«تيليكوم جنيف».. قطاع الاتصالات يتجاوز تداعيات الأزمة العالمية

الصناعة تواكب إستراتيجية النمو الأخضر.. ومنظمة تعرض تجربة تقنية للعناية بصحة أطفال أفريقيا

الهاتف الجوال الذي يعمل بالطاقة الشمسية وكشف عنه الجناح الياباني في معرض «باليكسبو جنيف 2009» (تصوير: أوليفيي بوندو)
TT

عكس مؤتمر «تيليكوم» الدولي في جنيف، الذي اختتم أعماله أمس، مدى تصدي قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات العالمي، لآثار الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت العالم خلال الفترة الماضية.

وجاءت مؤشرات ذلك التصدي من خلال الأعمال والخدمات الجديدة التي طرحتها الجهات المشاركة في معرض «باليكسبو جنيف»، إضافة إلى تأكيدات خبراء ومسؤولين في قطاع الاتصالات على استمرار الطلب على صناعة الاتصالات حول العالم.

وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن وجود مفاوضات بين شركات الاتصالات المشاركة لتبادل المنافع والخدمات فيما بينهم الاستفادة من كافة التجارب والتطبيقات حول ما يستجد على سطح صناعة الاتصالات، مشيرة إلى أن تلك المنافع تكمن في تطوير خدمات للمستهلكين وضمان الارتقاء بها في مختلف مجالات الاتصالات وتقنية المعلومات.

وبالتوازي مع ذلك نجح قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في أن يثبت قدرته على مواكبة التوجه العالمي نحو استراتيجية النمو الأخضر، الذي دعا إليه أمين عام الأمم المتحدة وقيادات عالمية أخرى في المؤتمر.

وجاء ذلك من خلال عروض تقنية في معرض باليسكبو جنيف، على مدى 5 أيام، في صورة عكست للجميع مدى التطور الكبير في صناعة الاتصالات واعتمادها لأدوات جديدة تقلل من استخدام الطاقة، ومحاولة الاعتماد بشكل أكبر على المصادر الطبيعية، وإيجاد أجهزة اتصالات متنوعة تكون صديقة للبيئة.

وكان لمنظمة الصحة العالمية حضور بارز، من خلال جناحها الذي ضم 11 جهة مشاركة من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي عرضت تجاربها التقنية في تقديم الخدمات الإنسانية والصحية للعالم، وكان جل تركيز أنشطة جناح المنظمة يرتكز على أهمية التوجه لإنشاء جيل جديد من وسائل الاتصالات يعتمد على أدوات صديقة للبيئة وغير ضارة بصحة الإنسان.

وعرضت جمعية «برزنت» أحد الجهات المشاركة في معرض منظمة الصحة العالمية تجربة ناجحة لأحد برامجها التي تقوم على تحميل برنامج خاص يعنى بصحة الأطفال، حيث يتم من خلاله إدخال وزن الطفل بشكل أسبوعي، وإرسالها إلى بريد طبيب مختص يقوم بمتابعة نمو الطفل، وإعطاء أي ملاحظات تشهدها حالة الطفل.

آن روز ويل، مديرة الجمعية، أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الطريقة تم اعتمادها في العاصمة المالية باماكو، حيث إن هناك الكثير من الأطفال ممن يحتاجون للعناية المستمرة. وتقوم إحدى المنسوبات للجمعية بزيارة المنازل لأخذ أوزان الأطفال ومن ثم وضعها في برنامج تم تزويده بجهازها الجوال، لترسلها بعد ذلك إلى الطبيب الذي يحتوي جهازه على ملف خاصة بكل طفل، مشيرة إلى أن تكلفة هذه الخدمة تبلغ نحو دولار واحد تدفعها كل عائلة.

وأضافت أن جمعيتها بصدد تطوير هذه الخدمة حيث ستشمل في القريب العاجل السيدات الحوامل اللاتي يعشن في الدول الفقيرة وتنقصهن الرعاية الكاملة، مشيرة في الوقت ذاته إلى توجه نشر تجربة متابعة صحة الأطفال بالجوال في شرق مالي.

إلى ذلك استطاعت الشركات اليابانية والصينية على حد سواء في أن تجذب أنظار زوار المعرض، الذين أقبلوا بشكل متواصل لأخذ أكبر قدر من المعلومات عن أجهزة اتصالات جديدة، تم تطوير أنظمتها السلكية واللاسلكية، لتوفر خدمات وتسهيلات أكثر، تعتمد في الوقت نفسه على حلول وأنظمة مبتكرة تضمن استهلاكا أقل للطاقة، إضافة الأشكال العصرية والمبتكرة التي خرجت بها تلك الأجهزة. ومن ضمن تلك الأجهزة التي كشف النقاب عنها خلال معرض باليكسبو جنيف، وشدت الأنظار إليها، أجهزة جوال تستمد طاقتها من أشعة الشمس، وأجهزة مصنعة من الخشب، وأنظمة متقدمة أخرى يتم تزويد أجهزة الجوال بها للتحكم الإلكتروني بأجهزة المنزل، تراسل البيانات بين عدة جهات، وأجهزة استشعار للأجواء خارج المباني يتم برمجتها على أجهزة الحاسب والجوالات، إلى جانب بعض الأنظمة الأمنية المبتكرة التي تعتمد على قراءة بصمة اليد لضمان عدم استخدام الأجهزة الشخصية من قبل آخرين.

