المجر لا تزال في النفق المظلم.. لكن في طريقها للاستقرار

انكماش الاقتصاد بنسبة 6.7%

مجري يتابع اسعار العملة المحلية التي انخفضت بسبب الازمة الاقتصادية (رويترز)
TT

أنقذت حكومة الأقلية في المجر البلاد من الانهيار المالي واستعادت بعض ثقة المستثمرين، إلا أنها تواجه هزيمة شبه مؤكدة في الانتخابات العام المقبل.

وحققت حكومة التكنوقراط التي يتزعمها رئيس الوزراء، غوردن بايناي، التي تحكم المجر منذ أبريل (نيسان) بدعم من الاشتراكيين، استقرارا في مجال المال العام الذي يخضع لمراقبة شديدة من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي الذي منح المجر 25.1 مليار دولار في شكل منح طارئة في أكتوبر (تشرين الأول).

وفي الوقت الذي تنفذ فيه السياسات وقرارات خفض الإنفاق المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي وفق الخطة حتى الآن فإن العام المقبل سيجلب حالة من الريبة بشأن مخاطر تتعلق بالميزانية وانتخابات من المتوقع أن تنقل السلطة لحكومة جديدة يشكلها حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، وهو تحالف الديمقراطيين الشبان «فيدس».

ولا يعرف الكثير عن خطط «فيدس» للسياسة الاقتصادية بخلاف معارضته لإصلاح الرعاية الصحية وقرارات تسريح عاملين في القطاع العام، ويريد التحالف خفضا كبيرا للضرائب لتعزيز الاقتصاد الذي يواجه ركودا هو الأسوأ منذ 20 عاما تقريبا.

ويتوقع أن يصدق البرلمان المجري على مشروع ميزانية عام 2010 في نوفمبر (تشرين الثاني) في تصويت ينظر إليه على أنه اختبار مهم لبايناي الذي يحظى بدعم من الاشتراكيين وبعض ممن في تحالف الديمقراطيين الأحرار.

وقال بايناي إنه سيستقيل ما لم توافق أغلبية على الميزانية.

وذكرت مجموعة «أوراسيا»: «سيكون هناك بعض الجلبة والاعتراضات من الناس في الشهور المقبلة، لكننا نتوقع الموافقة على ميزانية 2010 بالأغلبية البرلمانية المطلوبة».

وأضافت في مذكرة أصدرتها حديثا: «يعلم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي أن المجر لم تخرج بعد من النفق المظلم».

وقال محللون إنه إذا تمت الموافقة على الميزانية فإن الحكومة ستبقى على الأرجح حتى الانتخابات المقررة في أبريل، أو مايو (أيار)، لكن لن يكون أمامها مجال لتنفيذ إصلاحات ذات معنى.

ويتوقع أن يصل العجز في ميزانية المجر هذا العام إلى 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين أصغر نسب العجز في الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي، لكن الاقتصاد المجري ينكمش هذا العام بمعدل 6.7 في المائة، وليس من المتوقع أن يتعافى بسرعة.

وتشمل ميزانية العام المقبل، التي تستهدف الوصول بالعجز إلى 3.8 في المائة، مخاطر تتعلق بالدخل والإنفاق. ويتوقع أن يصل الدين العام المجري في 2010 إلى 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء أن الديون الكثيرة المستحقة على المجر تجعلها عرضة لأي تغير سلبي على مستوى العالم، وذلك على الرغم من إصدارها سندات دولية بنجاح في يوليو (تموز)، وابتعادها تدريجيا عن تمويل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي.

والتحدي الرئيسي هو إعادة الاقتصاد المجري إلى مساره لتحقيق النمو في وقت تحتاج الحكومة فيه لخفض الإنفاق، وتتردد فيه البنوك قبل الإقراض، ويتراجع فيه الطلب المحلي.

وقال بنك «باركليز كابيتال»: «تعافي البلاد اقتصاديا سيعوقه تشديد مالي وتقييد مستمر للإقراض المحلي».

وقالت وكالة التصنيف الائتماني (موديز) الأسبوع الماضي إن اقتصادات لاتفيا والمجر وأيسلندا تعيش حالة «استقرار هش»، مضيفة أنه من المبكر للغاية الحديث عن انتعاش اقتصادي.

ويحظى فيدس بدعم ثابت يصل إلى نحو 60 في المائة بين الناخبين في استطلاعات الرأي، ويستعد لانتقال السلطة إليه من الاشتراكيين بعد ثماني سنوات من ابتعاده عنها. وتعهد فيدس بإلغاء أغلب إجراءات «التقشف» التي فرضتها حكومة بايناي.

وذكر فيدس أيضا أنه سيعيد وضع ميزانية 2010، إذا فاز بالانتخابات، حتى تشجع أكثر على النمو. وقال فيكتور أوروبان زعيم فيدس لـ«رويترز» إن التركيز يجب أن يكون على تعزيز النمو ويجب أن تهدف البلاد لعجز أكبر في الميزانية بشكل مؤقت لتحقيق ذلك. وقال محللون إن فيدس الذي حكم المجر بين عامي 1998 و2002، وكان يعتبر آنذاك محافظا من الناحية المالية، لن يكون أمامه فرصة كبيرة للمناورة، لأن المانحين الدوليين والأسواق المالية ستجبر المجر على الحفاظ على النظام المالي.

وذكر محللون في شركة «نومورا»: «بينما لا يكشف فيدس عن الكثير من خططه بعد الانتخابات فإن رؤيتنا لا تزال أنه لن يضغط على عجز الميزانية، بل ستغطي مجموعة من الإجراءات التي تمثل الشعب على إصلاحات بعيدة المدى ومهمة للغاية».