دعوات إلى تعزيز التعاون مع انطلاق الملتقى الاقتصادي السعودي ـ اللبناني في بيروت

16 مليار ريال حجم الاستثمارات السعودية في لبنان

TT

استبق رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، إعلان التشكيلة الوزارية المعلقة على إنجاز المفاوضات الجارية منذ 4 أشهر مع المرجعيات السياسية والنيابية الداخلية بالإفصاح عن التوجهات والعناوين الاقتصادية للبيان الوزاري. واختار الحريري الدورة الخامسة للملتقى الاقتصادي السعودي اللبناني الذي بدأ أعماله أمس في بيروت، منصة لإعلان خطوات والتزامات اقتصادية، ملاقيا الاهتمام الرسمي السعودي بالملتقى الذي عكسه ترؤس وزير التجارة والصناعة السعودي، عبد الله أحمد زينل. وذلك بمشاركة نحو 400 رجل أعمال وقادة مؤسسات من البلدين، وحشد وزاري ودبلوماسي ونيابي لافت. وقال: «إنني أتطلع إلى الحكومة، التي نحن بصدد تشكيلها اليوم، لإزالة العوائق من أمام القطاع الخاص وتحديث التشريعات الاقتصادية والتجارية. وتسريع المصادقة على المشاريع الموجودة في البرلمان مثل قوانين المنافسة والتجارة الدولية وقوانين الأسواق المالية وإقامة مجلس لترويج الصادرات».

وأضاف: «كما ستركز الحكومة الجديدة، على تحسين القطاعات التي من شأنها زيادة القدرة التنافسية في الاقتصاد اللبناني مثال الكهرباء والاتصالات والإنترنت. بالتوازي مع إعادة توجيه الاستثمارات إلى النشاطات ذات القيمة المضافة في القطاعات التقليدية وغير التقليدية».

وركز الحريري على أن الحكومة التي يتم العمل على تأليفها «يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية، ليس بالمعنى السياسي فقط، بل أيضا حكومة وحدة اقتصادية واجتماعية وتنموية من خلال توافق جميع القوى على برنامج عمل متكامل».

وأشار إلى أن لبنان «لن ينسى أبدا دور المملكة البناء في التوصل إلى اتفاق الطائف مؤكدا التمسك ببنوده كافة. وقال: «المملكة كانت ولا تزال حريصة على استقرار لبنان الاقتصادي والمالي، والسباقة إلى إرسال ودائع تدعم الثقة في مصرف لبنان، كما كان لها المساهمة الكبرى في مؤتمري باريس 2 و3. ووقفت دائما مع لبنان ومع كل اللبنانيين من دون قيد أو شرط».

من جهته توقع زينل «أن تلعب الصناعة السعودية دورا بارزا في علاقة المملكة مع الدول الأخرى، وذلك بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للصناعة لإحداث نقلة كمية ونوعية في القطاع الصناعي. وذلك من خلال تبني رؤية وطنية لتكون الصناعة السعودية منافسة عالميا، وتقوم على الإبداع والابتكار، وأداة أساس في تحويل الموارد الوطنية إلى ثروة مكتسبة مستدامة. وأشار إلى الإنجازات على مستوى الاستثمار حيث يشير تقرير أداء الأعمال لعام 2010 الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي بأن المملكة احتلت المركز الثالث عشر عالميا والأول عربيا في جذب الاستثمارات. كما قفزت في مؤشر بدء النشاط التجاري من المرتبة 28 إلى المرتبة 13 وقفزت المملكة من المرتبة 24 إلى المرتبة 16 في مؤشر حماية المستثمرين، وذلك يعود إلى تحسن معيار الإفصاح لدى الشركات المساهمة.

