مدير عام هيئة أبوظبي: استعنا بخبرة دبي في مجال السياحة

مبارك المهيري قال لـ الشرق الاوسط إن أبو ظبي ترى الـ«فورمولا 1» وبطولة كأس العالم للأندية فرصة لتعزيز الثقة وجذب الاستثمارات

صورة أرشيفية لمبارك المهيري مدير عام «هيئة أبوظبي للسياحة» يطلع فيها الملكة رانيا العبد الله على مشروع جزيرة السعديات التي ستضم متحف اللوفر ومتحف غوغنهايم والمتحف البحري ومركز الفنون (رويترز)
TT

ظهرت الإمارات في العقد الأخير على خريطة السياحة العالمية كإحدى المحطات المهمة في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية ألقت بظلالها على دبي المدينة السياحية الأكثر انتشارا في دولة الإمارات، غير أن الأزمة نفسها لم تقف عائقا في طريق تقدم الاستثمارات الخاصة والحكومية في العاصمة أبو ظبي.

ويقول مبارك المهيري، مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن القطاع السياحي في أبوظبي تسوده حاليا أجواء من التفاؤل إزاء الفرص التي تنطوي عليها الأشهر الأربعة المقبلة والعام القادم، فالحدث الأهم بالنسبة لأبوظبي اليوم هو استضافة سباق جائزة طيران الاتحاد الكبرى للـ«فورمولا واحد» خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبطولة كأس العالم للأندية في الإمارات 2009 التي من المنتظر أن تنطلق في ديسمبر (كانون الأول) القادم، وهذه المشاريع من شأنها تعزيز مستويات الثقة وجذب الاستثمارات الأخرى.

وأضاف المهيري أن أبوظبي تسعى إلى تعزيز نقاط القوة التي يتمتع بها القطاع السياحي للارتقاء به إلى مستوى التحديات التي قد تواجهه جراء الأزمة المالية العالمية.

وبالحديث عن التحضير للـ«فورمولا 1»، يقول المهيري إن أبو ظبي تعول كثيرا على تلك الفعالية لأنها سنوية ومن شأنها استقطاب الإعلام المحلي والعالمي، وستتم الاستفادة من وجود الحلبة لاستعمالها في فعاليات ومناسبات كبرى أخرى، فهي محاطة بسبعة فنادق من جميع الفئات ستكون كلها جاهزة لموعد انطلاق السباق الأول وتشرف عليها شركة الدار العقارية، وسيتم افتتاح الفنادق أولا على أن يليها افتتاح المحلات التجارية لاحقا.

وكان استطلاع «هيئة أبوظبي للسياحة»، الذي استند إلى مؤشر الثقة الذي تعتمده منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، قد استقصى آراء 120 من أصحاب المصلحة المحليين، بمن فيهم مزودو المرافق السكنية ومنظمو الرحلات السياحية. وقد سجل القطاع السياحي في أبوظبي مستوى بلغ 96 نقطة بزيادة قدرها 39 نقطة عن مؤشر منظمة السياحة العالمية للقطاع السياحي في العالم خلال شهري يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) من العام الحالي.

وأشار الاستطلاع إلى الفرص التي تنطوي عليها الفعاليات والمعارض المزمع عقدها خلال الأشهر الاثني عشر القادمة بالتزامن مع الكثير من الجوانب الإيجابية الأخرى، مثل الاستقرار الاقتصادي، وانخفاض أسعار الإقامة، وزيادة معالم الجذب والمشاريع السياحية، وتطور البنية التحتية والخدمات وقطاع سياحة الأعمال.

وتوقع المشاركون في الاستطلاع أن تشهد السوق المحلية لدولة الإمارات العربية المتحدة أداء قويا كوجهة سياحية عالمية خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، إلى جانب أسواق رئيسية أخرى في المنطقة مثل قطر والسعودية. كما أعرب المشاركون عن زيادة الثقة بالنشاط السياحي المنبثق عن الهند والصين والأسواق الغربية الرئيسية، وكذلك في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة.

كما حدد الاستطلاع التحديات التي يتوقع لها ممثلو القطاع أن تؤثر على النشاط السياحي خلال العام القادم، ومن ضمنها تغير أولويات القطاع السياحي وفقا لمتطلبات الأزمة المالية العالمية، وزيادة التنافس ضمن القطاع الفندقي في أبوظبي، والمسائل المرتبطة بمواقف السيارات في العاصمة، ومشاريع البناء قيد الإنشاء، والافتقار إلى المرافق التي تستقطب الزوار، والأنظمة السياحية، وقضايا الهجرة والتأشيرات، وانخفاض أسعار الإقامة في الإمارات المجاورة.

وأضاف المهيري: «تساعدنا الردود التقييمية التي يكشفها الاستطلاع على العمل بشكل وثيق مع أصحاب المصلحة لبحث سبل التغلب على التحديات، فضلا عن تحديد وتطوير الفرص التي لا يزال القطاع السياحي يحظى بها إلى حد كبير».

