«الشرق الأوسط» تنشر تفاصيل اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي.. والعملة الموحدة تصدر بسعر صرف ثابت

أبرز بنودها منع الحكومات الخليجية من توجيه تعليمات للبنك المركزي > تحظر على البنوك المركزية إقراض الجهات العامة وشراء أدوات الدين

سيتحتم على الدول المصدقة على اتفاقية الاتحاد النقدي مراجعة قوانينها وأنظمتها الخاصة بالنقد والبنك المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر خليجية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل اتفاقية الاتحاد النقدي لمجلس التعاون الخليجي، والتي تحظر على أجهزة مجلس التعاون والجهات الحكومية توجيه أي تعليمات للبنك المركزي والبنوك المركزية الوطنية، ولأي عضو من أعضاء أجهزتها التنفيذية، وذلك في خطوة لضمان استقلالية البنك المركزي الخليجي.

كما تحظر الاتفاقية في مادتها الحادية والعشرين على البنوك المركزية الوطنية الخليجية إقراض الجهات العامة، على أن تقوم هذه البنوك بتصفية الأرصدة القائمة للقروض الممنوحة لهذه الجهات قبل إصدار العملة الموحدة، كما يحظر عليها القيام بعمليات شراء مباشر لأوراق مالية وغيرها من أدوات الدين التي تصدرها الجهات العامة.

لكن يسمح للبنك المركزي والبنوك الوطنية بشراء هذه الأدوات في السوق الثانوية، وذلك في إطار تنفيذ عمليات السوق المفتوحة، كما يجوز قبولها كضمان.

وفيما لا تزال السعودية هي الدولة الوحيدة التي صادقت على الاتفاقية، التي اعتمدها المجلس الأعلى لمجلس التعاون في قمة مسقط العام الماضي، ينتظر أن تقوم باقي الدول الخليجية الثلاث، الكويت والبحرين وقطر، بالتصديق على الاتفاقية قبيل نهاية العام الجاري، بعد إعلان سلطنة عمان ودولة الإمارات انسحابهما من العملة الموحدة في وقت سابق.

وتنتظر الاتفاقية موافقة البرلمان البحريني قبل خروجها بمرسوم من قبل ملك البحرين، فيما وافقت لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس الأمة الكويتي الشهر الماضي على اتفاقية الاتحاد النقدي، أما قطر فقد أقر مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي قرارا بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصديق على اتفاقية الاتحاد النقدي».

وتشكل هذه الاتفاقية تطبيقا للفصل الثالث من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول المجلس التعاوني، الذي صادقت عليه دول المجلس جميعا، والذي نص على إقامة اتحاد نقدي واقتصادي بين دول المجلس، وفق جدول زمني محدد. وبحسب الاتفاقية، التي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، فإنها تدخل حيز التنفيذ بعد التصديق عليها من الدول الأعضاء، وتفرض عليها اتخاذ جميع التدابير والإجراءات لضمان انسجام تشريعاتها الوطنية بما فيها الأنظمة الأساسية لبنوكها المركزية مع أحكام الاتفاقية، وتلتزم هذه البنوك بما يصدره البنك المركزي من تعليمات في المسائل المتعلقة باختصاصات البنك المركزي.

وتشير المادة التاسعة عشرة من الاتفاقية إلى أن البنك المركزي، الذي سيكون مقره العاصمة السعودية الرياض، يمثل منطقة العملة الموحدة في منظمات ومنتديات التعاون المالي والنقدي الدولية عند بحثها لمواضيع تتعلق بالسياسة النقدية وسياسة سعر الصرف أو غيرها من المواضيع ذات الصلة بمهام البنك المركزي.

وللبنك المركزي فرض جزاءات مالية وتحميلها على حسابات البنوك المركزية الوطنية لدى البنك المركزي في حالة مخالفة هذه البنوك الالتزامات المترتبة عليها، بموجب ما يصدر من قرارات أو تعليمات عن البنك المركزي، على أن يحدد البنك بقرار منه هذه المخالفات والجزاءات المترتبة على كل مخالفة.

وسيتحتم على الدول المصدقة على اتفاقية الاتحاد النقدي مراجعة قوانينها وأنظمتها الخاصة بالنقد والبنك المركزي ومهامه وصلاحياته، ومطابقتها مع أحكام اتفاقية الاتحاد النقدي، وذلك لتفادي أي تضاربات مستقبلية قبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.

