صندوق النقد: النهوض الاقتصادي غير متساو وهش

مجموعة العشرين تحدد جدولا زمنيا لتبادل مراقبة سياساتها الاقتصادية

متظاهر ينتمي لجماعة «البشر أولا» يدفن رأسه في الرمال للتعبير عن احتجاجه خلال اجتماعات وزراء مالية مجموعة العشرين (رويترز)
TT

حدد وزراء المال في دول مجموعة العشرين خلال اجتماعاتهم أمس، في منتجع سانت أندروز في اسكتلندا، جدولا زمنيا لتبادل مراقبة سياساتهم الاقتصادية.

وقال مسؤول في وفد أوروبي طلب عدم ذكر اسمه «نعم سيكون لدينا جدول زمني». وكانت الدول الصناعية والناشئة في مجموعة العشرين قد قررت خلال قمتها في نهاية سبتمبر (أيلول) في بيتسبرغ (الولايات المتحدة) تعزيز تعاونها إلى درجة القبول بالنظر في الطريقة التي يدير فيها شركاؤها اقتصاداتها. وستطبق عملية المراقبة بمساعدة صندوق النقد الدولي الذي لا يزال دوره في هذا الشأن موضع نقاشات.

وذكر مسؤول في وفد أوروبي آخر في مجموعة العشرين أن بعض الدول الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية لا تؤيد تدخل صندوق النقد في شؤونها الاقتصادية. وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن صندوق النقد ترك انطباعا سيئا في اندونيسيا والأرجنتين خلال مراحل الأزمات. وكلف صندوق النقد في بيتسبرغ مراقبة الخلل في التوازن وتقديم توصيات تتعلق بالسياسة الاقتصادية للدول التي عليها أن تتخذ تدابير تصحيح مناسبة. لكن صلاحيات الصندوق في هذا المجال لم تحدد بعد. وكان وزراء مالية الاقتصادات العشرين الأكبر في العالم (مجموعة الـ20) قد اجتمعوا في منتجع خليج سانت أندروز الأسكوتلندي لاستعراض أوضاع الاقتصاد العالمي وسط مؤشرات على تعاف مؤقت من أكبر أزمة اقتصادية يشهدها العالم في تاريخه المعاصر بعد الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين.

ويأتي الاجتماع قبل قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي المقررة في كوبنهاغن الشهر المقبل. وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن هذا هو اللقاء الثالث لوزراء مالية مجموعة العشرين العام الحالي. وكان زعماء الدول الأعضاء في مجموعة العشرين عقدوا قمة في الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتضم مجموعة العشرين، بالإضافة إلى دول العالم المتقدم مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وفرنسا، عددا من أبرز الاقتصادات الصاعدة مثل الأرجنتين والبرازيل والهند وإندونيسيا والمكسيك وروسيا والصين. وفي الوقت نفسه حض وزير الخزانة البريطاني اليستر دارلينغ وزراء المال في مجموعة العشرين على بذل كل الجهود لتشجيع النهوض الاقتصادي والتفاهم حول مسألة تمويل التغير المناخي الحساسة. وقال دارلينغ: «ينبغي أن نتفاهم لوضع إطار عمل يضمن لنا نموا (اقتصاديا) طيلة السنوات العشر المقبلة»، محذرا من خطورة «عقد من التقشف» في حال لم يتم إحراز أي تقدم.

وعلى صعيد آخر، ذكر يوسف بطرس غالي رئيس لجنة توجيه السياسات في صندوق النقد الدولي أمس أن اجتماع كبار مسؤولي المالية في مجموعة العشرين يجب ألا يتركز على مستويات أسعار الصرف لأنها عرض لمشكلات اقتصادية أساسية وليست سببا لها.

وقال غالي ـ وهو وزير المالية في مصر ويرأس اللجنة النقدية والمالية الدولية ـ إن الضريبة التي تعتزم البرازيل فرضها على تدفقات رأس المال الوافدة من غير المحتمل أن تكون فعالة. وقد حذر صندوق النقد الدولي في تقرير لمجموعة الدول الغنية والناشئة في مجموعة العشرين نشر السبت أن النهوض الاقتصادي «غير متساو» وقد يتراجع. وأوضح الصندوق في هذا التقرير الذي عرض على وزراء مالية وحكام المصارف المركزية في دول مجموعة العشرين أن «الاقتصاد العالمي عاد إلى النمو بعد تدهور كبير. إلا أن النهوض غير متساو ولا يكفي نفسه خصوصا في الاقتصاديات المتطورة». وأضاف أن «خطرا يبقى سائدا هو أن النهوض يتراجع»، داعيا إلى تفادي «تراجع سابق لأوانه لسياسات التوسع النقدية والمالية». وأشارت المؤسسة المالية المتعددة الجنسية إلى حجم هشاشة النظام المالي.

ولفت صندوق النقد الدولي إلى أن «الظروف المالية لا تزال تتحسن، لكنها لا تزال بعيدة عن بلوغ المستوى الطبيعي»، وأن «الأنظمة المصرفية تبقى بحاجة إلى رساميل وتعاني من إرث في أصول متعثرة، وإضافة إلى ذلك، من قروض لا تؤدي دورها».

وفي هذه الظروف، اعتبر صندوق النقد الدولي أن خطرا آخر يكمن من جهة «في ترك الإصلاحات المالية تراوح»، ومن جهة أخرى في أن تواجه دول مجموعة العشرين عجزا ماليا مرتفعا. وكرر صندوق النقد أيضا أن «استراتيجيات الخروج من أزمات العجز المالي يجب أن تكون شفافة وأن يتم استنفادها وأن تكون معلنة بوضوح الآن مع هدف خفض الدين العام إلى مستويات حذرة بحسب جدول زمني محدد بوضوح».

وفي الوقت ذاته، أعلن رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه السبت في ختام اجتماع مجموعة العشرين المالية في سانت أندروز، أن فكرة فرض رسم على التعاملات المالية التي عرضها رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، لم يتم التطرق إليها خلال الاجتماع.