وزير المالية السوري: توسيع التعاون الاقتصادي مع السعودية يشمل 15 مليار دولار خلال 3 سنوات

الحسين لـ «الشرق الأوسط»: مليارا دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين

د. محمد الحسين وزير المالية السوري
TT

دخلت العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين سورية والسعودية مرحلة جديدة من النشاط ستتوج بانعقاد اللجنة العليا المشتركة التي بدأ التحضير لها بتوجيه من العاهل السعودي والرئيس السوري خلال قمتهما في دمشق مؤخرا.

ويتوقع أن تناقش اللجنة التي يرأسها وزيرا خارجية البلدين ولم تعقد منذ عام 2004 تطوير وتوسيع آفاق التعاون بين البلدين لتشمل إقامة مشروعات مشتركة كبرى خاصة في سورية التي أعلنت عن برنامج لإنفاق 15 مليار دولار في قطاع البنى التحتية في غضون السنوات الثلاث المقبلة. إلى جانب توسيع مشاركة المملكة التي تعد حاليا المستثمر رقم واحد في سورية في القطاعات الاقتصادية التي قامت دمشق بفتحها أمام القطاع الخاص كالتأمين والمصارف إلى جانب تعزيز رؤوس الأموال السعودية في المشروعات الصناعية والسياحية والخدمية والعقارية. «الشرق الأوسط» التقت الدكتور محمد الحسين وزير المالية السوري الذي أشرف على إعداد الملفات الاقتصادية التي تم بحثها خلال زيارة العاهل السعودي إلى دمشق مؤخرا وأسفرت عن الاتفاق على مجموعة من الأمور التي لاقت ترحيبا واسعا كتبادل إلغاء الرسوم على كل من الزيتون والسيراميك، وتوقيع اتفاق منع الازدواج الضريبي، وهذا نص الحوار:

* هيام علي

* لنبدأ بالحديث عن اللجنة السورية ـ السعودية المشتركة.. متى سيتم انعقادها وما أهميتها في تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي.. في هذه المرحلة؟ ـ إن اللجنة السورية ـ السعودية المشتركة عندما أحدثت.. كان الهدف من ذلك بحث آفاق التعاون الاقتصادي الثنائي وعرض المشكلات وإيجاد حلول لها وكذلك عرض اقتراحات التطوير للعلاقات الاقتصادية والاتفاق بشأنها. والحقيقة أن اللجنة انعقدت آخر مرة عام 2004 كما أذكر. لذلك فإننا مع تفعيل هذه اللجنة وقيامها بدورها وتحقيق الأهداف المرجوة منها بما في ذلك دورية اجتماعاتها، وهو موضوع جرى بحثه خلال القمة السورية السعودية الأخيرة التي انعقدت في دمشق وتم التوجيه بتفعيل دور هذه اللجنة ودورية اجتماعاتها، وأعتقد أنها ستعقد قبل نهاية العام الحالي، إذ بدأ العمل فعلا على إعداد ملفاتها من قبل الجهات المعنية في كلا البلدين.

* إلى أي حد تعتقد أن الجانب السوري يملك من المرونة التي تجعله قادرا على تطوير التعاون مع السعودية وفق الإطار الذي جرى الحديث عنه خلال زيارة خادم الحرمين؟

ـ إن الحكومة السورية كانت دائما تنظر بأهمية خاصة إلى العلاقات الاقتصادية مع المملكة، لذلك فإن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى سورية والمسائل التي جرى الاتفاق عليها في المجال الاقتصادي ستسهم في تعميق هذه العلاقات إلى مستويات أكبر بكثير مما هي عليه حاليا، وأستطيع التأكيد أن الحكومة السورية بدأت بمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بكل الاهتمام المطلوب.

* اتفقتم والجانب السعودي على إزالة الرسوم على زيت الزيتون من الجانب السعودي والرسوم عن السيراميك من الجانب السوري.. ما أهمية ذلك في هذه الفترة وهل من قرارات أخرى مشابهة لاحقا؟

ـ لقد نفذ هذا البند من المسائل الاقتصادية التي تمت مناقشتها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين ولقاءاته مع الرئيس بشار الأسد، فقد قامت الحكومة السورية بإلغاء الرسم المفروض على السيراميك المستورد من السعودية، بالمقابل أبلغني الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية بعد عودته إلى المملكة وبرسالة خطية بأن وزارته ألغت الرسم الذي كان مفروضا على زيت الزيتون السوري المصدر إلى المملكة، وأن قرار الإلغاء أصبح نافذا اعتبارا من تاريخ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتم الاتفاق مع الأخ الدكتور العساف على متابعة تنفيذ باقي المسائل الاقتصادية التي تم بحثها والاتفاق عليها.

