الصمت

علي المزيد

TT

لا نستطيع أن نغفل الزلزال الاقتصادي الذي تركته تداعيات تعثُّر مجموعتَي «سعد» و«القصيبي» في السعودية، وعلاقتها مع البنوك ومدى انكشاف البنوك عليها وإدارة البنوك السعودية للأزمة عبر الصمت عكس البنوك الخليجية التي أدارت الأزمة مع مودعيها وحملة أسهمها عبر الشفافية العالية والوضوح.

ظللت أبحث عن سبب إدارة الأزمة عبر الصمت في السعودية، وتضاربت الآراء، فمِن قائل إن البنوك السعودية ترغب في عدم الإفصاح لخطورة انكشافها لذلك أشاعت أن مؤسسة النقد العربي السعودي منعتها من إيضاح الحقائق، وإن كان الناس عرفوا عن خطورة الموقف من خلال رفع البنوك من حجم الاقتطاعات للديون المشكوك في تحصيلها في ميزانياتها الربعية.

ومن قائل إن مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» فعلا منعت البنوك وفضلت التعامل مع الأزمة عبر سياسة الصمت وإن هذه السياسة أصبحت إرثا بعد أن ثبت نجاحها بتخفيف الأضرار على الرسميين رغم فشل المعالجة لذلك فضلت «ساما» أن تكون في الأزمة تارة وخارجها تارة أخرى عبر التدليل أنها تعرف الأزمة، وتارة عبر قولها إنها ليست طرفا في التسوية التي أشيع حدوثها بين البنوك السعودية والمجموعتين. ما لفت انتباهي هو تصريح إعلامي لعضو مجلس إدارة بنك الرياض عبد الله الحديثي بأن بنك الرياض غير متضرر مما حدث للمجموعتين لعدم انكشافه عليهما, فهل الصمت من البنوك؟ أم من «ساما»؟! في رأيي أن التعامل مع مثل هذه الأحداث بالوضوح اللازم هو الحصانة الحقيقية في عدم حدوثه ثانية.

ونحن نعرف أن عملية الإقراض تحتاج مفاوضات، وقد يحدث بها تنازلات أو مصالح مشتركة بين المقرض والمقترض ومع التعامل بالشفافية والوضوح يخشى المقرض من التفريط في الشروط خشية انكشاف أمره لدى حمَلة الأسهم مما يعني إقالته أو سجنه أو تشويه سمعته وعدم حصول على عمل آخر في بنك آخر. أما الصمت فلا يطفئ النار بل يضعها تحت الرماد. ودمتم.

* كاتب اقتصادي