«دبي للطيران 2009»: لا صفقات ضخمة.. والشرق الأوسط أقل المتضررين من الأزمة

«إيرباص»: 1400 طائرة بقيمة 243 مليار دولار حاجة الشرق الأوسط حتى عام 2028

معرض «دبي للطيران» في يومه الثاني لا يزال يستقطب كبار صناع قطاع الطيران في العالم (تصوير: عبد المطلب محمد)
TT

دخل معرض «دبي للطيران ـ 2009» يومه الثاني أمس، بينما لا تزال الأرقام الخيالية التي كانت تحلق في سماء المعرض في دوراته السابقة، بعيدة عن الحضور في ثنايا المعرض، وهو الأمر الذي كان متوقعا بسبب تأثيرات الأزمة المالية العالمية، التي مست، وبشكل مباشر، قطاع الطيران، غير أن قطاع الطيران في الشرق الأوسط، يبدو أنه الأقل تضررا بتأثيرات تلك الأزمة.

فعلى الرغم من هدوء الصفقات الذي يهيمن على ثالث أكبر معرض للطيران في العالم، فإن التوقعات العالمية تشير إلى أن قطاع الطيران في الشرق الأوسط سيظل بعيدا، على الأقل بشكل نسبي، عن الضرر الكبير الذي أصاب قطاع الطيران العالمي، حيث من المنتظر أن تحتاج شركات الطيران في الشرق الأوسط ما بين عامي 2009 و2028، إلى أكثر من 1418 طائرة جديدة بقيمة 243 مليار دولار أميركي لتلبية الطلب الذي يفوق المعدل العالمي، بحسب «توقعات (إيرباص) للأسواق العالمية»، وأعلنت أمس على هامش معرض «دبي للطيران».

لكن معرض «دبي للطيران ـ 2009»، لا يزال يحقق مبتغاه في كونه واجهة هامة للزوار من كبار الشخصيات العالمية، بالإضافة إلى عدد من وزراء الدفاع العرب والأجانب الحاضرين إلى المعرض، بالإضافة إلى دخول القطاع الخاص على الخط. وهنا يقول مسؤولون في المعرض إن الهدف الرئيسي للمعرض ليس الإعلان عن الصفقات، بقدر ما هو عرض آخر المستجدات في قطاع الطيران العالمي، وهو ما يفعله بنجاح معرض دبي للطيران في نسخته الحادية عشرة، بحسب المنظمين.

وعودة لتوقعات شركة «إيرباص» الإيجابية عن قطاع الطيران في الشرق الأوسط، فإن العوامل التي ستدفع بهذا الطلب، يتمثل في الاقتصادات الناشئة وتطور شبكات الخطوط الجوية وتوسع شركات الطيران الاقتصادية، إلى جانب التمدن المضطرد وازدياد «المدن العملاقة»، بالإضافة إلى النمو المستمر لحركة المسافرين والحاجة إلى استبدال الطائرات القديمة بأخرى أكثر فعالية من الناحية البيئية.

كما ستنبع الحاجة إلى طائرات أكبر في جميع الفئات والأحجام للحد من ازدحام الطائرات واستيعاب النمو في المسارات الحالية، كما أن الاهتمامات البيئية تضغط بشكل متزايد على شركات الطيران لتأخذ بعين الاعتبار فوائد الطائرات الأكبر حجما، بالأخص ضمن عائلات الطائرات الواحدة للحد من التدريب وتكلفة الصيانة.

وتقول «إيرباص» إن حاجة المنطقة من طائرات الركاب تبلغ 561 طائرة ذات الممر الواحد مثل عائلة «A320»، و668 طائرة ثنائية الممر، بالإضافة إلى 189 طائرة كبيرة جدا مثل «A380». وتضيف الشركة أنه بحلول عام 2028، سينمو أسطول المنطقة من الطائرات بنحو ثلاثة أضعاف، من 586 طائرة ركاب مسجلة بداية عام 2009 إلى 1.681 طائرة، فيما من بين هذه الطائرات الـ586، ستبقى 42 منها في الخدمة. أما بالنسبة إلى الطائرات الأخرى، فسيعاد تدوير 221 واستبدال 323 طائرة قديمة بأخرى جديدة أكثر فعالية من الناحية البيئية.

