البحرين: انطلاق انتخابات بيت التجار وسط اتهامات مسبقة بشراء الأصوات

2000 توكيل يهيمنون على انتخابات أقدم غرفة خليجية اليوم.. و38 مرشحا يتنافسون على 18 مقعدا

أفنان الزياني («الشرق الأوسط»)
TT

وسط مخاوف من تأثير التوكيلات التجارية على خارطة المجلس الجديد، يتجه أكثر من ثمانية آلاف تاجر بحريني صباح اليوم، إلى مركز الاقتراع لانتخاب مجلس إدارة جديد يتكون من ثمانية عشر عضوا، حيث يتنافس 38 مرشحا، بينهم 3 سيدات، للوصول إلى مجلس إدارة أقدم غرفة تجارية بدول الخليج العربي، في دورتها السابعة والعشرين.

وعلى الرغم من أن النظام الداخلي لانتخابات غرفة البحرين يسمح للوكيل بأن يصوت لعشرة توكيلات في المرة الواحدة، مع حقه في العودة من جديد للتصويت لعشرة آخرين، فإن مخاوف برزت بشكل قوي خلال اليومين الماضيين من الاستخدام المكثف لهذه التوكيلات، خاصة في ظل أنباء أشارت إلى أن هناك أكثر من ألفي توكيل تم توثيقها رسميا خلال الفترة القصيرة الماضية، وبما أن عدد الناخبين الإجمالي يزيد على 8 آلاف ناخب، فعلى الأرجح قضية التوكيلات ستشكل مفاجآت متوقعة في تغيير خارطة الأسماء المرشحة، ببروز أسماء غير بارزة على حساب شخصيات تجارية لامعة.

ويرى مراقبون أن التوكيلات التجارية ليست جديدة على انتخابات هذه الدورة فحسب، لكن اللافت أن استخدامها بدا أكثر من ذي قبل، وهو الأمر الذي يتوقع أن تبرز معه اتهامات بالتزوير وبعدم مصداقية الانتخابات، في الوقت الذي تؤكد المادة 42 من النظام الداخلي للغرفة على أنه «يمثل المؤسسة أو الشركة في التصويت صاحبها أو الشريك أو الكفيل البحريني أو من خول بالتوقيع عنها في سجلات الغرفة»، وهو ما يعني أنه لا يمكن الطعن قانونيا بنتائج الانتخابات، حتى لو تم التأكيد فعليا على أن بعض الأعضاء تمكن من الوصول لمبتغاه عبر الوكالات التجارية.

وكانت لجنة الانتخابات قد أصدرت تعليماتها للجهاز الإداري بالغرفة، بالحرص على الالتزام بضوابط التأكد من صحة التخويلات، وهو ما يتماشى مع الرأي القانوني الخارجي الذي استأنست به اللجنة، الذي خلص إلى أنه لا حاجة إلى وضع ضوابط جديدة للتخويل، وأن المادة 42 واضحة في شأن التخويلات، وإنما الحاجة فقط إلى ضوابط إثبات من صحة التخويل، ويؤكد رئيس لجنة انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين للدورة «27» يوسف صالح الصالح، بأنه متى ما استخدم الأعضاء حقهم بالتصويت بالانتخابات فإن «كل ما يثار حول تأثير الناخبين الذين لديهم عدد كبير من التخويلات يعد عديم الأثر في حالة استعمال أعضاء الغرفة لحقوقهم وانتخابهم للأعضاء الذين يثقون بقدرتهم على التعامل مع الأمور التي تهم جميع القطاعات التجارية وبكافة مستوياتها.

المترشح للانتخابات جواد يوسف الحواج قال، إنه يرفض السير بالعملية الانتخابية إلى ما أسماه مجرى يحرفها عن مسارها الطبيعي ويبعدها عن المنافسة الشريفة، مبديا استيفاءه من لجوء البعض خاصة مع بدء العد التنازلي للانتخابات إلى أساليب لا تليق بمن يريد أن يسهم في قيادة دفة المؤسسة التي تمثل القطاع الخاص.

