الحكومة المغربية تقرر إعادة جدولة ديون المغاربة المهاجرين لتخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية

ندوة دولية بحثت في الرباط انعكاسات الأزمة على الهجرة

TT

توقع مسؤول مغربي أن يواجه المهاجرون المغاربة المزيد من المصاعب نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على التخفيف من حدة هذه المشكلات، ومن ذلك إعادة جدولة ديونهم في البنوك المغربية.

وقال محمد عامر الوزير المكلف بالجالية المغربية خلال ندوة دولية نظمتها الوزارة حول موضوع «انعكاسات الأزمات الاقتصادية على الهجرة» عن قلقه إزاء الوضعية الصعبة وغير المستقرة التي يعيشها المهاجرون في ظل الأزمة الاقتصادية وخصوصا بعد تعديل بعض الدول للقوانين المنظمة للهجرة لديها الأمر الذي ضاعف من حدة المشاكل التي يعاني منها مئات الآلاف من المهاجرين المغاربة.

وأضاف عامر أن «الحكومة المغربية تعمل من أجل مواجهة الصعاب التي تطرحها وضعية الجالية المغربية بالخارج وللدفاع عن حقوقها في بلاد الإقامة وتمكينها من ممارستها من دون إقصاء أو تمييز والتصدي لكل ما يستهدفها من تصرفات تنم عن العنصرية والكراهية للأجنبي». وفي معرض تعليقه على الإجراءات التي اتخذتها الدولة للتخفيف من تأثيرات الأزمة الاقتصادية على المهاجرين قال عامر إن «من أولويات العمل الحكومي مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية وحماية حقوق مواطنينا بالخارج ومساعدة الفئات المتضررة منهم حتى يتجاوزا هذه المرحلة الصعبة» مشيرا إلى أن الحكومة قررت اتخاذ بعض الإجراءات العاجلة للتخفيف من وطأة الأزمة على أفراد الجالية بتخفيض كلفة تحويل الأموال وإنشاء صندوق خاص بتحفيزهم على الاستثمار وتيسير اقتنائهم للمساكن وإعادة جدولة ديونهم المستحقة لدى البنوك المغربية.

وفي السياق نفسه، أكد ويليام لاسي سوينغ المدير العام للمنظمة الدولية للهجرات أن سياسات الانغلاق على الهوية وإغلاق أسواق العمل والحدود، التي انتهجها العديد من البلدان في مواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية تدعو «للأسف لأنها تساهم في تعزيز بعض الأفكار المسبقة عن المهاجرين وتغذي الكراهية داخل بلدان الاستقبال».

وأوضح سوينغ أن «هذه السياسات أدت أيضا إلى تراجع تحويلات الأموال من قبل المهاجرين نحو بلدانهم الأصلية. وأبرز أن البنك الدولي يتوقع انخفاض هذه التحويلات بنسبة 7.3 في المائة في 2009، بعد أن كانت قد بلغت 328 مليار دولار سنة 2008. كما أعرب سوينغ عن أسفه إزاء تعرض المهاجرين الأقل تأهيلا باستمرار للإقصاء من سوق العمل واعتبارهم في أحسن الظروف مجرد خزان لليد العاملة قابل للاستغلال والتوظيف أو الطرد حسب الظرفية الاقتصادية الوطنية. وذكر أن المهاجرين يضطلعون بدور حاسم في محاربة الفقر، من خلال تحويلات أموالهم التي تساهم في تلبية الحاجيات الأساسية لعدد كبير من الأسر على مستوى التغذية والسكن والصحة والتعليم.

ودعا سوينغ أيضا الحكومات أن تعي الدور الإيجابي الذي يمكن أن يقوم به المهاجرون في النمو والانتعاش الاقتصادي، عوض الحد من دخولهم سوق العمل أو إغلاق الحدود أمامهم خلال فترة الأزمة الاقتصادية.

من جانبه، تطرق عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب إلى انعكاسات الأزمة المالية على مساهمة المغاربة المقيمين بالخارج في الاقتصاد الوطني، مذكرا بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمساعدة هذه الفئة على مواجهة آثار الأزمة. وذكر في هذا السياق بإنشاء صندوق لمساعدة الاستثمار لتحفيز المغاربة المقيمين بالخارج على المزيد من الاستثمار في بلدهم الأم، إلى جانب توسيع ضمان السكن ليشمل هذه الفئة لتمكينها من اقتناء أو بناء مسكن مع تسهيلات في القرض. وأضاف أن البنوك المغربية قررت، لإنعاش تحويلات أموال المهاجرين، إلغاء الاقتطاعات المفروضة على هذه التحويلات وإعادة جدولة ديونهم.

حضر هذه الندوة مجموعة من الشخصيات في السياسة والاقتصاد ومنظمات غير حكومية نشيطة في قضايا الهجرة من عدة دول من أبرزها اسبانيا وفرنسا وايطاليا، ويهدف الملتقى الذي يدخل ضمن الجهود المبذولة لتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية على الجاليات المقيمة بالخارج إلى تقديم تحليل لانعكاسات الأزمة الاقتصادية على الهجرة في بلدان الاستقبال وتقديم مقترحات لتعزيز التضامن الدولي والتعاون بين الدول. وأبرز المتدخلون، استنادا لدراسة أنجزها برنامج الأمم المتحدة للتنمية والوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، ظروف العيش الصعبة لأفراد الجالية المقيمة بالخارج، بسبب الأزمة الراهنة.

وأضافوا أن أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج هم الأكثر عرضة للبطالة، بالنظر إلى اشتغال عدد كبير منهم في قطاع البناء. كما أضحت هذه الفئة تعاني ممارسات تمييزية على مستوى التوظيف والتسريح من الشغل.

وانتقد المتدخلون السياسات المتبعة في مجال الهجرة الأكثر تقييدا التي تبنتها البلدان الأوروبية. ووجهوا أصابع الاتهام، بهذا الصدد إلى القوانين الجديدة حول التجمع العائلي بفرنسا وقانون الحفاظ على الأمن العام بإيطاليا والقانون الجديد للهجرة بإسبانيا وكذا برامج العودة الطوعية التي اقترحها هذا البلد.