براون يدعو إلى جعل قمة العشرين بمثابة حكومة اقتصادية عالمية

أميركا تضغط من أجل نظام اقتصادي عالمي جديد

TT

تدعو الولايات المتحدة قادة العالم لبدء محاولة جديدة في نوفمبر (تشرين الثاني) لإعادة التوازن للاقتصاد العالمي غير أن ثمة شكوكا بشأن إذعان الحكومات الوطنية لنصيحة خارجية.

وذكرت وثيقة تحدد موقف الولايات المتحدة قبل اجتماع مجموعة العشرين الذي يبدأ غدا ويستمر لمدة يومين في بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الأميركية، أنه ينبغي على الدول المصدرة ومن بينها الصين وألمانيا واليابان زيادة استهلاكها بينما ينبغي على الدول المدينة مثل الولايات المتحدة أن تعزز مدخراتها.

وتضيف الوثيقة التي حصلت عليها «رويترز»: «سيواجه العالم نموا ضعيفا إذا لم يضاهِ التعديلات في جزء من الاقتصاد العالمي بتعديلات في أجزاء أخرى».

وتوقع إطار العمل الذي صاغه واضعو السياسات في الولايات المتحدة أن يقوم صندوق النقد الدولي بتحليل السياسات الاقتصادية لأعضاء مجموعة العشرين لتحديد ما إذا كانت تتفق مع نمو أكثر توازنا.

وتتصور الولايات المتحدة أن يلعب صندوق النقد دورا مركزيا في عملية «التقييم المتبادل» من خلال تقديم توصيات بشأن السياسات لمجموعة العشرين كل ستة أشهر.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية من دول مجموعة العشرين يومي السابع والثامن من نوفمبر في اسكوتلندا.

وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه إن إقناع أوروبا والولايات المتحدة والصين بقبول نصيحة صندوق النقد بشأن السياسة الاقتصادية قد يكون صعبا. وفي السابق تجاهلت الكثير من الدول اقتراحات الصندوق التي تقدم في مراجعات دورية.

وكتب تريشيه في صحيفة «لوموند» الفرنسية أن مجموعة العشرين أحرزت تقدما بشأن الإصلاحات اللازمة لجعل النظام المالي أكثر استقرارا بعد الأزمة.

وأضاف: «لا يزال أصعب سؤال هو: هل أوروبا وأميركا والصين على استعداد لتعديل سياسات الاقتصاد الكلي في المستقبل، باتباع نصيحة صندوق النقد الدولي وتحت ضغط من النظراء من أجل المصلحة العامة والاستقرار الاقتصادي العالمي؟».

وقالت مصادر في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى إن هناك إصرارا متجددا على التعاون لأن الأزمة كشفت عن الطبيعة المتشابكة للنظام العالمي ورغم ذلك لن تسمح الحكومات بأن يملي عليها ما ينبغي عمله.

وقال مصدر طلب عدم نشر اسمه: «لا يمكن أن نصل إلى وضع تتخلى فيه الدولة عن حقها في اتخاذ القرار».

وتابعت الوثيقة أن قادة مجموعة العشرين سيحافظون على وتيرة برامج التحفيز مع الاعتراف بضرورة إنهائها في وقت ما.

ومع الوضع في الاعتبار أن التعجيل برفع أسعار الفائدة بشكل غير منظم قد يضر بالأسواق العالمية مجددا سيطلب القادة من وزراء المالية وضع استراتيجية لإنهاء برامج التحفيز تتسم بالشفافية والمصداقية.

ولم تتضمن الوثيقة تفاصيل عن كيفية تنفيذ ذلك في الممارسة العملية غير أنها كررت نفس الموقف الحذر الذي أبداه وزراء المالية في اجتماعهم في لندن في وقت سابق من هذا الشهر واعترافهم بأن وتيرة التغير ستختلف من دول إلى أخرى. وفي أوتاوا اعتبر مسؤولون كنديون كبار أن على دول مجموعة العشرين أن تواصل تدابير إنعاش الاقتصاد العالمي إلى أن يستعيد القطاع الخاص عافيته، داعية في الوقت نفسه إلى البحث في «استراتيجية للخروج» من الأزمة خلال قمة بيتسبرغ هذا الأسبوع.

وقال ديمتري سوداس المتحدث باسم رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر «من المهم أن يبدأ قادة مجموعة العشرين البحث في استراتيجية للخروج» من الأزمة الاقتصادية.

لكنه أضاف أن «الأمر الأساسي هو إنجاز العمل مع التثبت من أن تدابير الإنعاش (الاقتصادي) تؤثر على الاقتصادات». وأضاف: «على الرغم من إبداء الاقتصادي العالمي بعض بوادر التعافي، فإن هذا التعافي لا يزال هشا».

واعتبر أن «على كندا والدول الأخرى في مجموعة العشرين أن تبقى على التزامها بشأن إجراءات الإنعاش (الاقتصادي) والحفاظ على حرية التجارة ومكافحة الحمائية».

وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن أوتاوا تواصل ضخ الأموال في اقتصادها حتى نهاية مارس (آذار). وقال المتحدث إن «هذه المهمة ستنتهي حين نرى انتعاشا ملموسا، نموا في الاقتصاد لأكثر من فصل، وأخيرا خلق وظائف».

من جهته قال مسؤول كبير في الحكومة الكندية طلب عدم كشف اسمه: «من المهم للغاية احترام التزاماتنا والاستمرار في إنعاش الاقتصاد إلى أن يثبت بشكل مؤكد انتعاش القطاع الخاص. ولم نصل بعدُ إلى هذا الحد».

وفي برلين دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إلى جعل قمة مجموعة العشرين بمثابة حكومة اقتصادية عالمية.

وذكر براون في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية إنه يتعين على المجموعة التي تضم أهم 20 دولة صناعية وصاعدة في العالم أن تجتمع بشكل دوري للتشاور حول استراتيجيات النمو الاقتصادي، بهدف تحسين نظام التحذير المبكر والسيطرة على الأزمات.

وقال براون: «مجموعة العشرين أنقذت العالم من انهيار النظام المالي، إنها فرصة للتعاون على المدى الطويل».

وأضاف براون أنه يتعين على القادة السياسيين الاجتماع بصفة دورية والتشاور حول ما يمكن أن تفعله كل دولة لتحقيق نمو اقتصادي عالمي دائم.

ورأى براون أن أول خطوة قد تمت بالفعل، إلا أن دول مجموعة العشرين لا يتعاونون بشكل مكثف بالقدر الكافي، موضحا أنه يدور في مخيلته «طريق جديد» يتم فيه «حكم الاقتصاد العالمي على المستوى الدولي».

وأكد براون أن مجموعة العشرين لن تستطيع التوصل إلى حل لرواتب المديرين دون الملاذ الضريبي والرقابة على القطاع المصرفي إلا من خلال التعاون، معربا في الوقت نفسه عن توقعه أن يتم التوصل إلى اتفاق في بيتسبرغ لحل كل المشكلات بشكل مشترك، وقال: «المشكلات العالمية تتطلب حلولا وإجراءات عالمية».