وتشهد حركة الطيران في الشرق الأوسط نموا مضطردا، ففي إمارتي دبي وأبوظبي وحدهما، ازدادت حركة الطيران بنسبة 234 في المائة أثناء العشرة أعوام الماضية. وترجح المكانة الرائدة للشرق الأوسط كأحد أبرز المقرات العالمية والوجهات السياحية يعزز الطلب على الطائرات، أضف إلى ذلك موقعه الجغرافي الفريد الذي يضعه في متناول 85 في المائة من سكان العالم ضمن رحلة طيران واحدة طويلة المدى. هذه الميزة تشمل الهند والصين، بالإضافة إلى منطقة آسيا التي ستشكل لوحدها ما نسبته 31 في المائة من الطلب على جميع الطائرات خلال العشرين عاما القادمة.

كما تتوقع «إيرباص» نموا مستمرا بـ«المسافة الإجمالية التي يجتازها المسافرون» على المدى البعيد، على الرغم من التأثيرات الدورية. وتتكهن الشركة بأن المنطقة ستحقق نموا سنويا في حركة المسافرين يبلغ 6.4 في المائة خلال العشرة أعوام القادمة، و5.4 في المائة من عام 2019 إلى 2028. هذا يعني معدل نمو سنويا نسبته 5.9 في المائة طوال العشرين عاما القادمة، ما يتخطى بوضوح المعدل العالمي البالغ 4.7 في المائة.

ويقول جون ليهي، رئيس عمليات قسم شؤون العملاء لدى «إيرباص»: «تشمل سوق الطيران في منطقة الشرق الأوسط جميع فئات الطائرات، وهذا بمثابة مقياس لبقية العالم. ستستعيد العجلة الاقتصادية عافيتها من هذه المنطقة، و(إيرباص) مستعدة للاستجابة للطلب مع أكثر الطائرات عصرية وأكثرها فعالية من الناحية البيئية في السوق».

وبحسب شركة «أكسفورد للاقتصاد»، المتخصصة في مجال الاستشارات والتوقعات الاقتصادية، فإنه بعد 20 عاما من الآن، سيساهم النقل الجوي بمبلغ ألف مليار دولار أميركي سنويا في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وسيوظف 8.5 مليون عامل بشكل مباشر حول العالم. أما بالنسبة إلى التأثيرات الإيجابية المباشرة وغير المباشرة على قطاع السياحة، فهي أكبر من ذلك أيضا.

وفي شأن الصفقات التي تبرم على هامش المعرض، وقعت شركة «بوينغ» الأميركية وشركة «مبادلة» للتنمية، الذراع الاستثمارية لحكومة أبوظبي، اتفاقية إطار عمل استراتيجية واسعة النطاق، تعتزم الشركتان من خلالها تطوير وإطلاق مبادرات تحقق منافع متبادلة في المجالات التي تشهد تحالفا استراتيجيا بين الشركتين، بما في ذلك تصنيع المواد المركبة، والأبحاث والتطوير، وصيانة الطائرات التجارية، وعمليات الإصلاح والخدمات الفنية، وصيانة الطائرات العسكرية، وتنمية الموارد البشرية.

