مصر: خبراء يحذرون من تداعيات الاتجاه الحكومي لإلغاء دعم الطاقة

في مسعى للمحافظة على معدلات معتدلة للدين العام

صورة وزعها الصندوق الدولي لمدير الصندوق دومينك ستراوس ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك مع وزير الاقتصاد المصري يوسف بطرس غالي ووزير الاستثمار محمود محيي الدين بعد توقيع اتفاق على استضافة مصر الاجتماع الخارجي للصندوق الدولي في 2012 (أ.ف.ب)
TT

حذر خبراء مصريون من اتجاه الحكومة المصرية نحو إلغاء دعم الطاقة تدريجيا خلال خمس سنوات، بحسب إعلان وزير المالية المصري الدكتور يوسف بطرس غالي. وتستهدف الحكومة المصرية بهذا القرار محاولة الحفاظ على معدلات معتدلة للدين العام، بعد أن وصلت إلى 745 مليار جنيه، وتوقع محمود محيي الدين وزير الاستثمار المصري أن يتراوح عجز الموازنة بين 7 و7.5 في المائة خلال العام المالي الحالي.

وعلى رأس القرارات التي تلجأ لها الحكومة لحل تلك المعضلة محاولة رفع يدها من دعم الطاقة، حيث أظهرت موازنتها عن العام المالي الحالي تقليص حجم الدعم الموجه للمواد البترولية ليبلغ 34.7 في المائة (33.6 مليار جنيه) من إجمالي مخصصات الدعم، مقابل 62.7 مليار جنيه أنفقتها الدولة لدعم أسعار المواد البترولية خلال العام المالي الماضي. وينقسم دعم الطاقة في مصر إلى دعم مقدم للصناعة ودعم مقدم للأفراد، وبحسب خبراء فإن تطبيق القرار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات والسلع المقدمة للمواطنين محدودي الدخل، بالرغم من إعلان غالي استمرار الدعم المقدم لمختلف السلع الغذائية.

وبدأت الحكومة في السير قدما نحو هذا الاتجاه، وذلك بعد أن أعلن عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعة أن الحكومة المصرية قررت زيادة أسعار الغاز للمصانع غير كثيفة الاستخدام للطاقة بـ 26 في المائة اعتبارا من العام القادم، ونفس الزيادة تقريبا لأسعار الكهرباء لنفس المنشآت، وأضاف أن زيادة الأسعار سوف تكون عبر لائحة يصدرها المجلس الأعلى للطاقة في ديسمبر المقبل بناءً على دراسة من قبل لجنة لتسعير الطاقة في القطاع الصناعي، وتتكون تلك اللجنة من عدد من الوزراء مثل الاستثمار والبترول والمالية. وحذر الدكتور مصطفى زكي الخبير الاقتصادي من أن إلغاء دعم الطاقة سينذر بكارثة، إذا لم تراعِ الدولة «ضمان البعد الاجتماعي»، خاصة لمحدودي الدخل وهم أكبر المتضررين من إلغاء الدعم، خاصة أن أغلب الفئات المستحقة لهذا الدعم لا تستفيد منه. وأضاف زكي: «هناك غياب لرؤية وخطة واضحة لوصول الدعم لمستحقيه بعد إلغاء دعم الطاقة، خاصة أن إلغاء هذا الدعم سيؤثر بشكل كبير على أسعار كل المنتجات والخدمات».

وبحسب زكي، فإنه لا يوجد حصر حتى الآن بعدد الفقراء في مصر، ونسبة دخولهم وحد الكفاية. وقللت ريهام الدسوقي المحللة الاقتصادية ببنك الاستثمار بلتون فينانشيال من احتمالات تأثير إلغاء دعم الطاقة سلبيا على نشاط الشركات المصرية، وقالت: «لو تم فجأة الإلغاء، فإن ذلك سيؤثر بدون شك على الشركات، ولكن الإلغاء التدريجي للدعم، سيوفر الوقت للشركات لبحث سبل التعامل معه». وأضافت الدسوقي أن إلغاء الدعم سيؤثر بدون شك على ربحية الشركات، وخاصة كثيفة الاستخدام للطاقة منها، ولكن هذا التأثير لن يكون كبيرا على حد قولها، معللة ذلك بأن الجزء الأكبر من دعم الطاقة تم إلغاؤه.

وبالرغم من أن مصر ستفقد ميزة تنافسية جاذبة للاستثمارات الخارجية التي تسعى الحكومة إلى زيادتها، وتعول عليها لرفع معدلات النمو، إلا أن ريهام ترى العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تعوض تلك الميزة، منها الوضع الاقتصادي والسياسي المستقر، والتكلفة القليلة نسبيا للعمالة، والاتفاقيات المتعددة التي تتيح فرص تصديريه أكبر.

وتتوقع الدسوقي أن يؤدي إلغاء الدعم إلى ارتفاع مستويات التضخم، مضيفة: «نظريا سترتفع معدلات التضخم، ولكنه يصعب التنبؤ بمعدل هذا الارتفاع».

وعللت صعوبة تنبؤها، بعدم قدرة تحديدها للاستراتيجية التي سيتبعها التجار بعد هذا، وقالت: «قد يستغل التجار هذا في رفع أسعار المنتجات بشكل كبير، ولكنهم قد يتخوفون من تراجع معدل الطلب على تلك المنتجات».