما الحال مع الكثير من جوانب هذه الأزمة، تدور هذه القضية حول الخيارين الأقل سوءا». والملاحظ أن المصرفيين وجماعات الضغط المناصرة لهم تروق لهم الفكرة لكونها أفضل من البدائل الأخرى المتمثلة في إجراء تقييم آخر شامل طارئ لهم، أو اللجوء إلى خط الاعتمادات الراهن البالغة قيمته 100 مليار دولار المرتبط بوزارة الخزانة. ويشير البعض إلى أن «هيئة التأمين على الودائع الفيدرالية» مترددة حيال استخدام سلطتها في الاقتراض من وزارة الخزانة. وطبقا للقانون، فإن «هيئة التأمين على الودائع الفيدرالية» لن تكون بحاجة إلى استصدار تصريح من وزارة الخزانة كي تقترض من خط الاعتمادات لما يصل إلى 100 مليار دولار. لكن يسود اعتقاد بأن مثل هذه الخطوة ستكون كريهة بالنسبة لشيلا سي. باير، رئيسة الهيئة التي تتسم علاقاتها بوزير الخزانة، تيموثي غايتنر، بالتوتر. في هذا الإطار، علق كامدين آر. فاين، رئيس «ذي إندبندنت كميونيتي بانكرز» بقوله «لن تقدم شيلا باير على طلب المساعدة من تيم غايتنر ووزارة الخزانة إلا في أحلك الظروف على الإطلاق. وستعمد إلى اللجوء إلى أي خيارات أخرى قبل الإقدام على ذلك». من جهتهم، يساور المصرفيون القلق من أن تقييما خاصا بقيمة تتراوح بين 5 مليارات و10 مليارات دولار خلال الشهور الستة القادمة من شأنه إعاقة أرباحهم وربما يدفع بحفنة من المصارف باتجاه مشكلات مالية أكبر، بل وربما المصادرة. وسيجري تأويل أي اقتراض جديد من وزارة الخزانة باعتباره حصولا على إعانة من أموال دافعي الضرائب، مما قد يعرض الصناعة لردود أفعال سياسية تسفر عن موجة جديدة من القيود، مثل فرض قيود جديدة على أجور المسؤولين التنفيذيين بالمصارف. وترى وجهة النظر تلك أن أي موجة غضب شعبي يمكن تجنبها حال إقدام الحكومة على الاقتراض من المصارف. على سبيل المثال، أعربت كارين إم. توماس، نائبة الرئيس التنفيذي لشؤون العلاقات الحكومية داخل «إندبندنت كميونيتي بانكرز أوف أميركا»، وهي مجموعة تمثل قرابة 5 آلاف مصرف، عن اعتقادها بأن «الاقتراض من المصارف الجيدة، بدلا من الخزانة، يحمل ميزة الإبقاء على الأمر داخل نطاق الصناعة. ويعد هذا الإجراء أفضل بكثير من وجهة النظر العامة عن اقتراض الهيئة من جهة أخرى». ويرى المسؤولون أنه في نهاية الأمر من الممكن أن تستقر هيئة التأمين على الودائع على خطة لإعادة جمع رؤوس أموال للهيئة من خلال القيام بالأمرين: الاقتراض من المصارف الجيدة لتعزيز احتياجاتها من السيولة على المدى القصير، وفرض رسوم خاصة على المصارف بهدف زيادة مستوى رأس المال لدى الهيئة على المدى الطويل. وجدير بالذكر أنه منذ يناير (كانون الثاني) سيطرت «هيئة التأمين على الودائع الفيدرالية» على 94 مصرفا منهارا، مما تسبب في انحسار سريع في أموال التأمين على الودائع. ورغم التقييم الخاص الذي فرض على المصارف منذ بضعة شهور للإبقاء على الهيئة في وضع جيد، فإن ميزان النقد لديها يقف حاليا عند حوالي 10 مليارات دولار، وهو ما يعادل ثلث حجمه عند بداية العام. (جرت تنحية 32 مليار دولار أخرى جانبا للتعامل مع الإخفاقات التي يتوقع المسؤولون وقوعها خلال الشهور القادمة). الملاحظ أن الهيئة، التي تقف خلف ودائع مؤمنة تصل قيمتها إلى 4.8 تريليون دولار، من الممكن أن يقضى عليها تماما جراء انهيار مصرف ضخم واحد، رغم أن «هيئة التأمين على الودائع» بمقدورها دوما السعي للحصول على إعانة من أموال دافعي الضرائب من وزارة الخزانة كي تبقى قائمة. وأعلن مسؤولون أن «هيئة التأمين على الودائع الفيدرالية» ستصدر خطة مقترحة الأسبوع القادم للشروع في استعادة القوة المالية للهيئة المتداعية. جدير بالذكر أنه لا يوجد إجماع بين أعضاء مجلس الإدارة الخمسة، المتمثلين في باير واثنين آخرين من مسؤولي الهيئة ورئيسي مكتبي الإشراف الاقتصادي والرقابة على العملة. وربما يقترح آخرون طرقا جديدة لإعادة جمع رؤوس أموال الهيئة، على سبيل المثال، عبر مطالبة المصارف بسداد رسوم إضافية كان من المقرر أن تسددها العام القادم. يذكر أن الاقتراض من الصناعة مسموح به طبقا لبند غامض ورد بقانون صدر عام 1991 أثناء أزمة المدخرات والقروض. وتبعا للنظام الحالي، تحصل المصارف المقرضة سندات من الحكومة بمعدل فائدة يحدده وزير الخزانة وسيتم سداده في نهاية الأمر من جانب باقي الصناعة. ويجري تسجيل السندات كأصول في سجلات المصارف.

* خدمة «نيويورك تايمز»