قضايا الطاقة تتصدر الدبلوماسية الأميركية والخارجية تستحدث منصبا للتعامل معها

إدارة أوباما تركز على أهمية الشفافية ورفع الدعم عن الوقود في معالجة «أمن الطاقة»

سياسات الولايات المتحدة في ما يخص الطاقة تتعلق بـ«تأمين الطاقة» والحفاظ على المصادر الخارجية
TT

خلال زيارتها إلى باكستان الأسبوع الماضي، رافق وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عدد من المستشارين والمسؤولين، من بينهم مسؤول خاص بـ«شؤون الطاقة الدولية»، وهو منصب جديد استحدثته كلينتون منذ توليها منصبها. وبما أن زيارتها كانت ضمن إطار عمل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتقوية باكستان وجعلها حليفا قادرا في حرب واشنطن على الإرهاب، أعلنت كلينتون عن عدد من المبادرات لتقوية باكستان ومجتمعها، من بين تلك المبادرات منح باكستان 125 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء في البلاد. وهذه المبادرة نموذج من نماذج تحرك الإدارة الأميركية لجعل الطاقة من الروابط بينها وبين حلفائها، مثل الإعلان عن تأسيس «مجلس الطاقة الأميركي ـ الأوروبي» في واشنطن أول من أمس الذي يعمل على تنسيق استراتيجيات أوروبا والولايات المتحدة في ما يخص تأمين مصادر الطاقة وتطوير التقنيات في الطاقة والبحوث المتعلقة بالطاقة. وشرح ديفيد غولدوين، منسق وزارة الخارجية لشؤون الطاقة الدولية، أن سياسات الولايات المتحدة في ما يخص الطاقة عادة ما تتعلق بـ«تأمين الطاقة» والحفاظ على المصادر الخارجية، فإن سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بالدول الخارجية تعتمد على العمل على توفير الكهرباء والطاقة لازدهار تلك الدول. وتحدث غولدوين مطولا في لقاء مع عدد من الصحافيين في واشنطن أمس عن منصبه الجديد الذي ينسق الدبلوماسية الأميركية في مجال الطاقة، بالإضافة إلى السياسات الأساسية التي تروّج لها إدارة أوباما في هذا المجال، على رأسها العمل على تطوير مصادر الطاقة المتجددة وإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وكان أوباما قد تعهد، خلال خوضه انتخابات الرئاسة وبعدها، بالعمل على إنهاء «الاعتماد الأميركي على النفط الخارجي» وجعل الطاقة، إذا كانت من مشتقات النفط أو من مصادر متجددة، عنصرا أساسيا في رسم سياسات إدارته. وكان أوباما قد أطلق تصريحات مثل أهمية إنهاء الاعتماد على «نفط من دول تقودها الدكتاتورية» ودول ليست بالضرورة تكون مصالحها متطابقة مع الولايات المتحدة. وبعد عام من انتخابه و10 أشهر من توليه الرئاسة، تعمل إدارته على إنهاء الاعتماد على النفط الذي يشكل 37 في المائة من المصادر التي تستهلكها الولايات المتحدة. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الخطوات التي تتخذها الإدارة الأميركية للتقليل من الاعتماد على النفط من الشرق الأوسط، أجاب غولدوين: «إنه التزام مهم من إدارة أوباما لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على النفط، إذا كان نفطا خارجيا أم داخليا، ولقد رأينا جهودا غير مسبوقة في هذا المجال»، معددا سياسات مثل استثمار وزارة الطاقة المليارات من الدولارات في تحسين الكفاءة في صرف واستخدام الطاقة بالإضافة إلى الاستثمار في تطوير الطاقة المتجددة. أضاف أن «النفط يخص النقل بشكل أساسي هنا، فنحن لا نستخدمه للطاقة، ولهذا نحن نولي اهتماما لتطوير السياسات الكهربائية وجعل هذا الجهد دوليا». وتطوير السيارات الكهربائية من بين أبرز المبادرات التي سيبحثها مجلس الطاقة الأميركي ـ الأوروبي، على أن يقدم نتائج ملموسة خلال الأشهر الستة المقبلة.

في ما يخص النفط وأسعاره، قال غولدوين إن «قوانين السوق هي المصدر الأساسي لأمننا الاقتصادي وأمن طاقتنا، ولهذا رأينا جهودا في قمة دول العشرين لتوفير الاستقرار لأسواق النفط من خلال توفير المعلومات الصحيحة والدقيقة حولها». وكانت الطاقة والتعامل معها ضمن تداول قادة دول العشرين في قممهم خلال السنتين الماضيتين، والتركيز على أهمية استقرار أسواق النفط وأسعارها. وأوضح غولدوين: «إذا كنا لا نعرف ما الطلب، لا يمكننا تحديد العرض، ومن دون معرفة العرض الموجود هناك، لا يمكن لنا معرفة الانسجام بينهما، مما يولّد الخوف والتكهنات»، مضيفا: «كان الطلب من كل دول قمة العشرين بزيادة الشفافية حول ما يمتلكون من خزائن وكمية استخدامهم لها وإنتاجهم، نحن نفعل ذلك أسبوعيا في الولايات المتحدة ولكن الكثير من الدول الأخرى لا تفعل ذلك، وهذا من أهم الخطوات التي نعمل عليها لوقف الاضطرابات في الأسعار». وربط غولدوين بين هذه القضية ورفع الدعم عن المشتقات النفطية قائلا: «هناك الكثير من النتائج السلبية للدعم، يكون الطلب أكثر من الاحتياجات الحقيقة لأن الأسعار منخفضة، وتكون الأسعار أقل مما يجب، وهناك تراجع في التوفير كما أن الحكومات لا توفر أموالا يمكنها استخدامها في التقنيات الجديدة للطاقة». وأضاف: «دول العشرين، بما فيها السعودية، اتفقوا على تقليل الدعم لمصادر الطاقة، وسنحمّل الجميع المسؤولية في اجتماعات وزراء المالية في فبراير (شباط) المقبل ولقاء القادة في يونيو (حزيران) المقبل». وشدد على أن البيت الأبيض يولي أهمية خاصة لهذه القضية، قائلا: «أتلقى اتصالات كثيرة من البيت الأبيض حول هذه القضية المركزية التي يجب الالتزام بها». وسواء في الشرق الأوسط أو إفريقيا أو باكستان، فالمسؤولون الأميركيين يشددون على معارضتهم للدعم الحكومي للمحروقات والوقود. واعتبر غولدوين أن العامل الأساسي لتحسين توفير الكهرباء في باكستان وغيرها من الدول هو «التوصل إلى السعر الصحيح» للكهرباء وإنهاء الدعم الحكومي لها. وفي ما يخص الشرق الأوسط قال: «على الحكومات أن تقف دعمها للذين يمكنهم دفع تكلفة الكهرباء، وفي الشرق الأوسط أعلى نسب الدعم للمحروقات، ولكن هناك تطورا في مصادر الطاقة المستدامة لأن هناك مخاوف من انخفاض المخزون النفطي». كما أن غولدوين من بين المسؤولين الذين يعملون على تطوير استراتيجية لتخلي دول حول العالم عن الدعم الحكومي للوقود، وتوفير الأموال المصروفة عليها.

وتولي واشنطن أهمية كبيرة في ما يخص الشفافية في توفير المعلومات عن أسواق النفط ومصادر الطاقة. وستكون الشفافية على رأس أجندة غولدوين خلال زيارته إلى إفريقيا قريبا، وبخاصة خلال لقاءاته في نيجيريا.