وتم الكشف عن نتائج الاستطلاع في المنتدى السياحي السنوي الأول لهيئة أبوظبي للسياحة، والذي ضم ممثلين عن قطاعات السكن، وتنظيم الجولات السياحية، والمرافق السياحية والتجزئة، والنقل وسياحة الأعمال. وشكلت الهيئة خمس لجان لتطوير القطاع وذلك للعمل على تطبيق الأجندة السياحية لأبوظبي بالتوازي مع طموحات الحكومة لعام 2030 في استقطاب 7.9 مليون زائر للإقامة في 80 ألف غرفة فندقية خلال السنوات العشرين المقبلة.

وعن المخططات المستقبلية يقول المهيري إنه سينضم ممثل عن كل واحدة من هذه اللجان لتشكيل فريق استشاري شامل يكون بمثابة مرجعية سياحية عليا للهيئة وغيرها من الجهات الحكومية.

وكشف المنتدى أنه على الرغم من الأزمة المالية العالمية، فإن القطاع السياحي في أبوظبي سجل أداء جيدا العام الماضي مستقطبا ما يقارب 1.5 مليون نزيل فندقي، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 4% مقارنة مع عام 2007. وأسفر ذلك عن 4.7 مليون ليلة مبيت بزيادة 10% عن العام السابق؛ وإيرادات بقيمة 4.3 مليار درهم بزيادة 50% عن عام 2007، فضلا عن معدل إشغال 84%، بمتوسط إقامة لثلاث ليال. وكانت معدلات العام الماضي الأعلى خلال خمس سنوات، متوجة النمو السنوي المذهل في عدد نزلاء الفنادق، والذي وصل إلى 50% خلال تلك الفترة.

كما أوضحت مناقشات المنتدى أن زيادة معدلات العبور الجوي إلى أبوظبي تفتح المجال نحو آفاق سياحية هائلة. ويرتبط مطار أبوظبي الدولي الآن مع 69 وجهة عالمية مباشرة تخدمها 32 شركة طيران، منها «الاتحاد للطيران»، الناقل الجوي الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تشهد توسعا في قدراتها على نحو مستمر. كما ازدادت حركة المسافرين في مطار أبوظبي الدولي بشكل كبير على مدى السنوات الخمس الماضية لتتضاعف تقريبا من 5 ملايين إلى 9 ملايين راكب سنويا.

وتكشف مقارنة هذا العام حتى شهر يوليو (تموز) 2009 مع الفترة ذاتها من عام 2008، انخفاض حجوزات الفنادق في أبوظبي بنسبة 1% فقط، فيما بلغت هذه النسبة على الصعيد العالمي 8% خلال الفترة الواقعة بين شهري يناير وأبريل من عام 2009.

وعلى الرغم من أن معدلات الإشغال والمبيت اعتبارا من يوليو 2008 وحتى الآن أبدت انخفاضا بنسبة 9%، فإن متوسط معدلات الإشغال لا يزال ضمن حدوده الصحية بمعدل 77%، وهي بين النسب الأعلى في العالم.

كما حققت الإيرادات خلال هذه الفترة أداء قويا بمعدل نمو إجمالي وصل إلى 7%، وقد شهدت السوق المحلية أداء قويا ارتفع بنسبة الثلث تقريبا حتى يوليو 2009.

ويقول المهيري إن أبوظبي كانت تعاني من مشكلة عدم تكافؤ العرض مع الطلب، فالطلب كان عاليا وإمكانيات المدينة محدودة، لذا كانت أبوظبي متباطئة من حيث الترويج السياحي وفتح الأبواب لجذب السياح، فلم تكن توجد وحدات سكنية كافية في المدينة لاستيعاب نسب الزوار المتزايدة، لذا كان من الضروري أخذ خطوات التوسع بتأن كبير.

الهدف من الانتظار هو توفير منتجات جديدة تدعم المنتجات الموجودة من قبل، فالتنوع الجغرافي في أبوظبي مثل الجزر والواجهة البحرية والصحراء سيتم استغلاله لاستقطاب السياح من جميع الفئات والطبقات، ويتابع المهيري: «نحن نسعى لجذب رجال الأعمال، إلا أن هدفنا أيضا هو إيجاد ما هو مناسب للزوار من الطبقة المادية الأقل، لذا تقوم أبوظبي حاليا ببناء عدد من الفنادق من جميع الفئات بما فيها فئة النجمتين والثلاث لتناسب جميع الميزانيات». ويتابع المهيري: «يوجد ما يقارب 10 آلاف غرفة قيد الإنشاء من المزمع تسليمها خلال الفترة المتبقية من هذا العام وعام 2010، فضلا عن 7 آلاف غرفة أخرى خلال عام 2011، والهدف الأكبر هو توفير 24 ألف غرفة فندقية بحلول عام 2012، ومن المرجح أيضا أن هذه الزيادة الكبيرة في عدد الغرف الفندقية ستؤدي إلى تغير ملحوظ في آليات العرض والطلب في القطاع السكني بإمارة أبوظبي».