وتمنى الحواج من الناخبين أن يعوا جيدا هذه الأساليب وأن يمارسوا حقهم في التصويت بناء على قناعاتهم وبرامج المترشحين، مشددا على أهمية الحضور الكثيف للأعضاء لاحتواء تبعات ظاهرة التخويلات التي يثار لغط شديد عليها.

غير أن الفريق الذي يرفض الاستخدام غير القانوني للوكالات، يرى أن استخدامها بهذه الصورة الكثيفة، يدل على أن هناك شراء أصوات عبر هذه الوكالات، ويستند هذا الفريق إلى أنه ومنذ الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات قبل شهرين تقريبا، وحركة تجديد رسوم العضويات للغرفة المجمدة منذ سنوات تسجل نشاطا غير مسبوق على مدار الدورات الانتخابية الماضية، بالإضافة إلى فتح عضويات جديدة بشكل كان لافتا، وهو ما يلقي بشكوك بشأن ما يسميه خصوم التوكيلات التجارية بأنه شراء مكشوف للأصوات الانتخابية.

إلى ذلك، ومع أن المرأة البحرينية سجلت حضورا طاغيا لها في كافة المجالات في بلادها، إلا أنها لا تزال تتعثر في محاولاتها إثبات وجودها بين تجار البحرين، وتحديدا بالوصول إلى مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية، ومن مجموع ثمانية عشر عضوا يتم انتخابهم جميعا في مجلس الإدارة، لاتوجد سوى سيدة واحدة فقط، أمام سبعة عشر رجلا، وهذه السيدة هي سيدة الأعمال أفنان الزياني، التي تسعى هذه المرة بترشيحها مجددا لتسجيل أسمها كأول سيدة بحرينية تنتخب لدورتين، علما أن رئيسة جمعية سيدات الأعمال البحرينيات منى المؤيد، هي أول سيدة أعمال بحرينية تصل إلى عضوية مجلس غرفة البحرين، وذلك في دورة عام 2001. أفنان الزياني، وهي من سلسلة عائلة تجارية كبيرة في البحرين، ومتزوجة من وزير الإعلام الأسبق ومستشار ملك البحرين للشؤون الإعلامية نبيل الحمر، قالت إن ظاهرة التخويلات تعد ظاهرة سلبية في انتخابات غرفة البحرين، مطالبة بتعديل النظام الداخلي للغرفة وقانونها الأساسي من خلال الجمعية العمومية في الدورة المقبلة لسد مختلف أوجه القصور والثغرات. لكن الزياني، تؤكد في الوقت ذاته أن تاريخ غرفة البحرين على مدى 70 عاما، أثبت كيف تعامل قطاع الأعمال مع بعضه البعض «بكل مكوناته وأطيافه وأصوله العرقية يجمعهم حبهم للبحرين ومواطنتهم وحرفيتهم التي تحتم عليهم التكاتف لحماية مصالحهم التي لا تغفل بأي حال المصلحة العامة، فهم أثبتوا أنهم حقا شركاء فاعلون في بناء الوطن، واليوم سيكون امتحانا لنا جميعا نرسم من خلاله مسيرة الغرفة للسنوات الأربع المقبلة».

وعن دور سيدات الأعمال البحرينيات، يقول خالد كانو الرئيس السابق للغرفة، ورئيس الجمعية البحرينية للشركات العائلية، إن دور المرأة البحرينية في الغرفة، «لا أراه بأنه يجب أن يتمثل في انخراط أكبر عدد من سيدات الأعمال في مجلس إدارة الغرفة فقط، وإن كنت أؤيد وأدعم ذلك، إلا أني أراه أيضا يتمثل في المشاركة الفعلية لسيدات الأعمال في انتخابات اليوم، وفي أعمال لجانها وفعالياتها المختلفة لأن دور المرأة يجب أن يكون أكبر مما هو عليه الآن في كل أعمال الغرفة».