* رخص مجلس الوزراء مؤخرا لشركة عبد اللطيف جميل السعودية لتأسيس مؤسسة مالية مصرفية اجتماعية، وخلال اجتماعكم مع نظيركم السعودي اتفقتم على تأسيس شركة تأمين ومصرف مشترك، ماذا يعني ذلك وما هي آفاقه وكيف ستتم إدارة الأمور للوصول إلى تنفيذ هذه الاتفاقيات؟

ـ إن الموافقة التي منحها مجلس الوزراء لمؤسسة التمويل الصغير وبناء على طلب مؤسسة عبد اللطيف جميل السعودية، هي موافقة مهمة وتفتح الباب لمؤسسة عبد اللطيف جميل للعمل في السوق السورية، وهي مؤسسة معروفة ومتميزة ويسعدنا وجودها في سورية، وقد صدرت هذه الموافقة في أجواء زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى سورية. أما عن تأسيس مصرف مشترك وشركة تأمين مشتركة سورية سعودية فإن الأمر نوقش مع وزير المالية السعودي وسنسعى إلى تشجيع المؤسسات المصرفية ورجال الأعمال من البلدين لتأسيس ذلك خلال الفترة القادمة. وكنت ذكرت للوزير أن الجانب السوري الذي سيشارك في المصرف أو شركة التأمين المشتركة يعد جاهزا لتسديد مساهماته ويبقى تحديد الجانب السعودي الذي سيشارك في ذلك، ونحن نرحب بوجود مصارف وشركات تأمين سعودية في بلدنا بالمشاركة مع الجانب السوري، والحقيقة أن بعض المصارف السعودية لديها مساهمات في مصارف سورية خاصة موجودة حاليا مثل «السعودي الفرنسي»، مجموعة «دلة البركة» وغيرها.

* لطالما كان موضوع الرسوم على عبور الشاحنات موضع بحث بين البلدين.. كيف ستتم مناقشة الأمر وماذا عن التعاون الجمركي؟

ـ خلال الزيارة اتفقنا مع وزير المالية السعودي على حصر أنواع الرسوم كافة المفروضة على الشاحنات والسيارات المسجلة في أي من البلدين والمتجهة إلى كل منهما أو العابرة، وبعد ذلك دراسة إلغاء أو توحيد أو تخفيض هذه الرسوم، أما في القطاع الجمركي فقد اتفقنا على ضرورة التنسيق بين الجمارك السورية والجمارك السعودية وتبادل المعلومات بهدف منع التهريب، وقمنا بتسليم أشقائنا السعوديين نسخة عن نموذج اتفاق التعاون الجمركي بين البلدين، ووعدوا بدراسته وسيتم تحضيره للتوقيع النهائي في أقرب وقت ممكن.

* تعد السعودية من أهم الدول التي تصدر وتستورد منها سورية، هل تعتقد أن التطور الحاصل في العلاقات سيؤثر إيجابيا على التبادل التجاري وكيف؟

ـ بالفعل فإن المملكة هي أكبر شريك تجاري لنا بين الدول العربية، ويصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو ملياري دولار سنويا. ونحن نعتقد أن زيارة خادم الحرمين الشريفين ولقاءاته مع الرئيس بشار الأسد والنتائج المهمة لذلك في المجال الاقتصادي، ومنه التجاري، ستسهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، وأن دراسة الرسوم على الشاحنات وتوقيع اتفاق التعاون الجمركي سيسهمان في زيادة التبادل التجاري بين البلدين.

* خلال لقائكم مع وزير المالية السعودي أعلنتم عن الدعوة لانعقاد منتدى رجال الأعمال السوري السعودي... بعد التحضير الجيد له ماذا قصدتم بذلك؟

ـ تم الاتفاق بيني وبين وزير المالية السعودي على عقد ملتقى لرجال الأعمال السعوديين والسوريين في دمشق خلال الربع الأول من عام 2010، وحتى يكون لهذا الملتقى نتائج مهمة ومفيدة، فقد جرى الاتفاق على التحضير الجيد له من حيث التنظيم وتحضير المشروعات الاستثمارية وعرض التسهيلات والخدمات التي تقدمها سورية للمستثمرين بشكل عام ومن ضمنهم الأشقاء السعوديون، وبالتأكيد سيكون لرجال الأعمال وغرف التجارة والصناعة وهيئات الاستثمار دور أساسي في تنظيم هذا الملتقى وتحقيق أهدافه.

* السعودية هي المستثمر الأول في سورية، في ضوء ذلك ما مستقبل الشركة السورية السعودية للاستثمارات الصناعية والزراعية؟

ـ إن الشركة السورية السعودية للاستثمار تأسست منذ عام 1976 وبرأسمال قدره 50 مليون دولار مناصفة بين حكومتي البلدين، وقد تم مراجعة وضع هذه الشركة، وتم الاتفاق على زيادة رأسمالها الاسمي إلى 200 مليون دولار والمدفوع منه 100 مليون دولار بدلا من 50 مليون دولار، كما تم الاتفاق على توسيع آفاق عمل هذه الشركة، فقد اشتهرت خلال العقود الماضية بصناعة المفروشات والألبان، لكننا نود أن نراها في قطاعات أخرى في الاقتصاد السوري.