وفي الفصل الثاني من الاتفاقية، الخاص بإنشاء المجلس النقدي، والذي ينشأ ويمارس مهامه إلى حين قيام البنك المركزي، الذي سيحل بصفة تلقائية محل المجلس النقدي، تقول المادة السادسة إن من أبرز مهام المجلس النقدي الإعداد لإصدار أوراق النقد والمسكوكات المعدنية للعملة الموحدة، والعمل على وضع وتطوير إطار عمل لإصدارها وتداولها في منطقة العملة الواحدة، ويعنى بها هنا الدول الأربع التي تشملها العملة. وتتألف عضوية مجلس إدارة المجلس النقدي من محافظي البنوك المركزية الوطنية، على أن يختار مجلس الإدارة من بين أعضائه رئيسا ونائبا للرئيس لمدة سنة واحدة فقط، ويعقد مجلس الإدارة ستة اجتماعات في السنة على الأقل.

وفيما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات، فإن القرارات تصدر بإجماع الحاضرين في المسائل الموضوعية، وبالأغلبية المطلقة في المسائل الإجرائية. وتسهم البنوك المركزية الوطنية في نفقات تأسيس المجلس النقدي، وميزانيته السنوية، بالتساوي، ويحدد مجلس الإدارة الجدول الزمني لسداد الحصص وعملة السداد. ووفقا للاتفاقية في مادتها التاسعة، فإن المجلس النقدي يحدد مسمى العملة الموحدة وتقسيماتها وفئاتها ومواصفاتها وعلاماتها الأمنية وسعر صرفها مقابل العملات الأجنبية. وخلال السنوات القليلة الماضية، راجت الكثير من الأسماء التي قيل إن العملة الخليجية ستسمى بها، إلا أن المسؤولين الخليجيين دائما ما يؤكدون أنه لم يقر أي اسم حتى الآن، وهو ما تشير إليه الاتفاقية بوضوح، وأن ذلك من مهام المجلس النقدي، الذي لم يؤسس حتى الآن.

وتشير المادة العاشرة إلى أن القيم التبادلية لعملات الدول الأعضاء مقابل العملة الموحدة، تحدد قبل إصدارها بأسعار صرف ثابتة غير قابلة للإلغاء، على أن تبدأ العملة الموحدة كوحدة حسابية، وذلك طبقا للقرارات الصادرة عن المجلس النقدي، على أن تكون أوراق النقد والمسكوكات المعدنية الصادرة عن البنك المركزي هي العملة القانونية الوحيدة في منطقة العملة الموحدة (المادة 11)، ويجوز أن تظل أوراق النقد والمسكوكات المعدنية الصادرة في الدول الأعضاء عملة قانونية لها قوة إبراء في حدود إقليمها بعد إصدار العملة الموحدة، لفترة تحدد من قبل البنك المركزي، وذلك لأغراض استبدال عملات الدول الأعضاء بالعملة الموحدة.

ويتمثل الهدف الأساسي من إنشاء البنك المركزي، كما تقول المادة الرابعة عشرة، في «تحقيق استقرار الأسعار في منطقة العملة الموحدة في إطار التوظيف الأمثل للموارد الاقتصادية، بما يحقق الاستقرار الاقتصادي»، وتتضمن مهام البنك المركزي رسم وتنفيذ السياسة النقدية للعملة الموحدة بما فيها سعر صرفها، وضمان التطبيق المتوافق لها في منطقة العملة الموحدة من خلال البنوك المركزية الوطنية. كما يأتي من مهام البنك المركزي إدارة الاحتياطيات من النقد الأجنبي العائدة للعملة الموحدة، وإصدار أوراق النقد والمسكوكات المعدنية بفئات العملة الموحدة، وتعزيز التشغيل الفعال للبنية الأساسية لنظم المدفوعات المالية، ونظم تسويتها ضمن منطقة العملة الموحدة، كما سيكون وضع قواعد عامة للرقابة الوقائية على المؤسسات المالية من أبرز مهام البنك المركزي.

ويجب الإشارة هنا إلى أن دول الكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين وقطر تحرز تقدما كبيرا لجهة الاتحاد النقدي والعملة الموحدة على الرغم من أن دولتي الإمارات وعمان قررتا الانسحاب من المشروع، الذي أجل أكثر من مرة.