وأكد أن «نمو اقتصاد لبنان والسعودية، وتحولهما إلى اقتصاديات تعتمد على الثروة المكتسبة (الثروة المعرفية) لا الثروة الموروثة، لن يتحقق إلا إذا أخذ القطاع الخاص الريادة وبدأ بالفكر والعمل خارج إطار المعهود وتبني النهج والفكر الإبداعي. لافتا إلى أن «نظرة عابرة على التجارة البينية بين بلدينا، بصفة خاصة، وبين الدول العربية في ما بينها بصفة عامة، ترسم لنا صورة غير إيجابية، وإنني على ثقة أننا إن لم نغير في هذا الوضع فلن نستطيع أن نحقق ما نطمح إليه».

واقترح رئيس مجلس الغرف السعودية تكثيف عقد اللقاءات الثنائية وتبادل الوفود التجارية وإقامة المعارض للتعريف بمنتجات البلدين، وتسهيل إجراءات نفاذهما للأسواق، إضافة لمعالجة مشكلة الرسوم الجمركية وارتفاع تكاليف الشحن بإيجاد وسائل شحن أقل تكلفة وأكثر فاعلية وإزالة جميع المعوقات. وقال إن الاستثمارات السعودية تمثل ما يقارب من نصف الاستثمارات العربية الخاصة في لبنان، حيث تشير الإحصاءات إلى أن الاستثمارات السعودية في الوقت الحاضر تقدر بنحو 16 مليار ريال في لبنان، ويعتبر الاستثمار العقاري الأكبر. والمملكة تستضيف على أرضها أكثر من 150 ألف لبناني ساهموا في حركة البناء والتشييد التي شهدتها على مدار السنوات الماضية، كما يأتي السائح السعودي في المقدمة بين الزائرين للبنان بمعدل وصل إلى 120 ألف سائح سنويا.

وأعلن مدير عام الاقتصاد والأعمال، رؤوف أبو زكي، أن «الملتقى في طريقه لأن يصبح مؤسسة لها آلياتها، وذلك بالتنسيق مع الغرف والهيئات المعنية خاصة، وأنه يكمل وينشط عملها ويوفر أداة تنفيذية لها. وهناك أيضا مجلس الأعمال اللبناني السعودي المنبثق من اتحادي الغرف في البلدين ونحن عضو فيه. وهناك مجلس الأعمال والاستثمار اللبناني ونحن على تعاون وثيق معه ومع كل جهة ناشطة في مجالات الأعمال والاستثمار في البلدين».

ولفت رئيس اتحاد الغرف العربية، عدنان القصار، إلى أن لبنان استطاع أن يسجل نموا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة مرتفعة خلال عام 2008، ومن المنتظر تحقيق المزيد منها في العام الحالي، ومن المهم أن مصدرها الأساسي هو الدول العربية بنسبة 90 في المائة، وعلى رأسها السعودية بنسبة 70 في المائة من مجمل الاستثمارات العربية.

وقال: «من البديهي أن العلاقات بين بلدينا لا تنحصر في العلاقات الاقتصادية. فالمملكة قدمت إلى لبنان، بلا حدود، دعما سياسيا لتثبيت الوفاق والاستقرار، كما منحت هبات وودائع ومساعدات إنسانية وتعليمية، ولبنان لا ينسى أبدا وقفة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله ورعاه والشعب السعودي الشقيق، إلى جانبه دائما في كل الأوقات بقوة وصدق، عز نظيرهما».

وبعد الافتتاح جرى تكريم عدد من الشخصيات تولاه الحريري وشمل الوزير زينل، ووزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة (ناب عنه السفير علي العسيري)، والنائب نعمة طعمة رئيس الغرف السعودية، والرئيس التنفيذي لشركة «بمكو» العقارية للمقاولات، هنري سركيسيان، والصندوق السعودي للتنمية.

وانعقدت جلسات عمل تناولت فرص الأعمال والاستثمار في البلدين وفرص التعاون والاستثمار في مجالات الصناعة والتجارة، على أن يختم الملتقى أعماله اليوم بعد عقد ثلاث جلسات تتناول التعاون في المجالات المصرفية والمالية وآفاق الاستثمار المشترك والتعاون في السياحة والفرص والمشاريع في القطاع العقاري.