وأكدت «بوينغ» و«مبادلة» أن هذا الإعلان يمثل بداية لالتزام مشترك طويل الأجل للمضي قدما بخطط أبوظبي في أن تصبح مركزا عالميا للطيران، الذي يمثل جزءا أساسيا في خطط الإمارة لتعزيز التنوع الاقتصادي. وتشكل الاتفاقية أهمية خاصة بالنسبة لشركة «بوينغ»، في وقت تعمل فيه على توسيع علاقاتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعزيز قاعدتها العالمية للتكنولوجيا والتوريد. وقال حميد الشمري، المدير التنفيذي المساعد لوحدة «مبادلة» لصناعة الطيران: «تقوم استراتيجية (مبادلة) على جعل أبوظبي مركزا عالميا لقطاع الطيران بما يتعلق بأنشطة التصنيع، والصيانة والإصلاح والخدمات الفنية، والتعليم والتدريب. وترتبط شراكتنا مع (بوينغ) بشكل مباشر بهذه الاستراتيجية، وهي تتكامل مع الخطط القائمة، مما سيتيح لنا إمكانية كبيرة لتطوير فرص تعود بالمنفعة المتبادلة للطرفين». وقالت شركة «دبي لصناعات الطيران»، المملوكة للدولة، إنها طلبت شراء محركات بقيمة 270 مليون دولار من «سي إف إم إنترناشيونال»، المشروع مشترك بين «جنرال إلكتريك» الأميركية، ومجموعة الدفاع والأمن والفضاء الفرنسية (سافران)، لتشغيل 20 طائرة «إيرباص» من نوع «إيه 320».

والطائرات جزء من طلبية تشمل 70 طائرة أعلنتها «دبي لصناعات الطيران»، المتخصصة في تأجير الطائرات في يوليو (تموز) الماضي، وقالت الشركة إن من المقرر تسليم طلبية المحركات في مطلع 2011.

وكانت «دبي لصناعات الطيران» قد قالت، أول من أمس، إنها توصلت لاتفاق قيمته 340 مليون دولار مع «إنترناشيونال ايرو انجنز» وهو كونسورتيوم تقوده شركتا «رولز رويس»، و«برات آند ويتني» لتوفير محركات لتشغيل 20 طائرة «إيرباص إيه 320».

ومن ضمن الإعلانات التي كشف عنها أمس أيضا، وقعت «فلاي دبي»، أول ناقلة اقتصادية في دبي، اتفاقيتي تمويل طائرات بقيمة إجمالية قدرها 160 مليون دولار أميركي، وتغطي هاتان الاتفاقيتان تمويل أول طائرتين تسلمتهما «فلاي دبي» في مايو (أيار) من العام الحالي، إضافة إلى ضمان استمرار التمويل اللازم لكل الطائرات الست المقرر أن تتسلمها الناقلة نهاية العام الحالي. وقد قامت «فلاي دبي» بتوقيع الاتفاقية الأولى مع شركة «مكاري» لتمويل الطائرات بقيمة إجمالية قدرها 80 مليون دولار، وهي اتفاقية متوسطة الأجل لبيع وتأجير الطائرات، وتعتبر مماثلة لتلك الاتفاقية التي تم توقيعها في وقت سابق من العام الحالي مع شركة «جنرال إلكتريك لخدمات الطيران».

أما الاتفاقية الثانية فكانت مع «بنك دبي الإسلامي»، وتشكل أول تمويل لـ«فلاي دبي» من داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيمة إجمالية قدرها 80 مليون دولار أيضا ولمدة خمس سنوات، كما تعد هذه الاتفاقية أول تمويل إسلامي (بنظام إيجارة) لـ«فلاي دبي».وفي الوقت نفسه وقعت الخطوط الجوية اليمنية مذكرة تفاهم لشراء عشر طائرات «إيرباص» من عائلة «A320». وستستخدم الطائرات لتعزيز وتوسيع خدمات اليمنية في المسارات الإقليمية والأفريقية والهندية والأوروبية.

ويتضمن أسطول الخطوط الجوية اليمنية طائرتي «إيرباص A330 ـ 200» وثلاث طائرات «إيرباص A310». وتسير اليمنية أسطولا من الطائرات طويلة المدى ـ يتخذ من مدينتي صنعاء وعدن مقرا له ـ إلى مقاصد في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.

كما أتمت مجموعة «جيت إير» الجورجية، أولى صفقاتها لبيع منتج مبتكر يحمي خزانات الوقود الاحتياطية من الاشتعال. وكانت مجموعة «دلة البركة» السعودية، أول من تسلم منتج «جيت إير» الذي يمتاز بقدرته على خفض تكاليف طائرات النقل التي يتعين عليها الالتزام بأحكام إدارة الطيران الفيدرالي لجهة استخدام هذا النوع من المعدات بدءا من 16 ديسمبر (كانون الأول) 2009.