وذكر عارض ياباني، لـ«الشرق الأوسط» أن أحد أجهزة الجوال المعروضة في جناح شركته، حقق نسبة إقبال عالية من قبل زوار المعرض، وذلك لاعتماده على تقنية استقبال أشعة الشمس وتحويلها لطاقة، بجانب عدم تأثره بالماء حال سقوطه، مشيرا إلى أن هذا الجهاز الذي يسمى بـ«سولار هايبريد» يعد جديدا لم يمض على تصنيعه سوى شهرين، إلا أنه لا يباع إلا في اليابان فقط.

وزاد أن نظام شحن الطاقة في جهاز سولار هايبريد، يقوم على تسليط أشعة الشمس على الشاشة الخارجية للجهاز، الأمر الذي يضمن استقبال الأشعة وتحويلها إلى طاقة، حيث إن كل 10 دقائق شحن من أشعة الشمس يقابلها تضمن مكالمة هاتفية مدتها دقيقة واحدة، أو 3 ساعات يكون الجهاز خلالها في وضع التشغيل دون مكالمات.

العارض الياباني أوضح بأن هناك أجهزة مستقلة لشحن الطاقة من أشعة الشمس وحفظها، ليتم نقلها بعد ذلك إلى أجهزة الجوال المزودة أيضا بشاشات استقبال لأشعة الشمس تكون قابلة للشحن تحت أي ظرف خلال النهار.

من جانب آخر شرحت أحد العارضات الصينيات أثناء زيارة «الشرق الأوسط» للجناح الصيني، طريقة عمل تقنية جديدة تعتمد على أجهزة استشعار يتم برمجتها على الحواسيب داخل المباني أو أجهزة الجوال، وذلك لإرسال إشارات ومعطيات تبين حالة الطقس والمتغيرات المناخية أثناء اليوم، ما يضمن لمستخدم التقنية معرفة ظروف وأحوال المناخ الخارجي قبل خروجه، أو توجهه لأي منطقة يود زيارتها. وكانت خدمات النطاق العريض قد حضت باهتمام بالغ من قبل الزوار والعارضين على حد سواء، حيث إن كثيرا من الجهات المشاركة نظمت بعض الجلسات الخاصة بهذه التقنية، وتعريف الزوار بطرق وآليات استخدام وتطوير مفاهيم البيوت التقنية، وكيفية ضمان سرعات أعلى وسعات نقل وتخزين أكبر من خلال الشبكات النحاسية ووسائط الألياف البصرية.

من جهته أوضح الدكتور عبد الله الرشيد، نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، للبحث العلمي، أن جناح المدينة الذي شارك ضمن جناح السعودية في المعرض استقبل الكثير من رغبات الشركات لإقامة تعاون مشترك في مجال الاستثمار في العلوم والتقنية، مضيفا أن القائمين على الجناح اتخذوا إجراءات من شأنها التواصل مع راغبي إقامة التعاون وتبادل المعلومات ليتم الاتفاق على أوجه التعاون. وبين الرشيد أنه من ضمن المجالات التي يرغب زوار الجناح من الشركات في إجراء التعاون فيها برامج تعميم الإنترنت المجاني على الجامعات، وبرامج قواعد المعلومات العربية والأجنبية، التي تقدم للباحثين مجانا، ودعم البحث العلمي، إضافة إلى وجود رغبة من بعض الشركات في الاستفادة من برامج حاضنات التقنية والمجالات التطبيقية والتطويرية في قطاع العلوم والتقنية.

من جانبه ذكر زيد المسلم، مدير إدارة الهندسة والتطوير في شركة «التقنيات المتقدمة» أن شركات أفريقية زارت جناح الشركة مبدية رغبتها في إقامة تعاون في مجال تطبيق الحلول المتقدمة في دولها، مثل أنظمة المراقبة والتحكم عن بعد باستخدام شبكة الجوال، مؤكدا أن اهتمام إدارته بالتعاون في هذه المجالات، مشيرا إلى أنهم بدأوا في تبادل المعلومات الأولية لقياس مدى إمكانية إقامة التعاون المشترك، الذي من الممكن أن يشكل خطوة لاحقة بعد نهاية المعرض.