ويضيف كانو أن عمل الغرفة في المرحلة المقبلة سيتطلب تغييرا في الأسلوب والطريقة والرؤى والأهداف «في المنحى الذي يأخذ في الاعتبار التحديات والإشكاليات التي قد تشكل ضغوطا جديدة على قطاعات التجارة والأعمال وعلى الغرفة، وذلك عبر تعزيز آليات الغرفة وتبني آليات جديدة أن تلتحم أكثر مع القاعدة، أي مع الأعضاء، وتبني مطالبهم والدفاع عنها، وما دام تعزيز تواصل الغرفة مع أعضائها هو هدف، أعتقد بأن كل المرشحين من دون استثناء يتبنونه.

ولهذا لا بد من دراسة وابتكار آليات جديدة تحقق الهدف»، ويطالب خالد كانو بتشكيل هيئة استشارية للغرفة «تكون عضدا لمجلس الإدارة من شخصيات معروفة بحنكتها وخبرتها تقدم العون والمشورة للغرفة، وبذلك تكون الغرفة قد خلقت جسرا من التواصل مع هذه الشخصيات والفعاليات التجارية والاقتصادية، إلى جانب ما يمكن أن يحقق ذلك من فائدة جراء المشورة».

ولعل الأمر اللافت في انتخابات بيت تجار البحرين، هو أنه وفي الوقت الذي يتم انتخاب جميع أعضاء مجلس الإدارة الثمانية عشر، على خلاف غرف خليجية أخرى تعين الحكومة بعضا من الأعضاء، فإن من تقدم في انتخابات غرفة البحرين لم يتجاوزوا 38 مرشحا، يتنافسون على 18 مقعدا، وهو ما يعني أن فرصة وصول المرشح لا تقل عن 50 في المائة تقريبا، وهي نسبة ربما لا تتكرر في أي انتخابات مماثلة في المنطقة، مع التذكير أن الانتخابات السابقة تنافس عليها 52 مرشحا.

المرشحون الثمانية والثلاثون توزعوا بين التكتلات الانتخابية وبين البقاء مستقلين، فهناك (الكتلة الاقتصادية) و(كتلة بناء المستقبل) فيما آثر 17 مرشحا عدم الانضمام إلى التكتلات والترشح مستقلين. في حين أن هناك 15 عضوا حاليا رشحوا أنفسهم مجددا في هذه الانتخابات، وثلاثة آخرون ارتأوا عدم الترشح مجددا.

ومن الثامنة صباح هذا اليوم وحتى الثامنة مساء، سيتجه الناخبون البحرينيون لصناديق الاقتراع الإلكترونية، لتحديد 18 عضوا يشكلون مجلس الإدارة الجديد، غير أن المراقبين يرون أن إقفال باب الانتخابات مساء اليوم، لن يوقف الجدل حول هذه الانتخابات، التي تعد الأكثر إثارة في تاريخ انتخابات غرفة البحرين طوال سبعين عاما، وعلى وقع الانتخابات التي يصفها البعض بأنها عرس ديمقراطي، فيما يرى آخرون أن هذه الانتخابات تحديدا ستشهد تجاوزات عدة، وسيبدأ الكشف عنها اعتبارا من الإعلان عن نتائجها، الذي يتوقع أن يتم في وقت متأخر من فجر غدا. وأنشأت في البحريـن أول غرفة تجارة في الخليج العربي وذلك في عام 1939، وكانت تعرف آنذاك باسم جمعية التجار العموميين، وظلت بهذا الاسم حتى سنة 1945، حيث أصبح اسمها منذ ذلك الحين غرفة تجارة البحرين. ثم أصبح اسمها «غرفة تجارة وصناعة البحرين» في عام 1967، وتم وضع قانون أساسي ونظام داخلي جديد لها.