قمة «آسيان» تبحث تطبيق اتفاقية التجارة الحرة

الدعوة لربط جنوب شرقي آسيا بالصين والهند عبر طرق وسكك حديدية وأيضا إلكترونيا

شرطيون تايلانديون يحرسون مقر انعقاد قمة اسيان (ا.ف.ب)
TT

من المفترض بدء تطبيق اتفاقية التجارة الحرة بين ست من الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل بيد أن عددا قليلا ربما يتذكر الموعد النهائي.

وفي قمة «آسيان» التي تبدأ اجتماعاتها غدا وتستمر لمدة يومين في منتجع «تشا ام» في تايلاند، من المرجح أن تكون إحدى القضايا الجانبية المثيرة للنزاع طويلا، طلب تايلاند من الفلبين تخفيض تعريفاتها الجمركية على واردات الأرز العام المقبل، مما يشير إلى أن دخول منطقة التجارة الحرة لرابطة آسيان حيز التنفيذ لم تعد مطروحة بقوة.

وكانت الفلبين قد طالبت بإبقاء التعريفات الجمركية على وردات الأرز فيما بين 35 و 40 في المائة حتى عام 2015 وليس تخفيضها إلى 0.5 في المائة العام المقبل كما يقضي الجدول الزمني لمنطقة التجارة الحرة لرابطة آسيان للاقتصادات الستة الرئيسة في الرابطة وهي بروناي وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند.

وقال سونددرام بوشباناثان نائب الأمين العام لـ«آسيان» للشؤون الاقتصادية «الأرز منتج مهم... المهم في الأمر أنهم وافقوا على إلغاء التعريفات الجمركية وفق عملية مرتبة».

وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن منطقة التجارة الحرة لرابطة آسيان في عام 1993 تهدف إلى خفض التعريفات الجمركية تدريجيا على التجارة في المنطقة إلى 0.5 في المائة بحلول عام 2010 بالنسبة للأعضاء الستة الأساسيين. وستضم الاتفاقية التجارية أعضاء جددا وهم كمبوديا ولاوس وميانمار (بورما) وفيتنام في عام 2015.

وينظر لمنطقة التجارة الحرة لرابطة آسيان على أنها نجاح بشكل مثير للجدل على الأقل فيما يخص تشجيع التجارة في إطار التكتل الإقليمي.

وبين عامي 2004 إلى 2008 ارتفع حجم التجارة بين الدول الأعضاء في «آسيان» من 260.7 مليار دولار إلى 458.1 مليار دولار بمعدل نمو سنوي قدره 15 في المائة.

وأفاد تقرير البنك الدولي بشأن منطقة التجارة الحرة لرابطة آسيان أن الاتفاقية التجارية لم تؤد إلى خفض حجم التجارة مع الدول الأخرى من خارج الرابطة.

وزاد حجم تجارة آسيان مع الاتحاد الأوروبي من 131.54 مليار دولار في عام 2004 إلى 202.36 مليار دولار في عام 2008، وارتفع مع الولايات المتحدة من 135.89 مليار دولار إلى 181.04 مليار دولار خلال الفترة نفسها.

ويعود السبب في زيادة حجم التجارة بين دول آسيان ومع أسواق رئيسية إلى أن الكثير من التجارة الإقليمية تتركز في أجزاء ومكونات موجهة لمنتجات يتم تجميعها في نهاية الأمر ويعاد تصديرها إلى الأسواق التقليدية للمنطقة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وليس مفاجأة أن ينخفض حجم التجارة بين دول آسيان هذا العام تزامنا مع تراجع حجم الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وتوقعت الحكومة التايلاندية انخفاض صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة هذا العام بنسبة 20 في المائة وإلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 18 في المائة وإلى اليابان بنسبة 20 في المائة وبنسبة أكبر قدرها 30 في المائة إلى دول آسيان.