وتهدف «هيئة أبوظبي للسياحة» إلى تحقيق معدل نمو بنسبة 10% للحجوزات الفندقية في العام المقبل، وصولا إلى نسبة 15% في كل من عامي 2011 و2012. وسعيا لتحقيق هذه الأهداف، تخطط الهيئة لدعم فعاليات «سباق جائزة طيران الاتحاد الكبرى لـ(الفورمولا 1)» وبطولة كأس العالم للأندية لعام 2009، وإطلاق حملة تسويق عالمية، وزيادة الوسائل الدعائية لعملية التسويق، وقيادة نشاط تجاري متعدد الجوانب من خلال مكاتبها العالمية، والنهوض ببرامج تسويق مشتركة مع الشركاء، وتسويق محطات التوقف، وفتح مكاتب عالمية إضافية.

كما تعتزم الهيئة توسيع مجموعة المنتجات السياحية لأبوظبي، بما في ذلك فعاليات الترفيه والأعمال تشجيعا لقضاء فترة أطول في الإمارة، وتعزيز مستوى التدريب الأساسي لموظفي الصف الأول بما في ذلك المرشدون السياحيون، وضمان تلبية متطلبات الزوار فيما يتعلق بشبكة النقل العام المتنامية في الإمارة، وتوسيع شبكة مراكز استعلامات الزوار التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة، وتحسين كفاءة مراكز خدمة معلومات الزوار.

سيحفز برنامج الشراكة مع أصحاب المصلحة فرص التنمية التي تتضمن تأسيس الجانب الترفيهي للوجهة السياحية، وتعزيز موقع الإمارة كمحطة توقف للرحلات الجوية، وتطوير السوق السياحية الإقليمية، وزيادة الرحلات الطويلة والمتوسطة، واستقطاب المزيد من المواطنين الإماراتيين للعمل في القطاع، وتنظيم أنشطة سياحية وترفيهية ذات قيمة ممتازة، واستقطاب مزيد من السياح من الدول ذات الأنظمة الاقتصادية الأسرع نموا في العالم ومنها (البرازيل وروسيا والهند والصين)، وإرساء بيئة عمل إيجابية للقطاع السياحي، وتعزيز فرص العبور الجوي والشراكات، وترسيخ الهوية الإعلامية على مستوى الإمارة، ودعم فرص تحديث البنية التحتية، وتطوير استراتيجية إدارة الأزمات، وتوفير المزيد من المعطيات لتحسين شروط التنمية والتخطيط.

وعن المنافسة مع دبي في قطاع السياحة والأعمال، يرد المهيري بأن العلاقة مع دبي جيدة جدا ويقول: «الإمارات دولة واحدة، ودبي استطاعت الانتشار على الصعيد العالمي قبل غيرها من الإمارات، وهذا الأمر يساعد أبوظبي على الانتشار أيضا، فنحن نستفيد من خبرة دبي في هذا المجال، وبالتالي لاقينا الدعم من دائرة السياحة في دبي على سبيل المثال، وتم تدريب عدد من موظفينا في قطاع السياحة في دبي على أيادي متخصصين، كما أننا نشارك دائما في معارض محلية وعالمية كدولة واحدة، ونهدف دائما إلى المشاركة جنبا إلى جنب مع إمارات أخرى».

توافر الفنادق بمختلف الفئات سوف يفتح الباب أمام المستثمرين، وسوف يساعد على تبلور الاقتصاد وتشغيل مختلف القطاعات مثل المأكولات والأغذية والتوظيف والمواصلات وتوسع المطارات، وبالتالي يصب هذا التطوير في مصلحة أبوظبي للترويج لها عالميا، فمن المهم جدا تنويع الدخل، ولو أن البعض يرى أن أبوظبي عاصمة غنية وليست بحاجة لعائدات السياحة.

ويضيف المهيري أن قطاع السياحة سوف يتضاعف في السنوات القليلة القادمة بحسب رؤية 2030، فالهدف هو خلق مناطق تطويرية جديدة مثل جزيرة «ياس»، وتطوير مشاريع ومرافق سياحية ضخمة في مدينة العين، فالسياحة هي المحرك الرئيسي للتنشيط، وعام 2004 كان البداية في عالم الاستثمار في المجال السياحي الذي يعتبر تحديا كبيرا، وبحسب المهيري فإن تطور نمو طيران الاتحاد وروزنامة الفعاليات التي تستضيفها أبوظبي على مدى أشهر السنة والتي تنظمها الحكومة والقطاع الخاص عززا من الثقة ما بين أبوظبي والآخرين.

وختم المهيري كلامه بالقول: «هذه هي فرصة أبوظبي، لأن المنتجات بدأت تطفو على السطح، كما أن هذا هو الوقت المناسب للانتشار والتوسع وتعريف العالم بما تزخر به المنطقة من مقومات تراثية وسياحية واستثمارية».