وقال دوسيت نونتاناكورن رئيس الغرفة التجارية التايلاندية «تعرضنا لخسارة مزدوجة في سوق آسيان: انخفاض التصنيع الإقليمي بين آسيان وأيضا انخفاض الاستهلاك أيضا في التكتل». وأبدى سوندرام نائب الأمين العام لآسيان موافقته على الرأي السابق. وقال «نحتاج حقا إلى زيادة استهلاكنا المحلي لينمو حجم التجارة بين دول آسيان».

وبعد الأزمة الآسيوية في عام 1997، دار كثير من المحادثات بين حكومات آسيان لتغيير محرك نمو المنطقة بعيدا عن الصادرات صوب زيادة الاستهلاك المحلي. ولم يحدث ذلك. وبدلا من أن تستفيد اقتصادات آسيان بمزايا خفض عملاتها أمام الدولار أصبحت أكثر اعتمادا على التصدير مما كانت عليه في العقد الأسبق.

وتتضاءل المؤشرات بشأن تغيير انحراف مسار الصادرات بسبب الأزمة العالمية الأخيرة رغم أنها هزت الثقة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وقال جيمس مكورماك المدير التنفيذي لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني في منطقة آسيا المحيط الهادي «الزيادة الأخيرة في احتياطيات الصرف الأجنبي واقعيا في أي دولة تشير إلى أن صانعي السياسة يعودون إلى الصادرات باعتبارها مصدر النمو المشهور في المنطقة». وقال توتو ديرجانتورو الأمين العام لجمعية مصدري إندونيسيا «بعض الدول الأخرى في آسيان يرى إندونيسيا سوقا كبيرة». ويضيف أن «المنتجات الغذائية الماليزية تغمر إندونيسيا وهذا من شأنه إلحاق الضرر بالمنتجين المحليين. لم نستفد كثيرا من آسيان لأننا لسنا مستعدين لذلك».

وفي سنغافورة أوضح وزير الخارجية جورج يو لصحيفة «ستريتس تايمز»، قبيل القمة «بالنظر إلى القرن الحادي والعشرين فإن مواجهة الصين والهند مجددا سيكون أمرا دراماتيكيا للغاية».

وأضاف «إذا لم نصبح مكانا تتصارعان عليه (الصين والهند)، وأصبحنا مكانا تلتقيان وتتعاونان من خلاله فإننا سنزدهر معهما».

وأشار إلى أن إحدى الأولويات هي ربط جنوب شرق آسيا بالصين والهند من خلال طرق وسكك حديدية وأيضا إلكترونيا وبالتالي «فإن أصوات منتجاتكم من البلاك بيري وآي فون (يمكن أن تسمع وهي تغني وترقص من دلهي عبر دول جنوب شرق آسيا وحتى بكين».

وقال: «يجب أن نتحدث أيضا عن اتفاقيات السماوات المفتوحة للسفر عبر الجو والروابط البحرية حتى روابط الأنهار».

وعلى صعيد آخر قدمت المفوضية الأوروبية أمس الأربعاء منحة بقيمة 4.5 مليون يورو (6.7 مليون دولار) للمساهمة في تمويل مشروع لحماية حقوق الملكية الفكرية في آسيان حيث تنتشر القرصنة الفكرية. وقال سورين بيتسوان الأمين العام لرابطة آسيان بعد قبول المنحة الأوروبية إن هذه الخطوة تشير إلى بعض العناصر الأساسية التي يجب أن نتحرك في اتجاهها للوصول إلى الهدف الأبعد وهو اتفاق تحرير التجارة مع الاتحاد الأوروبي.

كان الاتحاد الأوروبي قد أوقف مفاوضات تحرير التجارة مع رابطة آسيان بعد الفشل في الحصول على تعهد من دول الرابطة بالتوصل إلى اتفاق شامل و«طموح».

وفضل الاتحاد الأوروبي الدخول في مفاوضات ثنائية مع دول الرابطة من أجل التوصل إلى اتفاقات تجارية حيث من المنتظر بدء تطبيق مثل هذه الاتفاقيات مع سنغافورة.

والجدير بالذكر أن آسيان ترتبط باتفاقيات تجارة حرة جماعية مع كل من أستراليا والصين والهند ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية. في حين وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا لتحرير التجارة مع كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي.